فتح الكاتب البريطانى الشهير روبرت فيسك مجددا قضية العقيد محمد الغنام الضابط المصرى المعتقل فى سويسرا منذ أكثر من ست سنوات دون محاكمة، بعد أن اتهمته السلطات الأمنية السويسرية بالابتزاز، وتحدث فيسك عن الغنام والذى عارض نظام الرئيس السابق حسنى مبارك نتيجة للتمييز الذى شهده عهده ضد الأقباط المسيحيين فى مصر، وكذلك للفساد الذى ضرب كافة القطاعات الحكومية، بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان التى ارتكبها نظامه القمعى، إلا أن معارضته لنظام مبارك كانت سببا رئيسيا لطلبه اللجوء السياسى إلى سويسرا. واعتبر فيسك فى مقاله بصحيفة الإندبندنت البريطانية، أن الغنام أحد أبطال الثورة المصرية التى أطاحت بنظام مبارك، خاصة أنه كان الشرطى الأول فى مصر الذى يثور ضد السياسات القمعية التى مارستها وزارة الداخلية فى مصر فى عهد الرئيس السابق، إلا أن السلطات الأمنية فى سويسرا قد اتهمته بالتورط فى هجوم جنيف الذى لم يحدث قط باعتباره أحد الإسلاميين المخربين، مضيفا أن الضابط المصرى يقبع الآن بأحد السجون فى جنيف، رافضا تماما للحديث مع أى شخص ومن بينهم محاميه الشخصى، ونقل عن الحقوقى "بيير باينت" قوله فى تصريح أدلى به حول القضية إن الغنام يحتفظ بالعديد من الأوراق التى كتبها بنفسه حول قضيته فى زنزانته بالسجن، إلا أنه لا يتحدث إلى أى شخص، ودائما يجلس على سريره مغمض العينين، حتى أنه عندما أخبره الأطباء بقيام الثورة فى مصر لم يرد عليهم ولم يبد أى انطباعات حول هذا الشأن. وأضاف فيسك أن السلطات السويسرية قد منحت الغنام لجوءا مؤقتا إلى أراضيها عام 2001، إلا أن البوليس السرى فى سويسرا كان يحاول الضغط عليه من أجل اختراق الجالية العربية بجنيف وما اعتبروه من عناصر تنظيم القاعدة هناك، إلا أنه قد رفض الاستجابة لذلك المطلب، وهو ما أدى إلى قيام السلطات السويسرية بتهديده، مؤكدا أنه لم يسمع شيئا جديدا عن هذا الأمر حتى عام 2008، أى بعد القبض على الضابط المصرى بعام كامل، حين تحدث إليه أخوه "على" والذى أكد له أن السلطات السويسرية قد رفضت السماح له بمقابلة أخيه، معربا عن قلقه حول الموقف بشكل عام، مبديا تشككه فى وفاة أخيه محمد. وأضاف الكاتب الشهير أن السلطات السويسرية قد اتخذت قرارها بسجن الضابط المصرى نتيجة اتهامه بكتابة مقال على الإنترنت قامت بنشره عدد من المواقع الإسلامية حول أن سويسرا هى أحد أشد أعداء الإسلام فى العالم نتيجة لتأييدها للغزو الأمريكى للعراق، ودعمها للنظام المصرى الذى كان يرأسه مبارك آنذاك، بالإضافة إلى محاولتها لاختراق الجالية الإسلامية التى تعيش فى سويسرا. وأوضح فيسك أنه عندما تساءلت مجموعة من خبراء الأممالمتحدة حول أسباب اعتقال الضابط المصرى، أجابت السلطات السويسرية أنهم قد اتخذوا قرارهم لأنهم اعتبروه "فى غاية الخطورة"، وهنا تساءل الكاتب البريطانى كيف يكتب الغنام الذى عارض سياسة التمييز التى انتهجها نظام مبارك ضد الأقباط فى مصر مثل هذه المقالة التى تم نشرها بحق الدولة التى منحته اللجوء السياسى. وأوضح الكاتب البريطانى الشهير أنه لا مجال للشك أن جهاز الاستخبارات السويسرية قد كان له دور كبير فى قضية الضابط المصرى خاصة أنهم قد حاولوا توظيفه لاختراق الجالية المسلمة التى تقيم فى جنيف لخدمة أهداف لها، ففى عام 2005 قد أكد غانم أن السلطات السويسرية قد طالبته بالتجسس على أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ويدعى هانى رمضان والذى كان يقود أحد المراكز الإسلامية فى جنيف، إلا أنه رفض ذلك تماما، وبعد عامين من ذلك الحدث، قام البرلمان السويسرى بالتحقيق فى العملية الاستخباراتية "ممفيس" والتى استهدفت رمضان من خلال معرفة اتصالاته والبحث عن المعلومات المتعلقة به. وفى فبراير 2005 اتهمت السلطات السويسرية الضابط المصرى بالهجوم على أحد الصوماليين بالحرم الجامعى فى جنيف، إلا أن غانم قد أكد أنه لم يفعل ذلك وأن الشاب الصومالى كان عنيفا جدا فى التعامل معه حتى أنه قد هاجمه بسلاح أبيض، وبالرغم من ذلك فإن غانم قد تم حبسه لعدة شهور، رغم أن الشاب الصومالى قد اعترف أن الضابط المصرى لم يمسه، وأوضح روبرت فيسك أن جهاز الاستخبارات السويسرية قد رأى أن الغنام تهديد للأمن السويسرى وأنه يمثل خطرا على عدد من الشخصيات القيادية فى الدولة هناك، ووصفته كذلك بأنه شخص عنيف يهدد الأمن الداخلى والخارجى للدولة هناك. وأكد المحامى باينت أن السلطات السويسرية قد تفكر الآن فى ترحيل الضابط المصرى إلا أنه من الصعب أن تقوم دولة أخرى بمنحه اللجوء السياسى بعد الادعاءات التى تبنتها الحكومة السويسرية بحقه لذا فمن الممكن إعادته إلى مصر مرة أخرى، وهنا تساءل المحامى الحقوقى هل سيكون الغنام آمنا على نفسه فى القاهرة.