مع مرور اليوم الخامس عشر للحرب الإسرائيلية على غزة، والتى أسقطت أكثر من 800 قتيل و3300 جريح، وضع الخبراء والمراقبون 3 سيناريوهات لانهاء الحرب، أولها: أن تقرر الحكومة الإسرائيلية إنهاء الحرب بنفسها بعد التكلفة الاقتصادية والعسكرية المرتفعة، والتى بلغت 2.5 مليون شيكل فى اليوم إلى جانب استدعاء عدد كبير من قوات الاحتياط بلغ 6700 جندى فى اليوم الثانى للحرب و1200 جندى فى اليوم الخامس منه. السيناريو الأول د.عماد جاد رئيس تحرير مجلة شئون إسرائيلية بمركز الأهرام الاستراتيجى، أشار إلى احتمال أن تدرك إسرائيل أن احتلالها مناطق فى قطاع غزة حتى وإن كان مؤقتاً, يثير خطر غرق الجيش الإسرائيلى فى مستنقع غزة فى معركة ضد مسلحين (حروب عصابات) يملكون دعماً شعبياً قوياً. وأضاف جاد أن التحدى الذى ستواجهه القوات الإسرائيلية فى غزة يطغى عليه شبح حرب صيف 2006 ضد حزب الله فى لبنان، عندما واجه الجيش الإسرائيلى قوات مدربة بشكل ممتاز ومتمرسة فى حرب الشوارع. وهو نفس الأمر الذى حذر منه رئيس جهاز شين بيت (الأمن الداخلى) يوفال ديسكين من أن الجيش سيواجه صواريخ متطورة مضادة للدروع وألغاماً ومكامن وخنادق ومواقع شديدة التحصين يتولاها ناشطون ومقاتلون تلقوا تدريبات قوية. السيناريو الثانى السيناريو الثانى لإنهاء الحرب فى يد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خاصة فى ظل توالى الضغوط الدولية عليها، والتى تتهمها بأنها السبب الرئيسى فى تلك الحرب بعد اختراقها للهدنة، وهو ما قد يكون سبباً فى إعلان وقف الحرب وقبول الشروط الإسرائيلية والدولية فى هذا المجال، خاصة مع تزايد الخسائر البشرية للمعركة، لكن هذا السيناريو يستبعده د.معتز بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، موضحاً أن حماس هى الرابح الأساسى من هذه المعركة، وستخرج قوية سياسياً كما حدث مع حزب الله فى حرب تموز 2006. حتى هذه اللحظة، لم تقدِّم قيادة حماس تفسيراً واضحاً لِما يمكن أن تخرج به من هذه المعركة الحامية الوطيس. وقد انحصر حديثها فى صمود المقاومة وعدم رُضوخها واستسلامها، وأن ما يحدث، حسب إسماعيل هنية رئيس وزراء الحكومة المقالة، إنما هو معركة "الفرقان"، التى يتوجّب انتظار نتائجها وليس استعجالها، لكن المعلومات المتوفرة من وجهة نظر عبد الفتاح والتصريحات المحدودة الواضحة لعدد قليل من مسئولى حماس والمقرّبين منهم، تشير إلى سعى الحركة لإبرام اتفاق هدنة جديد، بشكل يضمن فتح معبر رفح أمام الفلسطينيين. وهو الذى سيدفعها فى نهاية المطاف للتوقف عن إطلاق الصورايخ والدخول فى هدنة، مقابل فتح معبر رفح وتخفيف الحصار وتشكيل حكومة جديدة والدخول فى حوار جديد مع حركة فتح. ويشير ضياء رشوان خبير الحركات الإسلامية إلى أن التأييد الشعبى الواسع، الذى حظيت به حماس مؤخراً بعد اندلاع المعركة، كفيل بأن يحول مجرد القبول بمثل هذه التّهدئة، مقابل هذا الثمن الباهظ فى الأرواح ومعاناة الناس، إلى انتصار جديد للمقاومة. السيناريو الثالث المبادرات الدولية المختلفة، هى السيناريو الثالث والأخير لتضع الحرب أوزارها، وأهمها المبادرة المصرية التى تنص على: ضرورة قبول إسرائيل والفصائل الفلسطينية بوقف فورى لإطلاق النار لفترة محددة، دعوة مصر إسرائيل والجانب الفلسطينى لاجتماع عاجل من أجل التوصل للترتيبات والضمانات الكفيلة بعدم تكرار التصعيد الراهن ومعالجة مسبباته، بما يضمن إعادة فتح المعابر ورفع الحصار، وأخيراً دعوة السلطة الوطنية وكافة الفصائل للتجاوب مع الجهود المصرية لتحقيق الوفاق الفلسطينى. خاصة وأن المبادرة المصرية حظيت بتأييد عربى ودولى، وهو الأمر الذى ساهم فيه شخصيات دولية مثل الرئيس الفرنسى ساركوزى كما شهدت ترحيباً إسرائيلياً. د.عمرو حمزاوى كبير الباحثين بمعهد كارنيجى للسلام بواشنطن، اعتبر المبادرة المصرية أهم سيناريوهات وقف الحرب، وذلك على الرغم من أن هناك عدداً من المبادرات الدولية الأخرى أهمها المبادرة العربية والمبادرة التركية والمبادرة الفرنسية، وأخيراً المبادرة الأمريكية. إلا أن "المصرية" راعت شروط الطرفين ولم تتجنى على حماس، بل وحرصت على أن تنص صراحة على فتح المعابر حتى لا يكون ذلك مبرراً لأحد لأن يلقى اللوم على الجانب المصرى، ويعتبرها "مشتركة فى حصار الشعب الفلسطينى ومعاناته" حسبما ذكر حمزاوى.