محافظ الفيوم يترأس لجان المقابلات الشخصية للمتقدمات ببرنامج المرأة تقود للتنفيذيات    الفيوم تحصد مراكز متقدمة في مسابقتي المبتكر الصغير والرائد المثالي    مصر وصربيا تبحثان فتح خطوط طيران جديدة وزيادة الرحلات المباشرة    المشاط تُشارك في مؤتمر بنك التنمية الجديد حول ترسيخ ثقافة المساءلة والتقييم لدفع مسار التنمية    الحوثيون: العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء لن يثنينا عن مساندة غزة    استشهاد 6 فلسطينيين برصاص الاحتلال أثناء محاولتهم الوصول للمساعدات جنوب غزة    الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لنصب مستوصف ميداني جنوب سوريا ل "دعم سكان المنطقة"    المنسقة الأممية: لا سلام دائم في الشرق الأوسط دون تسوية شاملة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي    مدير «جنيف للدراسات»: تزاحم أوروبي أمريكي للاستثمار في سوريا    وزيرا الأوقاف والشباب يلتقيان أعضاء    فيصل وياو أنور يقودان تشكيل البنك الأهلي أمام بتروجت    مدير الكرة في الزمالك يكشف موقف احمد الجفالي من نهائي كأس مصر    الزمالك يعلن غياب الجفالي عن نهائي كأس مصر    مصرع وإصابة 14 شخصا إثر انقلاب سيارة ميكروباص فى أسيوط    رئيس منطقة الإسماعيليّة الأزهرية يبحث الاستعدادات لامتحانات الثانوية الشفوية    متى يبدأ صيام العشر الأوائل من ذي الحجة 1446؟    البوستر الرسمي لفيلم عائشة لا تستطيع الطيران ضمن الأفضل بجوائز لوسيول بمهرجان كان    كريم عبد العزيز: أول مرة قابلت أحمد عز قولتله حاسس ان قاعد مع كريستيانو    عائلات المحتجزين الإسرائيليين: نتنياهو فشل فى إعادة محتجزينا رغم مرور 600 يوم    «زي النهارده» في 28 مايو 2010.. وفاة الأديب والسيناريست أسامة أنور عكاشة    أفضل الأعمال في أيام العشر من ذي الحجة    «القومي للبحوث» ينظم ندوة حول فضل العشر الأوائل من شهر ذو الحجة    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت قنا.. ويوجه بتحسين الخدمات ومحاسبة المقصرين    لوكهيد مارتن تكشف مفاتيح بناء قبة ترامب الذهبية.. وتصفها ب"رؤية رائعة"    هدف عمر مرموش الصاروخي يرشحه لجائزة الأفضل في الدوري الإنجليزي    مسئول أوروبي يتوقع انتهاء المحادثات مع مصر لتحديد شرائح قرض ال4 مليارات يورو أواخر يونيو    طارق يحيي: لن ينصلح حال الزمالك إلا بالتعاقد مع لاعبين سوبر    تيتة نوال خفة دم مش طبيعية.. وفاة جدة وئام مجدي تحزن متابعيها    مصرع شخص أسفل عجلات قطار في بني سويف    رومانو: تاه يخضع للفحص الطبي تمهيدًا للانتقال إلى بايرن ميونخ    محكمة استئناف القاهرة تطلق خدمات إلكترونية بالتعاون مع وزارة الاتصالات والبريد    طريقة عمل الموزة الضاني في الفرن لغداء فاخر    في 24 ساعة فقط- 3 مشروبات تنقي جسمك من السموم    زيارات ميدانية ل«نساء من ذهب» بالأقصر    حرام شرعًا وغير أخلاقي.. «الإفتاء» توضح حكم التصوير مع المتوفى أو المحتضر    الرقابة المالية: التأمين البحري يؤدي دور محوري في تعزيز التجارة الدولية    أكاديمية الشرطة تُنظم الاجتماع الخامس لرؤساء إدارات التدريب بأجهزة الشرطة بالدول الأفريقية "الأفريبول" بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولى GIZ    د.محمد سامى عبدالصادق: حقوق السربون بجامعة القاهرة تقدم أجيالا من القانونيين المؤهلين لترسيخ قيم الإنصاف وسيادة القانون والدفاع عن الحق.    الإعدام لمتهم والسجن المشدد 15 عامًا لآخر ب«خلية داعش قنا»    اسكواش - تتويج عسل ونوران جوهر بلقب بالم هيلز المفتوحة    اليونيفيل: أي تدخّل في أنشطة جنودنا غير مقبول ويتعارض مع التزامات لبنان    الحكومة تطرح 4 آلاف سيارة تاكسي وربع نقل للشباب بدون جمارك وضرائب    5 أهداف مهمة لمبادرة الرواد الرقميون.. تعرف عليها    ارتفاع الرئيسي.. مؤشرات البورصة بنهاية تعاملات جلسة اليوم الأربعاء    حملة أمنية تضبط 400 قطعة سلاح وذخيرة خلال 24 ساعة    «بيت الزكاة والصدقات» يصرف 500 جنيه إضافية لمستحقي الإعانة الشهرية غدًا الخميس    في أول أيام الشهر.. تعرف على أفضل الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة    نائب وزير الصحة تشارك فى جلسة نقاشية حول "الاستثمار فى صحة المرأة"    وداعاً تيتة نوال.. انهيار وبكاء أثناء تشييع جنازة جدة وئام مجدى    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية ويوجه بسرعة إعلان نتائج الامتحانات    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    لطلاب الثانوية العامة.. رقم الجلوس ولجنة الامتحان متاحة الآن عبر هذا الرابط    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كأس من ماء «نهر الجنون»!
