حتى لو تضاعفت السلبيات التى نشاهدها فى مصر الآن عشرات الأضعاف، فلن أتراجع عن تفاؤلى بمستقبل هذا البلد ..لاسيما أننى كنت فى كل زيارة لى لمصر- قبل الثورة- أتجول الشوارع، وأتأمل الناس وحياتهم، وأشاهد ضحكاتهم ومعاناتهم، وكذلك حيلهم وأساليبهم فى التغلب على مصاعب الحياة، وكنت أقول دائماً - سبحان مسيّر هذه البلد، وكنت دائماً أقول إن الله يحفظ هذه البلد؛ لأن أكيد فيها ناس فيهم خير فيرزق الكل ويحفظ الجميع بكرامتهم، وكنت دائماً أذكّر نفسى أن مصر قرآن يتلى وآل نسب لسيد المرسلين (ص)، وأهل عزم وبأس وخير أجناد الأرض، فلابد أن نبشر جميعاً، لاسيما أننا تحررنا وعادت لنا إرادتنا المسلوبة لعقود....ولكن!!!!!! النفق القادم شديد الخطورة... إنه نفق النظام السلطوى فى مصر بعد أن انهارت كل الشرعيات الشكلية والقانونية والدستورية فى العهد البائد، وانتقلت إلى الشعب... الصاحب الحقيقى لها، والذى ثار بعد سأم وملّ من فقدها لعقود... ولكن يجب أن ندرك أيضاً أن الشعب لايمكن أن يحكم نفسه بنفسه، وإلا فهذه هى الفوضى والغابة الحقيقية. فوجب هنا بناء هرم السلطة...يعنى تحديد المسئوليات، وتوزيع المهام، ثم اختيار الأشخاص المنوط بها التنفيذ والمراقبة والتشريع (من الشعب طبعاً).. كلاً حسب موقعه.. وهكذا يكون حكم الشعب للشعب بطريقة صحيحة وتستقيم الأمور. والسؤال الآن هو:- هل القاعدة تسبق الممارسة؛ أم الممارسة تسبق القاعدة ؟ يعنى:- -ماهى صلاحيات البرلمان القادم؟ - وماهى صلاحيات الحكومة القادمة؟ -وما هى صلاحيات رئيس الجمهورية؟ - وكيف ومن يصوغ الدستور؟ - وأين وكيف سيكون موقع المؤسسة العسكرية؟ - وما هذا المجلس الاستشارى المدنى؟ - وإلى متى سيظل التحرير والشارع هو المكان الأوحد للمعارضة؟...وألف سؤال وسؤال يدور فى الأذهان... خاصةً بعد نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات التشريعية. ومن يضمن أو يستطيع الإجابة على أحد أو كل هذه الأسئلة؟ .....بالفم المليان...لا أحد يستطيع. وهنا نقول إننا مارسنا قبل معرفة القاعدة، مثل السفينة الضخمه التى أبحرت بربان احتياطى عليها آلاف البشر، وقليل من المؤن وكثير من العطب بدون بوصلة أو جهاز اتصال. ألم يكن حرى بنا أن نصنع لهذه الثورة رمزاً واحداً، وليكن رئيساً منتخباً من خلال هذا الشعب الثائر حتى يلتف حوله، وتتوحد كلمته، ويكون معبراً ومسئولاً عن الثورة وأهدافها. وبعد اختيار الرئيس يصاغ الدستور الذى هو الميثاق بين الحاكم و المحكوم، وهكذا نتحرك من القاعدة إلى الممارسة.. أى إلى البرلمان والحكومة والمؤسسة العسكرية وهكذا.. وليس العكس