هكذا يتصور أو يعتقد العديد من المقبلين والمقبلات على الزواج فى مختلف الأوساط والطبقات الاجتماعية - إلا من رحم ربى - نتيجة حالة الشحن والتعبئة السلبية التى صنعتها السينما المصرية على مدار عقود طويلة ابتلينا خلالها بمجموعة من الأفلام الشهيرة التى كان لها عظيم الأثر فى خلق نوع من العداوة والكره المسبق غير المسبب بين زوجة الابن وحماتها أو بين زوج الابنة وحماته، حيث بالغ كل من ساهم فى خروج هذه الأفلام بهذه الصورة الشديدة القتامة والتشويه للواقع فى إظهار الحماة دائماً باعتبارها حرباء أو حية فى هيئة مرأة شريرة، قاسية وغليظة القلب وسليطة اللسان، وضيقة الأفق والعقل، لا عمل لها سوى إحداث وقيعة وفتنة بين الزوجين ليتناحرا باستمرار بسبب أو بدون سبب فيكره كل منهما الآخر مع مرور الوقت بعد الشعور بالضيق والملل من كثرة المشكلات التى تجعل حياتهما جحيماً فى كثير من الأحيان فيلعن أحدهما أو كلاهما اللحظة التى تعارفا فيها، الأمر الذى غالباً ما ينتهى بالطلاق وهدم عش الزوجية على رؤوس الأبناء الذين لا ناقة لهم ولا جمل ولا ذنب لهم سوى أنهم حاملون لاسمى والديهما فى شهادات الميلاد!.. بالطبع ليست الأعمال الفنية بشتى صورها هى المسئولة بشكل كامل عن حدوث فجوة واسعة بين الكثير من الأزواج والزوجات وحماواتهم – وإن كانت هذه الأعمال من الدعائم والركائز التى أصلت وعمقت مثل هذه الأفكار المشوهة الظالمة فى حالات كثيرة – وإنما هناك من الأسر – خاصة أسر الزوجات- تقوم بدايةً من فترة الخِطبة بهذا الدور الشيطانى عن طريق شحن الفتاة ضد حماتها وتحريضها على عدم خدمتها والتعامل معها بنِدّية وغطرسة دون اعتبار لفارق السن والخبرة!، متصورين بذلك أنهم يحصِّنونها ضد المشكلات والصراعات، ويجعلون منها شخصية قوية مستقلة يهابها الكبير قبل الصغير، متناسين أن المقصودة بمثل هذه التصرفات الشائنة هى سبب وجود الزوج التى حملته وسهرت لرعايته حينما كان طفلاً، حيث ربته وعلمته ووقفت بجواره إلى أن صار رجلاً، وبموجب الفطرة وتطبيقاً للسنة تزوج من ابنتهم بهدف تعمير الأرض والنسل واستكمال مشوار حياته كما فعل آباؤنا الأولون!.. نعم، هناك الكثير من الحماوات يصعب تحملهن لفظاظة طباعهن أو غيرتهم المرضية والقاتلة على أبنائهن التى غالباً ما تتعسهم وتدمر حاضرهم ومستقبلهم، وفى هذه الحالة يكون الحرص فى التعامل معهن مطلوباً، والخضوع لتنفيذ بعض رغباتهن مستحباً – حتى وإن كانت هناك صعوبة فى تنفيذها- وذلك ابتغاء مرضاة الله ثم مرضاة الزوج الذى يصبح بسبب كثرة المشكلات فى ورطة وحيرة بين رضا الحبيبتين - الأم والزوجة- حيث تكون المفاضلة صعبة جداً خاصة مع وجود الأبناء الذين دائماً ما يكونون نقطة ضعف الزوج أو الزوجة فيتحملان كل الصعاب والضغوط من أجلهم مما يؤثر على صحتهما الجسدية والنفسية سلباً.. ولكن وعلى الجانب الآخر هناك من الأزواج مَن هم قصيرو النَفَس وسريعو الإحباط واليأس، يلجأون إلى الطلاق إرضاء لأمهاتهم وهروباً من واقعهم الأليم، غير أن الكثير من هؤلاء سريعاً ما يندمون ويدخلون فى حالات نفسية سيئة تفقدهم القدرة على مواصلة حياتهم مع زوجات أخريات بشكل سوىّ.. ولهذا أناشد كل القائمين على الفن فى مصر سواء كانوا كتاباً أو مخرجين أو ممثلين أن يتقوا الله فى الأسر المصرية ويكفوا عن إشعال الحرائق داخل بيوتنا بمثل هذه الأعمال المخربة التى يطرحونها فى قوالب ضاحكة أحياناً بزعم الترفيه والترويح، لأنها جد خطيرة تهدم لا تبنى وتصنع أجواء مضطربة وصاخبة يستحيل تحملها خصوصاً مع الضغوط والأعباء المعيشية الكثيرة الأخرى..، لا بد أن يتم تقديم الحماة باعتبارها أماً للزوجين تغمرهما بحنانها ورعايتها لحمايتهما ومساعدتهما على تحمل ظروف الحياة حفاظاً على سلامة الأحفاد الذين هم أول من يدفعون الثمن غاليا!.