كل الثورات لها ولادة عسيرة وتسبقها وتليها دماء، فالثورة حيوان فترس لا يرتوى إلا بالدم، وكذلك شجرة الحرية بالدم تولد وبالدم تعيش .. إلا ثورة الشباب المصرى فهى لا دم قبلها ولا بعدها والذين كانوا بها لا تعرف لهم أسما ورفضوا أن تكون لهم أسماء أو يطلق عليهم لقب أبطال، لذا أخاف على شباب مصر من الفتنة أى أخاف عليهم أن يفتنوا من أنفسهم وهم شباب لم تلوثهم السلطة بعد، وأخاف عليهم من الغرور، ومن أن يفسدهم الناس كما أفسدوا غيرهم من قبل". هكذا جاءت كلمات الكاتب الراحل أنيس منصور الذى رحل عن عالمنا صباح اليوم، الجمعة، عن ثورة 25 يناير والتى قال عنها إنها ستغير مسار الشرق الأوسط فلن يصبح العالم العربى بعد ثورة الشباب المصرى كقبل الثورة، مستعينا فى ذلك بنبوءة الرئيس الراحل أنور السادات عندما قال إن الشرق الأوسط بعد الخمينى سيكون غيره قبل الخمينى. لم يخجل منصور مواليد 1924 مركز السينبلاوين محافظة الدقهلية يوما أن يلقبه أصدقاؤه بالمطبع، فموقفه واضح تجاه عمليه السلام مع إسرائيل، والتى قال عنها مرارا وتكرارا إن الأزمة الحقيقية تكمن فى نظرتنا لليهود، لذا لا شأن له بمن يتهمه بالتطبيع وزيارة إسرائيل. كان منصور دائما ما يصف نفسه بأنه رجل قنوع بما يحصل عليه، وليس له طموح مهنى، ورغم ذلك منحته الأقدار منصب "رئيس تحرير" عشر مرات، "ورئيس مجلس إدارة" مرة واحدة، ويرى أن الفلسفة الوجودية منحته التواؤم مع الحياة، لأنها تماشت مع فرديته وانطوائه على ذاته، وخجله ونظرات عينيه التى لم تفارق الأرض. منصور الذى أوصى بان يتم دفنه مع والدته بمدافن مدينة نصر، تعكس كلماته فى كتاباته مدى حبه الشديد لوالديه، إلى حد تفكيره فى الانتحار، على اعتبار أن من الحب ما قتل، ورغم كلماته الشائكة عن المرأة، التى جمعها فى كتاب "قالوا"، إلا يرفض تصنيفها كعدو، ولكنه فقط يحب الحديث عنها بعبارات كاريكاتيرية ساخرة تجسد ما آل إليه حالها بعد أن أخذت المزيد من الحقوق. صدر لمنصور عشرات الأعمال، من بينها دعوة للابتسام، الكبار يضحكون أيضا، الذين هبطوا من السماء، الذين عادوا إلى السماء، زى الفل، فى صالون العقاد كانت لنا أيام، من أول السطر، يانور النبى، إنها كرة الندم، نحن أولاد الغجر، الوجودية، يسقط الحائط الرابع، كرسى على الشمال، قالوا وغيرها، إضافة إلى عشرات المؤلفات التى تحولت إلى أعمال درامية من الذى لا يحب فاطمة، حقنة بنج، إتنين.. إتنين،عريس فاطمة، غاضبون وغاضبات، هى وغيرها، هى وعشاقها، العبقرى، القلب ابدا يدق، يعود الماضى يعود. موضوعات متعلقة: نقابة الصحفيين تنعى الكاتب الكبير أنيس منصور