أكدت الجهة الحرة للتغيير السلمى فى ردها على بيان المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى ألقاه مساء أمس الثلاثاء، أنه أتى بعيداً عن تطلعات الشعوب المشروعة عقب الأحداث التى سقط فيها عشرات الشهداء ومئات المصابين فى التحرير خلال الخمسة أيام الماضية. وأوضحت الجبهة فى بيانها الصادر اليوم أن البيان جاء مثيراً للجموع فى ميدان التحرير، حيث لم يحظ بنسبة تأييد ولو 1%، معيداً إلى الذاكرة البيانات الثلاثة للرئيس المخلوع "مبارك"، وكأنه هو من ينطق بها، معلنة عن رفضها التام والقاطع لبيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومطالبته بسرعة تسليم السلطة للمدنيين، وتشكيل حكومة يقوم على تشكيلها كل من الدكتور محمد البرادعى والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية، كأقرب طريق للاستقرار وعدم تأجيل الانتخابات التى لا يمكن إجراؤها إن لم تتم الاستجابة لمطالب الثوار. وأشار البيان إلى أن المجلس العسكرى قد تسلم السلطة بتفويض من مبارك ورضاء ميدان التحرير وكافة الميادين، وليس بالاستفتاء الشعبى، ولذا فإن إسقاط المجلس أيضا من الميادين، ولن نرضى بغير حكومة إنقاذ لها كافة الصلاحيات لإدارة المرحلة الانتقالية. وذكر البيان أن خروج المشير ليمن على الشعب المصرى بانحياز القوات المسلحة له من خلال الحفاظ على الشرعية، وهذا ما لم يكن أبدًا، فالمعروف أن الشرعية الدستورية لا تخول للجيش أبدًا شغل مكان رئيس الجمهورية إلا فى الانقلابات العسكرية، ولأن ثورة 25 يناير كانت شعبية فالمفروض أن الجيش لا مكان له فيها، والأمر الآخر أن المشير نفى طمع الجيش فى السلطة، فلماذا يصر على البقاء حتى هذه اللحظة، رغم ثبات فشله المتمثل فى عدم إصلاح الاقتصاد المتهاوى وإعادة الأمن والانضباط للشارع، علاوة على تورطه فى حوادث عديدة سار فيها على نفس نهج النظام البائد، ومن جهة أخرى فإن المشير اعترف بصراحة خلال البيان بثقل المهمة وصعوبة إدارة شئون البلاد على أرض الواقع، وهذا طبيعى جداً ومفهوم من قبل المؤسسة العسكرية التى لا دراية لها بالحياة المدنية أو اللعبة السياسية، وهذا ما يقوى من رأى المتظاهرين بضرورة تسليم السلطة للمدنيين. وأشار البيان إلى أن المشير ربط بغرابة شديدة ما بين نفى تهمة استخدام العنف وإطلاق الرصاص على المتظاهرين من أبناء الشعب، وما بين تقديم الدعم الكامل لوزارة الداخلية، وهذا محل تساؤل، فإذا كان من المقبول عدم تورط الجيش فى إطلاق النار على المتظاهرين، رغم أنه أصاب العديد منهم فى الهجوم يوم الأحد الماضى، إلا أن إعلانه تقديم الدعم للشرطة التى أطلقت النار على المتظاهرين يثبت بلا جدال تورطه فى الأحداث، وأننا مازلنا نعيش أياما أقل ما توصف بموقعة جمل مستمرة. ووصفت الجبهة إعلان المشير قبول استقالة شرف يعد تكرار لنفس السيناريو الذى أتبعه مبارك، حيث لم تضف استقالة الوزارة جديداً للموقف بعد أن فقدت شرعيتها تمامًا ليس اليوم أو الأمس، وإنما بسبب فشلها فى إدارة شئون البلاد وظهورها كسكرتير للمجلس العسكرى وليست صاحبة صلاحيات. وعن تحديد موعد لانتخابات الرئاسة، قالت الجبهة إنه لو كان المجلس محقاً بشأن ميعاد الانتخابات، لكان أجراها فى ميعادها مايو الماضى، كما وعد، ولكان سلم السلطة فى 6 شهور كما وعد، لكننا نرى قضية ميعاد الانتخابات انحيازاً للتيار الدينى الطامع فى كعكة الحكم، وكذلك استجابة مخزية لإملاءات الإدارة الأمريكية التى وصفت نظام مبارك بأنه "مستقر" على لسان وزيرة خارجيتها هيلارى كلينتون يوم 25 يناير. وأشار البيان إلى أن تحدث المشير عن الوقيعة وأطرافها، أدى إلى تناسيه أن الشعب لا يزال يقدر ويحترم قواته المسلحة فى ثكناتها، رافضا بشدة شخصنة المؤسسة العسكرية فى المشير، ومؤكدا أن المجلس هو من يوقع بنا جميعا شعبا وجيشا، سواء بالإعلان الدستورى غير المستفتى على أكثر من 50 مادة أو حتى بالتباطؤ باتخاذ القرارات، والتحايل على الاستجابة لمطالب الثورة منذ اندلاعها، وهو أيضا السبب فى استمرار الإضرابات والاعتصامات الفئوية، والتى نصفها بالمشروعة ضد سياسات الإفقار المستمرة منذ حكومة نظيف وحتى الآن. وعن إعلان المشير إيقاف المحاكمات العسكرية أكد البيان أنه لا يزال عشرات الآلاف من المواطنين والنشطاء المدنيين يحاكمون عسكريا يوميا بلا أى حقوق طبيعية فى التقاضى.