نشر في اليوم السابع يوم 09 - 02 - 2012

اختنقت من سحائب دخان القنابل المسيلة للدموع التى تصاعدت على امتداد الأسبوع الماضى من شاشات التليفزيون فى أعقاب كارثة كرة القدم التى جرت فى بورسعيد، وما اختلط بها من دم ودموع وتحطيم ضلوع، وما نتج عنها من مظاهرات واعتصامات وتحليلات، وبدا لى أن مسًا من الجنون قد أصابنا جميعا.. فتذكرت- من دون مناسبة- مسرحية من فصل واحد كتبها توفيق الحكيم فى ثلاثينيات القرن الماضى بعنوان «نهر الجنون»، وبطل المسرحية ملك من ملوك العصور الغابرة.. رأى فى الحلم ذات ليلة،
النهر فى بلاده بلون الفجر، وفجأة هبطت من السماء أفاع سوداء وفى أنيابها سم تسكبه فى النهر، فيصبح فى لون الليل، وهتف به من يقول «حذار أن تشرب بعد الآن من نهر الجنون»، ومع أنه حذر الناس فى بلاده،
من الاقتراب من ماء النهر وأوصاهم أن يشربوا من نبيذ الكروم، إلا أنهم لم يستمعوا لنصحه، فلم يبق عازفا عن ماء النهر إلا هو ووزيره، الذى يدخل عليه مع افتتاح الستار فى بهو الأعمدة بقصره، ليسوق إليه خبرا مريعا، هو أن قضاء الله وقع، فشربت الملكة ووصائفها وجواريها من نهر الجنون، فبدت عليهن أماراته، وأنه ما كاد يقبل عليها حتى استقبلته فى روع، ونظرت إليه وصائفها نظرة الممرورات. ويعبر الملك عن حزنه العميق لذهاب عقل الملكة الراجح وانطفاء ذهنها الذى كان - كما قال - يلمع فى سماء المملكة،
ويطلب من وزيره أن يبحث لها عن دواء لدى رأس الأطباء، فيخبره أن رأس الرجل - الذى كان نابغة زمانه - قد طار شعاعًا مع رؤوس الذين شربوا من نهر الجنون، وأنه رآه بين يدى الملكة وقد تغيرت نظراته وحركاته.. يهز رأسه هزًا لا معنى له كلما التقت عيناه بعينى الوزير.. أما وقد أصيب رأس رئيس الأطباء بالجنون، فإن الملك لا يجد مفرا من أن يطلب من الوزير أن يلجأ إلى كبير الكهان، لعله يجد لديه علاجا لجنون الملكة فيجابهه بالحقيقة المرة، وهو أنه قد أصبح هو الآخر من الشاربين.. ويقول الملك «حتى كبير الكهان أصيب بالجنون وهو أحسن الناس رأيا وأبعدهم نظرا وأثبتهم إيمانا وأطهرهم قلبا وأدناهم إلى السماء.. إنها كارثة شاملة، ليس لها من نظير لا فى التواريخ ولا فى الأساطير، مملكة بأسرها قد أصابها الجنون دفعة واحدة،
لم يبق بها ناعم بعقله إلا الملك والوزير».. أما وقد اكتشف الملك أن السماء قد استثنته هو والوزير من قدر الجنون الذى أصاب الجميع وحبتهما وحدهما بنعمة العقل، فهى خليقة بأن تستجيب لدعائهما.. وهى الملجأ الأخير الذى يستطيعان اللجوء إليه، لذلك يقترح على الوزير أن يذهبا إلى معبد القصر، ويرفعا أيديهما بالدعاء إلى السماء بأن تعيد للملكة والناس جميعا عقولهم. وما إن يتصرفا حتى تدخل الملكة ومعها رأس الأطباء وكبير الكهان، وهم يتحاورون عن