أحتفل اليوم بذكرى زواجى، سبعة عشر عاماً من السعادة والحب والاحتواء، والدفء الذى لم يفارقنى يوماً، رغم صعوبة البدايات وثقل الحمولات وشقاء المُهمات، وأسألك بهذه المناسبة: وأنتِ كيف هى سعادتك؟ فتصمتين وكأنك تفتشين عن إجابة فى أدراج الذكرى، ثم تردى متململة تبحثين عن الكلمات: إمممم يعنى، ماشى الحال! وتمضى بكِ الأيام متشابهة تكاد تتطابق، فالروتين اليومى هو نفسه منذ سنوات لم يتغير والمشاعر تكاد تخبو، وحركة الصدر الضائق بكل شىء لم تعد سوى شهيق وزفير فقط، فلا خفقة زائدة ولا قلق جميل يعيد للقلب صولاته وجولاته فى دنيا المشاعر! فشجرة الحب التى زرعتيها بيديكِ وأثمرت واستطالت فروعها باتت على وشك الذبول تستدر عطف ورثاء كل من يراها أو يتكىء عليها، تشير إليك بتهمة الإهمال الجسيم، وقدك (غصن البان). أصبح ينافس قد امرأة الستينيات من كثرة التلاحمات والتضاريس، تتحسرين كلما نظرتى فى المرآة مُرددة: (قدُّكَ الميّاس ياعُمرى) فأين ذهب القّد المياس؟! مائة شأن يتجول برأسك، ومائة مشكلة ليس لها حل، وعراك لا ينتهى بينك وبين نفسك، وبينك وبين زوجك، وبالطبع لم يسلم فلذات الأكباد من الانضمام إلى حمولتك الزائدة، وأنتِ..؟ متى تعودين إليكِ، متى تلتقطين الأنفاس؟ متى تتفرغين لبهجتك وتعيدين الزهر إلى وجنتك الشاحبة؟ متى تعودين من سفرك الطويل ليعود معكِ مرح الأمس وبشاشتك التى لم تكن تفارق وجهك، وحيويتك التى كانت تثير إعجاب كل من حولك أين ذهبت؟! متى تدركين أن الوقت بنصله الحاد يقطع كل شىء فى طريقه، ويمضى ولا ينظر وراءه ليمر العُمر مُسرعا متفلتا من بين يديكِ، لاهثةً وراءه فى فلك الحياة الدائر بلا توقف ؟! متى ترفعين لافتة "صيانة عاجلة" لاستعادة الرشاقة والجمال والدفء ومشاعر الأمس الجميلة التى كانت أغلى ما تحلمين؟ لماذا تقاتلين للفوز بمن أحببتى ولا تقاتلين من أجل الاستمرار فى إنجاح ما بدأتى بأن تظلى كما أَحب، امرأة الحُلم، عشيقة الخيال وصديقة القلب التى لا يأنس إلا إليها، ولا تفيض أحاديثه إلا فى حضرتها، ولا يرتاح فؤاده إلا إذا حَط فى روضتها. لماذا تركتى برواز الصورة الجميلة يتحطم لتغادريه إلى الأبد؟ عزيزتى: روحك، مملكتك، بيتك، كل هذا يحتاج منكِ إلى تجديد حتمى وعاجل قبل أن يستعين زوجك بمن يعرف كيف يعيد صيانته وإنعاشه وأنت مازلتى فى غفلة من العقل والقلب!