روايح الزمن الجميل.. حكاية أغنية "تم البدر بدرى".. شجون نهاية شهر رمضان الكريم تتزامن مع رحيل شريفة فاضل

يأتى رمضان هذا العام وقد رحلت عن عالمنا الفنانة الكبيرة شريفة فاضل أم البطل وصاحبة أشهر أغنية فى وداع شهر رمضان الكريم.. «تم البدر بدرى والأيام بتجرى والله لسه بدرى يا شهر الصيام»، تلك الأغنية التى تثير الشجون بقرب انتهاء شهر رمضان وتثير الشجون بغياب حبيب رحل قبل أن يشبع منه أحبابه، وبانتهاء أيام جميلة تحمل أجمل الذكريات، رحلت أم البطل فى 5 مارس الماضى قبل أن يهل علينا شهر رمضان الذى يتردد صوتها دائما فى أواخر أيامه لتعبر ويعبر الملايين عن حزنهم لوداعه، وها هى قد ودعت الحياة قبل أن تشهد قدومه ووداعه هذا العام.

وقبل رحيلها كانت الفنانة الكبيرة شريفة فاضل تستمع فى رمضان إلى أغنيتها الشهيرة «تم البدر بدرى».. وتنساب الدموع من عينيها وهى تودع الشهر الكريم، وتتذكر أحبابها الذين رحلوا مبكرا ومنهم ابنها البطل الشهيد الطيار سيد السيد بدير، الذى استشهد فى حرب الاستنزاف، فترجمت مشاعر كل أمهات الأبطال فى أغنيتها الشهيرة «أم البطل» التى غنتها بدمها ودموعها.

شريفة فاضل التى رحلت وتركت رصيدا من الأغانى جعلها حاضرة دائما فى كل المناسبات الوطنية والدينية والاجتماعية، وستظل حاضرة رغم غيابها فى شهر رمضان يتذكرها الجميع بأغنيتها الشهيرة «تم البدر بدرى»، تلك الأغنية التى لحنها الملحن الكبير عبدالعظيم محمد وكتب كلماتها الشاعر الصوفى الكبير عبدالفتاح مصطفى.

وكانت الفنانة الكبيرة شريفة فاضل تفخر وتعتز اعتزازا شديدا بهذه الأغنية، وفى حوار ل«اليوم السابع» قبل رحيلها تحدثت الفنانة الكبيرة عن هذه الأغنية مؤكدة أنها لم تحصل على مقابل نظير غنائها، لأن وجود أغنية لها فى شهر رمضان يرددها الناس أمر يسعدها ولا يضاهيه أى مقابل مادى، وأضافت أنها وقت غنائها لهذه الأغنية كانت مطربة جديدة، وكانت الإذاعة هى التى توزع الأغانى على الفنانين، فكانت من نصيبها بالصدفة لتظل هذه الأغنية بلا منافس فى وداع شهر رمضان.

وأكدت سلطانة الطرب ل«اليوم السابع»، أنها كانت تحرص أن يكون لها أغنية فى شهر رمضان، فكتب كلماتها الشاعر عبدالفتاح مصطفى ولحنها الملحن عبدالعظيم محمد، ورفضت الحصول على أجر مقابل غنائها، قائلة: «كان كفاية عندى يكون ليا أغنية تتذاع فى شهر رمضان، والحمد لله إن الناس لسه بيغنوها حتى لو مش عارفين اسم اللى غنتها».

وعن كواليس هذه الأغنية قالت إيمان عبدالعظيم محمد، ابنة الملحن الكبير عبدالعظيم محمد، ل«اليوم السابع»: «تم وضع هذه الأغنية فى بداية الستينيات حيث كلف الإذاعى الكبير حسن الشجاعى والدى بعمل لحن لهذه الكلمات التى كتبها صديقه الشاعر الكبير عبدالفتاح مصطفى والذى تربطه بوالدى علاقة صداقة قوية وتعاونا فى العديد من الأعمال الغنائية الدينية ومنها أغانى فيلم الشيماء».

وتابعت ابنة الموسيقار عبدالعظيم محمد: «والدى أعد اللحن وأسمعه للشاعر عبدالفتاح مصطفى، ولكن عندما سمعه الشاعر الكبير قال لوالدى إن اللحن ليس على المستوى المطلوب وأنه «مش منور»، ولكن والدى أقنعه بأن هذا اللحن مناسب لهذه المناسبة وأنه سيذاع فى شهر رمضان عام أو اثنين فقط».
وأوضحت: والدى قال لى كنت فاكر إن اللحن ده هيتذاع موسم أو اثنين وهيروح عليه ويتنسى، ولكن على العكس بقى هذا اللحن وعاش لأجيال، وكان والدى لآخر حياته لا يصدق أن يعيش هذا اللحن ويحقق كل هذا النجاح عبر الأجيال.

وأضافت إيمان عبدالعظيم محمد: فى آخر حياة والدى وحين تم تكريمه من نقابة الموسيقيين، قال الأستاذ منير الوسيمى وهو يقدمه فى التكريم: الملحن عبدالعظيم محمد هو الذى وضع موسيقى أغنية تم البدر بدرى، وقال والدى: كل شغلى ده والذى يتجاوز 3 آلاف لحن لم يتذكر منها سوى تم البدر بدرى، ثم قال: وماله طالما استمر اللحن طوال هذه السنوات يبقى يستاهل إنى أتعرف بيه، وأكدت ابنة الملحن الكبير قائلة: «كان يعتز أبى بهذا اللحن وبألحان أغانى فيلم الشيماء».

يذكر أن الموسيقار العبقرى عبدالعظيم محمد لحن لمشاهير الطرب عددا من أشهر أغانيهم، ومنها رائعة محمد رشدى «يا ليلة ما جانى الغالى»، وعشرات الروائع التى غناها محمد قنديل الذى لحن له عبدالعظيم محمد ما يقرب من 100 أغنية، ومنها «ماشى كلامك على عينى»، كما غنى من ألحانه عبدالحليم حافظ أغنية الفنارة، ومحرّم فؤاد «زى ما أكون عطشان»، وفايزة أحمد «دوبنى دوب»، ونجاح سلام «بالسلامة يا حبيبى بالسلامة»، فضلا عن عشرات الأدعية الدينية فى رمضان، وتترات وأغانى المسلسلات، وأهمها أغانى فيلم الشيماء.

وكشف الشاعر عبدالفتاح مصطفى فى أحد حواراته الصحفية كواليس الأغنية قائلا: «حاولت تجسيد مشاعر الحزن التى تصيبنا بوداع شهر رمضان بطقوسه المحببة، فجلست يوما لكتابة تلك الكلمات، التى قدمتها للإذاعة، فاقترحوا أن تغنيها المطربة شريفة فاضل، التى تحمست لها فقام الموسيقار عبدالعظيم محمد بتلحينها فى يومين فقط».