يبدو أن هناك أزمة كبيرة ستكون فى انتظار على أبو شادى رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، تتعلق بموقف الرقابة المتعنت من الفيلم اللبنانى "دخان بلا نار" بطولة خالد النبوى وسيرين عبد النور ومجموعة كبيرة من الفنانين المصريين وإخراج سمير حبشى، حيث ترفض الرقابة المصرية الموافقة على عرض الفيلم فى مصر، ويتردد أن ذلك يرتب بمصالح سيادية عليا. يناقش الفيلم العلاقات اللبنانية السورية وما يتعلق بالوصاية السورية على لبنان، فيما اعتبرته الرقابة إساءة لسوريا الشقيقة، وأيضا يسئ للعلاقة السورية اللبنانية، فى الوقت الذى بدأت تهدأ فيه العلاقات بين الطرفين وأصبح هناك تمثيل دبلوماسى متبادل بينهما. كان من المفترض أن يعرض الفيلم فى المسابقة العربية لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، ولكن يبدو أن موقف الرقابة غير المحسوم حتى الآن حال دون مشاركته. وأكد المنتج جابى خورى المشارك فى إنتاج الفيلم لليوم السابع، أن أزمة الفيلم لا تزال محل نقاش بينى وبين الرقابة حتى هذه اللحظة، خصوصا أن الفيلم جرى ويحمل مضامين سياسية ويتناول قضية هامة، لذلك سيجتمع مع على أبو شادى يوم الأحد المقبل بعد عودة الأخير من مراكش، لبحث سبل وإمكانية عرض الفيلم فى مصر، حيث كان مقررا عرضه فى أوائل شهر ديسمبر المقبل. وفى حالة إذا لم يتوصل خورى لحل مع رئيس الرقابة فلن يجد أمامه سوى اللجوء إلى اللجنة العليا للتظلمات، والتى يرأسها فاروق حسنى وزير الثقافة. موقف الرقابة غريب من نوعه فهو يتجاهل أننا أصبحنا نعيش فى عصر السماوات المفتوحة، كما أنه من السهل تحميل الفيلم كاملا من على الإنترنت أو طرحها فى أسطوانات، وبذلك سيكون متاحا لأى فرد مشاهدة الفيلم، إذاً فكرة المنع لا جدوى منها، وإذا لم يعرض "دخان بلا نار" فى القاهرة بالتأكيد سيعرض فى دول وأيضاً مهرجانات أخرى، ويجب على الرقابة المصرية أن تمتلك جرأة أكثر وتعرض الفيلم، الذى شاهده العديد من النقاد والفنانين فى مهرجانى أبو ظبى وقرطاج، وخلق حالة من الجدل الواسع حوله، وتحدث عنه جميع النقاد، ولفت الاهتمام بشدة. وبالتأكيد ليس علينا أن ننتظر أعواما حتى نشاهد الفيلم على الفضائيات مثلما حدث مع فيلم "البرئ" للمخرج الراحل عاطف الطيب، الذى منعت الرقابة عرضه فى السينما، وعرض على القنوات الفضائية بعد ذلك ب18 عاماً، وشاهده الجمهور المصرى والعربى رغم أنف الرقابة وحججها السياسية التى ساقتها وقتها. ليس ذلك فقط بل عرض الفيلم فى أحد افتتاحات المهرجان القومى للسينما الذى تنظمه وزارة الثقافة المصرية، والتى تعد الرقابة أحد قطاعاتها، ويوم عرض الفيلم وقف الكاتب وحيد حامد، مؤكدا أن كل من منعوا عرض الفيلم قد انتقلوا إلى العالم الآخر، ولم يبق سوى شىء واحد هو الإبداع.. وهذا ما نريد أن تعرفه الرقابة المصرية جيدا.