كشف الكاتب والمحلل السياسى روبرت فيسك فى مقال بصحيفة الاندبندنت البريطانية أمس، عن تفاصيل اختفاء ضابط سابق بوزارة الداخلية المصرية يدعى محمد الغانم، فى مدينة جنيف فى سويسرا، ليتبين أنه معتقل فى أحد السجون السويسرية دون محاكمة. وكتب فيسك أنه التقى الغانم فى القاهرة منذ تسع سنوات، حيث كان مفصولا لتوه من منصبه، وكان يعانى «مشكلات صغيرة». وبحسب فيسك، منع الغانم من مغادرة مصر عدة مرات، حيث كان رجال الشرطة فى المطار يختمون على جواز سفره بختم الخروج ثم يخبره الضباط بعد ذلك بأنه ممنوع من السفر. وأشار فيسك إلى أن الغانم كان وقت لقائهما الذى حدث فى 2001 يروج للديمقراطية ومناصرة حقوق الأقباط والتصدى لانتهاكات حقوق الإنسان والفساد الحكومى، والمحسوبية، والاتهامات التى توجه للصحفيين، ووقائع التعذيب التى تشهدها السجون المصرية. ويوضح فيسك خلفية الغانم الذى حصل على دكتوراه فى القانون من جامعة روما ونشر بعدها كتابا بعنوان «القانون والإرهاب» فى العام 1991، وكان يدير صندوق تأمين الشرطة كما ترأس إدارة الشئون القانونية بوزارة الداخلية. ونشر فيسك فى حينها تقريرا مطولا عن الغانم مع صورة له باعتباره «رجلا شجاعا»، إلا أن الاتصال انقطع بينهما بعدها. لكن الغانم اتصل به بعد عام من جنيف ليخبره أن سويسرا منحته حق اللجوء السياسى بصفة مؤقتة، بحسب فيسك. وفى العام 2003 اتصل مرة أخرى من بيروت بفيسك ليخبره أن الشرطة السرية السويسرية طلبت منه اختراق القاعدة والمجتمع العربى فى سويسرا؛ وهو ما رفضه الغانم. ويتابع الكاتب البريطانى أن الغانم تورط فى كتابة مقال فى العام 2005، زعم فيه أن سويسرا كانت الأحقر بين أعداء الإسلام، بسبب دعمها للاحتلال الأمريكى للعراق، ودعمها للنظام المصرى، وممارستها لضغوط على تركيا لأن حكومتها صارت «نصف إسلامية»، وقال الغانم بحسب فيسك إن سويسرا جزء من «المعاهدة الدولية للصليب» وأنها حاولت اختراق المجتمع الإسلامى للحصول على معلومات «استخبارية». وأوضح فيسك أن المقال نشر فى مواقع جهادية، وهو ما أغضب السلطات السويسرية، لأنه اشتمل على عبارات مثل «سوف ننتقم، وعندما نضرب ضربتنا الكبرى». وقد أبلغت السلطات السويسرية خبراء الأممالمتحدة فى مجال «الاختفاء الطوعى والقسرى» أنها اعتقلته فى 2007 بسبب «خطورته»، وذلك كما جاء فى النسخة الانجليزية من التقرير السويسرى للأمم المتحدة، بحسب رواية فيسك. وبعد عام اتصل شقيق الغانم ويدعى على بروبرت فيسك فى بيروت من محل إقامته فى واشنطن، ليخبره أن شقيقه محمد اختفى، وأنه محتجز فى سجن سويسرى، وأنه أى محمد الغانم لا يرغب فى الحديث إلى شقيقه. وأوضح فيسك أن الأممالمتحدة تدخلت لدى السلطات السويسرية لمعرفة مكان احتجاز الغانم، الذى كشفت سويسرا أنها تحتجزه فى سجن «ذا تشامب دلون» على يد دائرة الاتهام فى كانتون جنيف فى 12 مارس 2007، وأنه مازال محتجزا هناك حتى الآن دون توجيه أى تهمة. ويتساءل فيسك فى نهاية مقاله: «لم يحتجز الغانم؟ وهل هو حقا من كتب المقال الذى نقلنا مقتطفات منه؟ وهو من كان يناصر حقوق الأقباط عندما التقاه فى العام 2007.