كيف ستجتاز مصر مرحلتها الانتقالية المرتبكة، وغير واضحة المعالم؟ ربما يكون السؤال الأهم والأبرز والأصعب فى عام 2012، وترسم إجابته، وطريقة التعاطى معه، خريطة الطريق للخروج من النفق المظلم الذى تعيش فيه مصر الآن، ما بين برلمان منتخب بشرعية جماهيرية كبيرة، وغير مسبوقة، ينتظر أن يقبض على السلطة التشريعية فى الثالث والعشرين من هذا الشهر، ومجلس عسكرى اكتسب شرعية شعبية، رغم الأخطاء العديدة التى وقع فيها، ويقبض على السلطة التنفيذية حتى يسلمها لرئيس منتخب، وميدان يمتلئ بالخيام، وجماعات وأشخاص يريدون إعادة الكرة من جديد، وإشعال ثورة ثانية فى الخامس والعشرين من الشهر الجارى لا يخفى البعض أنها ستكون عنيفة هذه المرة. هذا هو النفق المظلم الذى تعيشه مصر، يستثنى منه القوى السياسية الأخرى الفاعلة على الفضائيات، بعد أن أثبتت الانتخابات البرلمانية أن حجمها الفعلى فى الشارع الآن، غير كاف للمشاركة الفاعلة فى مشهد التغيير الديمقراطى، أو حتى فى مشهد التغيير العنيف الذى يروج له البعض، ولا يحظى بشعبية داخل الشارع الذى سأم حالة الفوضى، وغموض المستقبل. وبالتالى يصبح السؤال الذى بدأنا به المقال مشروعا عن آليات إنهاء المرحلة الانتقالية المرتبكة بشكل سلمى. فى تصورى أن مصر الآن فى ذمة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وجماعة الإخوان المسلمين، باعتبارهما الطرفين الفاعلين على الساحة، فكل منهما يمتلك أوراق القوى والشرعية والفاعلية، ما يعنى أن الحل لا بد أن يخرج منهما بالتوافق وليس بالصراع. وقد يرى البعض، أو يروج أن هناك تحالفا غير معلن بين الطرفين، منذ تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مقاليد الحكم فى البلاد، استنادا إلى أن لجنة تعديل الدستور ترأسها قاضى سابق له خلفية دينية واضحة، هو طارق البشرى، وضمت فى عضويتها المحامى الإخوانى والنائب السابق والحالى صبحى صالح.. ما جر اتهامات على المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأنه تحالف مع الإخوان ضد القوى السياسية الأخرى فى المجتمع، وهو أمر غير صحيح جملة وتفصيلا. وفى تصورى المتواضع أن ما جمع المجلس والإخوان ليس أكثر من المصلحة، فالعسكرى الذى أدار أمور البلاد، تولاها فى لحظة فراغ، تحلل فيها الحزب الحاكم، وحلت فيه السلطة التشريعية، وغابت الأشكال الجماهيرية المؤثرة فى الشارع باستثناء الإخوان الذين تحولوا فى غياب الحزب الوطنى الذى كان يحكم البلاد، إلى أهم وأكبر حزب سياسى، وهو ما خلق حالة التعاون غير المصلحى بين الطرفين. مصر بنهاية هذا الشهر أمامها خياران، إما التنسيق بين المجلس العسكرى والإخوان، للتوصل لتفاهم واضح حول آلية صياغة الدستور، وشكل نظام الحكم، برلمانى أو رئاسى أو مختلط، مع الحفاظ على وضعية القوات المسلحة كحامية للشرعية الدستورية، ما يسمح بانتقال سلمى للسلطة، أو مواجهة وصراع بين الطرفين يؤدى فى النهاية إلى أن تدخل مصر فى نفق أشد ظلاما مما نعيشه الآن، وقد يتطور الأمر إلى صراع قد يأخذ شكلا عنيفا، ويؤدى فى النهاية إلى انفراط عقد الدولة المصرية. مصر فى ذمة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والإخوان المسلمين، وفى اتفاقهما رحمة بالبلد، وفى خلافهما دمار هذا البلد، فهل يقدران خطورة اللحظة الراهنة، ويجنبان مصر مصير غيرها من الدول الفاشلة مثل الصومال التى تحللت فيها السلطة، أو العراق الذى يوشك على التقسيم؟