ناشد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، المصريين ألا يعطلوا العمل ساعة واحدة، وذلك على خلفية الدعوة التى أطلقتها العديد من الحركات السياسية والائتلافات الثورية بالعصيان المدنى يوم 11 فبراير الجارى، وطالب شيخ الأزهر المصريين بأن يتمسكوا بأداء واجبهم نحو أنفسهم وأهليهم، ونحو وطنهم ومواطنيهم، ولله رب العالمين، فى كل حين، وفى هذه الأيام خاصة التى تعرَّض فيها الاقتصاد المصرى بسبب مواقفنا الثورية، لهزة مؤقتة سوف يجتازها بعون الله ثم بجهودكم لا بجهود غيركم. وخاطب شيخ الأزهر المصريين قائلا فى بيان له اليوم : "لا تُشمّتوا العدو فيكم ولا تخذلوا الصديق، وكفى ما تحملناه من أعباء، وهناك من يريد لهذا الوطن الركوع - لا قدَّر الله - فلا تستمعوا لدعاة الهدم وتعطيل العمل والفناء، من بعض المغرر بهم أو الأدعياء، الذين ينادونكم للتوقف عن العمل، وخذلان الأمل، فى أى يوم من الأيام، ولو استطعتم أيها الإخوة أن تعملوا – لإنقاذ بلدكم وثورتكم – أربعًا وعشرين ساعة فى اليوم الواحد فافعلوا استجابًة لداعى المروءة والدين والوطن، فإن البديل هو الركوع والهزيمة والاستجداء، ومدّ اليد للأعداء، ولن يكون ذلك أبدًا بإذن الله ناصر المؤمنين، لن يكون "وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَْ". وتابع شيخ الأزهر فى كلمته: "فإن قيمة العمل فى الإسلام عالية رفيعة، وإذا كان القرآن الكريم قد رفع مكانة العلم وأهله مكانًا عليا {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}"سورة المجادلة: الآية 11"، فقد ربطه بالعمل {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} "سورة التوبة : الآية 122". ولا يكاد يُذكر الإيمان فى القرآن إلا مقرونًا بالعمل الصالح النافع للناس أجمعين {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } "سورة العصر". حتى أدخله جمهور علمائنا فى مفهوم الإيمان الكامل الذى هو أساس السعادة فى الدنيا والنجاة فى الآخرة، وكفى أن الله تعالى فى معظم آيات الكتاب قرن العمل بالإيمان والعقيدة، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم : (ليس الإيمان بالتمنى، ولكن ما وقر فى القلب وصدقه العمل". وأضاف قد بلغت عناية السُّنَّة النبوية المشرفة بالعمل أن أوصى النبى - صلى الله عليه وسلم - وجزاه عن أمته خير الجزاء - يقول: "إذا قامت القيامة وفى يد أحدكم فسيلة - أى أصل شجرة - فليغرسها)، مع أنه لن يأكل منها بل لن يأكل أحد منها، بعد القيامة، ولكن أن نغادر هذه الأرض وقد عمرناها، هو واجبنا كما أمرنا الله {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} "سورة هود: الآية 61". وواجب المؤمن فى هذه الحياة – أيها الإخوة المشاهدون – ثلاثة أمور: عبادة الله "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"، والقيادة ولو لأهل بيته وأسرته "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته"، ثم العمل لعمارة هذا العالم الذى استخلفنا الله فيه، وسخر لنا قواه فى الأرض والسماء، وصدق الله العظيم: "وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ"، العبادة والقيادة والعمل - أيها الإخوة - هى فريضتنا فى هذه الحياة الدنيا، لكى نلقى ربنا راجين الجزاء منه فى الآخرة {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.