هذه الثورة لن تفشل! نحن شعب إذا فرحنا سرعان ما تداركنا الأمر بالجملة الاعتراضية الشهيرة – اللهم اجعله خير- لأننا توارثنا عبر الأجيال ثقافة الإحباط واليأس ولكن إن الطبع بالتطبع، وكذلك الأمل فعل يولد من إدمان تكراره وفى الجمعة الماضية أثبتت نون النسوة أنها ستتحمل آلام مخاض الحرية مهما طالت.. المصريون مبدعون فى نزع الفرح نزعاً وأشكر لهم جميل صنعهم حين أتذكر حالة النشوة والتوحد مع الوطن التى أشركونى معهم فيها فى جمعة رد الشرف فقد ردوا إلى فرحى الغائب: حالة غريبة أشبه بخروج الروح من سجن كل حاجة وحشة ساجناها.. لما تلاقى الناس قدامك على مدد الشوف حرة ومستغنية عن الدنيا ومتبتة فى مصر زى عيل صغير ما صدق يلاقى أمه بعد توهة .. لما تشوف كل جمعة هى هى نفس الست الغلبانة تطل عليك من شباك حجرتها الصغيرة وماسكة العلم وبتهتف تحيا مصر فتقشعر كأن ذاتك ذابت فى الجموع ومالهاش قيمة غير فى مدة إيدها مع الخلق المخنوقة من كتر الظلم.. لما تشوف راجل عجوز كُبارة وشه أحمر من الانفعال يعيط ويقول عاوز أبوس الأرض اللى تحت رجليكم يا بنات فتحس إنك عاوز تخنق كل الحكام اللى قهروه أوى كده.. لما تشوف عابد الطفل اللى عنده 6 سنين حافظ عن ظهر قلب شعر هشام الجخ وعبد الرحمن يوسف وبيلقيه بحماس ثورى غير موجود عند الكثير من النُخب.. ولما تشوف واحد أرزقى على باب الله شكله غلط بالنسبة للى قلوبهم غلط، لكن ماسك مبخرة وقاعد يبخر حواليك تبقى عاوز تشيله فوق راسك، وتطلب منه السماح على طول السكات والصمت.. لما تحس إن الضلمة اللى طفت نور عينين أحمد حرارة فيه ناس مستعدة تدفع عمرها عشان تنورها.. لما تفتكر إن الجنة زى ما فيها نهر النيل فيها شهداء من واديه، تشعر ببعض الغصة حين يراهم أهل الأرض على غير حقيقتهم لكن سرعان ما تتكر إنهم هم الأحياء الأنقياء وأن من يسكن فى الطهر السرمدى لا يضره فساد الأرض.. مين يجيله قلب يكفر بعد كده بالبلد دى ويقول مفيش أمل؟؟.. بحق طول الألم.. والله العظيم فيه ألف الف أمل.