نشطت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" خارجيا بشكل ملفت خلال الفترة القليلة الماضية، مما يعكس رغبتها فى تعديل صورتها خاصة فى الغرب بأنها حركة مقاومة منفتحة خلافا للصورة التى رسختها إسرائيل، ودعم حماس فى هذه الخطوات ثورات الربيع العربى وتغيير بعض الأنظمة التى كانت ترفضها. وبدت الجولة الخارجية الثانية الحالية لرئيس حكومة حماس بغزة إسماعيل هنيه واستقبال بعض رؤساء الدول له بشكل رسمى مؤشرا واضحا على تغير رؤية بعض الأنظمة تجاه حماس، فقد زار هنية دولا لأول مرة واستقبل بحفاوة بالغة، كما ترك له حرية عقد لقاءات مع فعاليات مختلفة. وكانت دعوة الأردن لرئيس المكتب السياسى للحركة خالد مشعل واستقباله رسمياً، وسبق ذلك إعلان رئيس وزرائها عون الخصاونة بأن إخراج قادة حماس من الأردن كان خطأ دستوريا وسياسيا" هو دلالة واضحة على تغير موقف الأردن نحو حماس، وبخلاف الجولات العربية لقادة حماس البارزين، فقد كان لافتا دعوة الاتحاد البرلمانى الدولى لوفد برلمانى من حماس للمشاركة فى جلسات الاتحاد التى عقدت فى سويسرا مؤخرا وهو ما أغضب إسرائيل بشده، إضافة إلى إعلان حماس أن سويسرا قررت رفع الحركة من قائمة المنظمات الإرهابية، وهو ما وصفته بأنه "تصحيح للمسار"، داعية جميع الدول الغربية لاتخاذ القرار ذاته والاعتراف بشرعية حماس". وحسب القيادى فى حماس مشير المصرى الذى ترأس وفد الحركة إلى برن فقد سمح لمؤسسات سويسرية بالتعاون مع حكومة غزة لتنفيذ أنشطة ومشاريع، مؤكدا وجود محاولات جديدة لترتيب زيارات إلى دول أوروبية أخرى. ويرى محللون سياسيون أن حركة حماس تريد أن تقنع الغرب بأنها حركة مرنة، وسط تغيرات يموج بها العالم حاليا خاصة فى منطقة الشرق الأوسط التى تشهد تحولات واسعة قد تكون فى صالحها. ومن جانبه قال المحلل السياسى الدكتور عبد الستار قاسم لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط فى غزة، إن ما ساعد حماس على هذا الانتشار خارجيا هو انهيار بعض الأنظمة التى كانت ترفضها بشدة أو تتجنب التعامل معها مجاملة للسلطة الفلسطينية، وتحاول منعها من المشاركة فى الساحة الدولية، إلا أن حماس تسعى الآن للمشاركة فى النشاطات الدولية، وهو ما يعكس السلوك المرن للحركة. كما نبه قاسم إلى أن حركة حماس ما تزال غير مقبولة لدى بعض الأنظمة، لكن مع التغيرات المتلاحقة فى المنطقة أصبح المجال مفتوحا وأكثر ملائمة لها، متوقعا تحسن وضعها خارجيا الفترة المقبلة بالتوازى مع تراجع دور حركة فتح والسلطة الفلسطينية لارتباطهما بإسرائيل. وتسيطر حركة حماس على قطاع غزة منذ يونيو 2007 بعد أحداث دامية مع حركة فتح راح ضحيتها العشرات، كما تم تخريب العديد من الممتلكات، وعن توقف العمليات العسكرية لحماس ضد إسرائيل الفترة الأخيرة ودروها فى تغيير صورتها، يقول الدكتور قاسم، إنه ليس مطلوبا من حركة حماس أن تطلق الصواريخ، لأن الاحتلال لم يعد موجودا فى قطاع غزة، لكن المطلوب منها الآن هو الاستعداد لأى حرب متوقعه على القطاع. ونفت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إصدار تعليمات لجناحها العسكرى "كتائب عز الدين القسام" بوقف العمليات العسكرية ضد إسرائيل فى المرحلة المقبلة، مؤكدة أن المقاومة هى حق مشروع للشعب الفلسطينى للدفاع عن نفسه وأرضه. ومن جانبه قال المحلل السياسى حسن الكاشف، إن ما ساعد حماس على هذا التمدد هو صعود الأحزاب الإسلامية بالمنطقة بدليل الحفاوة التى استقبل بها رئيس حكومة حماس إسماعيل هنيه فى تونس باعتباره رمزا للمقاومة الفلسطينية، معتبرا أن مشاركة حماس فى مؤتمرات دولية خارجية لا يعد مؤشرا على تغير وجهة نظر الغرب تجاهها، مؤكدا أن هناك العديد من الأنظمة العربية ما زالت ترفضها . ووصف الكاشف فى حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط ما تقوم به حماس حاليا بأنه "عمل دبلوماسى يأتى فى وقت مهم فى ظل الظروف الحالية بالمنطقة"، إلا أنه نبه إلى أنه وقت حرج بالنسبة إليها، فما أعلن عن خروج قادة حماس من سوريا حيث يقع مكتبها السياسى الرئيسى وعدم وجود مكان محدد تذهب إليه يجعل الحركة تسير وسط حقول من الألغام ويختبر قدرتها على مواجهة تلك الظروف. وأكد أن صعود الأحزاب الإسلامية سيكون دعما جوهريا لحركة حماس وزيارات رئيس حكومتها لبعض الدول تؤشر على علاقات جيدة مع حماس، وعن مستقبل الحركة قال، إنه من الصعب التنبؤ به، لأن الشأن الفلسطينى كله ليس بمعزل عما يدور فى المنطقة التى تشهد حراكا متلاحقا. وكانت حركة حماس بدأت نشاطها فى ديسمبر 1987 وهى امتداد لحركة الإخوان المسلمين ودخلت طورا جديدا منذ الإعلان عن تأسيس جناحها العسكرى "كتائب الشهيد عز الدين القسام" فى نهاية عام 1991.. وقد أخذت نشاطات الجهاز العسكرى لحماس منحى متصاعدا ضد جنود الاحتلال. وقالت كتائب الشهيد عز الدين القسام إن عدد شهدائها منذ انطلاقها بلغ نحو 1848 شهيدا، كما أنها تمكنت من قتل 1365 إسرائيليا وجرح 6411 آخرين، وأن حصيلة العمليات الجهادية التى قامت بها1117 منها 87 عملية استشهادية، كما أنها استهدفت إسرائيل ب11093 صاروخا وقذيفة.