الخطب الفادح والطامة الكبرى التى حلت بالمملكة فأفقدت الملك عقله، وأضاعت عقل الوزير.. وتسأل الملكة رأس الأطباء عن دواء يعيد إلى الاثنين عقليهما، فيعتذر لها بأن ما أصابهما لا يسعه علمه، ويدعوها ألا تيأس لأن هناك معجزات تهبط أحيانا من السماء هى فوق طب الأطباء، وتطلب من كبير الكهان أن يستنزل لها واحدة من تلك المعجزات فيعتذر لها بأن السماء ليست كالنخيل يستطيع الإنسان أن يستنزل ما شاء من ثمار،
وتحذرهما الملكة من أن يتسرب الخبر إلى الناس فيعرفوا أن ملكهم صاحب الرأى الحازم والرأى العاقل قد أصيب بالجنون.. وحين يعرف كبير الكهان من الملكة أن زوجها يذكر النهر فى فزع ويزعم أن ماءه مسموم، ولا يشرب إلا نبيذ الكروم، يرجح أن يكون الإدمان هو سبب جنونه، وينصحها بأن تمنع عنه الخمر، وتحمله على شرب ماء النهر، ويقترب الملك من البهو، فتأمرهما الملكة بالانصراف وتنفرد به، فيدور بينهما حوار يتعامل خلاله كل منهما مع الآخر، كما لو كان هو المجنون، ويتوهم كل منهما فى لحظة أن الآخر أدرك طبيعة مرضه، وتلك بداية الطريق للشفاء منه، إلى أن تنصح الملكة زوجها بأن يعود ليشرب من ماء النهر، فيتبدد الوهم.. ويعود كل منهما للتعامل مع الآخر باعتباره مجنونًا وتغادر الملكة البهو يائسة، ليدخل الوزير فيكمل فصول المأساة ويخطر الملك بأن عموم المجانين من أهل المدينة ورجال القصر يزعمون أنهم العقلاء،
ويتهامسون بأن الملك والوزير هما المصابان بالجنون.. ويقول الملك: يخيل إلىّ أن المجنون لا يشعر بأنه مجنون.. ويقول الوزير: صدقت.. ومهما يكن من أمر هؤلاء المجانين فإن الغلبة لهم.. بل إنهم وحدهم الذين يملكون الفصل بين العقل والجنون لأنهم هم البحر.. وما نحن الاثنان إلا حبتان من رمل. ويقترح الوزير على الملك أن يشربا من ماء النهر، ويقول له: لقد أزمعت أن أكون مجنونا مثل بقية الناس إذ ما قيمة العقل فى هذه المملكة من المجانين.. ويدور بين الاثنين حوار يحذر فيه الوزير الملك من ثورة هؤلاء المجانين ضدهما، فيقول الملك: ولكنى عاقل وهؤلاء الناس مجانين،
فيرد عليه الوزير: هم أيضا يزعمون هذا الزعم.. ويتساءل الملك: هكذا يجترءون على الحق.. فيقول الوزير: الحق والعدل والفضيلة أصبحت ملكا لهؤلاء الناس أيضا.. ومن الخير لك أن تعيش مع الملكة والناس فى تفاهم وصفاء ولو دفعت عقلك من أجل هذا ثمنا.. ويقنع الملك أن من الجنون ألا يختار الجنون.. ويطلب كأسا من ماء النهر، وكان ذلك ما اقتنعت به أنا أيضا.. وفعلته حين انتهيت من إعادة قراءة المسرحية ووجدت سحائب دخان القنابل المسيلة للدموع والدم وقذائف الحجارة، والتحليلات لا تزال تتصاعد من شاشات التليفزيون فقمت أبحث عن كأس من ماء النهر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.