أكد التقرير السنوى لأداء البورصة فى 2008، أن هذا العام كان عامًا عصيبًا على الاقتصاد العالمى، حيث استهل العالم العام بأزمة حادة فى الغذاء واجهت الاقتصاديات النامية والمتطورة، واختتم العالم العام 2008 بأزمة مالية تعتبر واحدة من أسوأ الأزمات فى التاريخ الاقتصادى الحديث، تكبدت خلالها أسواق المال العالمية خسائر بلغت تريليونات الدولارات خلال أسابيع معدودة، وبالرغم من تحرك الدول الكبرى لمواجهة الأزمة إلا أنه بات من المؤكد دخول الاقتصاديات الكبرى فى مرحلة ركود خلال الفترة القادمة بعد إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية واليابان وإنجلترا وباقى الاقتصاد القائدة فى العالم دخولهم فى مرحلة ركود اقتصادى. وبالنسبة للسوق المصرى فقد واجهت مصر الأزمة المالية العالمية باقتصاد قوى بعد أربعة أعوام من الإصلاحات الاقتصادية المكثفة التى قامت بها الحكومة منذ 2004، وبالرغم من ذل – وكسائر دول العالم - فإنه من المتوقع أن يتأثر الاقتصاد المصرى بالأزمة المالية العالمية نتيجة انخفاض التجارة والطلب العالمى. وأسهمت الإصلاحات الاقتصادية التى قامت بها الحكومة على مدار الأربعة أعوام الأخيرة فى تقوية روافد الاقتصاد المصرى وجعله أكثر مرونة وقدرة على مواجهة تبعات الأزمة الاقتصادية، حيث نجح فى تحقيق معدلات نمو تجاوزت حاجز 7% خلال العامين الأخيرين، فضلا عن الوضع القوى لميزان المدفوعات المدعوم بنمو الصادرات وعوائد السياحة، بالإضافة إلى الطفرة التى شهدتها تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر والتى سجلت أكبر مستوى تدفقات فى شمال أفريقيا، الأمر الذى سوف يساعد على تقوية دور الاقتصاد المصرى فى مواجهة تداعيات الأزمة العالمية. وفى محاولة لمواجهة واحتواء أثار الركود الاقتصادى العالمى على أداء الاقتصاد المصرى، فقد اتخذت الحكومة حزمة من الإجراءات التى تستهدف تنشيط الاقتصاد والحفاظ على معدلات نمو وتشغيل مقبولة، حيث تستهدف الحكومة الحفاظ على معدلات نمو تدور حول 5% من خلال الاستمرار فى تشجيع الاستثمارات والاستفادة من الحجم السكانى الكبير الذى تتمتع به مصر ومستويات الطلب العالية لديهم والتى ستساعد فى الحفاظ على الطلب المحلى قويًا خلال فترة الأزمة. من جانب آخر فإن الأزمة العالمية قد أسهمت فى انخفاض الأسعار العالمية وبالتالى سيتراجع حجم الضغوط التضخمية التى واجهت السوق المصرى خلال الفترة الماضية ويساعد فى تقوية الطلب المحلى. وتركز الحكومة فى الفترة الحالية على دعم الصادرات المصرية وزيادة تنافسيتها، بالإضافة إلى العمل على توفير التمويل اللازم لقطاع الشركات المتوسطة والصغيرة التى يعول العالم عليها الأمل فى مواجهة الأزمة العالمية، وفى هذا السياق فقد قرر البنك المر كزى المصرى إعفاء البنوك من نسبة الاحتياطى (14 %) على قروضها للشركات الصغيرة والمتوسطة، وذلك لدفع هذه المشروعات للاستمرار فى التنمية ومواجهة تداعيات الأزمة المالية. كما قامت الحكومة بتخصيص 15 مليار جنيه لزيادة الإنفاق العام والمشاركة فى تحمل عبء الرسوم الجمركية على المواد الوسيطة والسلع الرأسمالية، فيما يساعد على تخفيض تكلفة الإنتاج وتنشيط الاقتصاد المصرى. وقال التقرير إن السوق المصرى لم يكن بمعزل عن التطورات التى شهدها العالم، فجميع أسواق العالم بلا استثناء عانت من انتشار سريع لحالة الذعر إلى المستثمرين فيها، حيث أنهى السوق العام على خسارة بلغت 56%، وسط تراجعات مماثلة للأسواق العربية والناشئة القائدة، بل وتجاوزت الخسائر ذلك فى العديد من الدول، حيث سجلت كل من الهند وتركيا وروسيا ودبى انخفاضات تراوحت ما بين 62% و74%، ويمكن تقسيم هذا التراجع الحاد فى السوق المصرى إلى مرحلتين أساسيتين المرحلة الأولى عندما انتشرت إشاعة فرض ضرائب على تعاملات البورصة، مما جعل السوق يتراجع بأكثر من 30% خلال أسابيع معدودة، وعندما عاود الصعود مرة أخرى اصطدم بالأزمة العالمية والتى فقد السوق منذ اندلاعها فى منتصف سبتمبر نحو 42%، لتقضى الأزمتين على المكاسب التى حققها السوق خلال الأربعة شهور الأولى من العام الحالى. هذا وقد حافظت البورصة على إجماليات تداول مرتفعة، حيث تجاوزت قيمة التعاملات حاجز 530 مليار جنيه، وهو أعلى من قيمة التداول المتحققة العام الماضى، حتى بعد استبعاد الصفقات الكبرى تظل أحجام التداول أعلى من العام السابق. وقد بلغ متوسط قيمة التداول اليومى للسوق المصرى خلال 2008 نحو 1,5 مليار جنيه بعد استبعاد الصفقات الكبرى مقارنة بنحو 1,3 مليار جنيه خلال 2007 ومن جانب آخر فقد قفز معدل الدوران للسوق المصرى لأعلى مستوياته مسجلا نحو 70% خلال. عام 2008 مقارنة بنحو 39% خلال عام 2007. وقد تأثرت كافة قطاعات البورصة بتراجعات الأسواق العالمية، حيث سجلت القطاعات خسائر تتراوح ما بين 16% لقطاع الأغذية والمشروبات 71% لقطاع السياحة والترفيه.