ما إن يتخرج الطبيب بعد 7 أعوام، حتى يبدأ فى التفكير فى أحلامه الخمسة التى تبدأ بحرف العين، وهى العربية والعيادة والعروسة والعمارة والعزبة، ويبدأ أولى خطواته حتى يكتشف أن الأمر فى غاية الصعوبة وتتبخر الأحلام التى كانت. فالمهنة التى كان لها رونقها فى الماضى، أصبحت تمنح لقباً منمقاً ولامعاً فقط ولا شىء غير هذا اللقب، وهو كلمة "دكتور"، فأجرها لا يصل إلى حد الكفاية بمتطلبات الحياة. يتخرج الطبيب المصرى فى سن يقارب 25 عاماً بالتمام والكمال، ويدرس بعدها 5 سنوات للدخول فى إحدى تخصصات الطب، وهى السنوات التى يبدأ فيها ممارسة المهنة بوزارة الصحة، براتب ضئيل لا يكفى حتى لجعله مستعداً لإنسانية مهنة، تتطلب منه التواجد فى مكان عمله فى إحدى مستشفيات وزارة الصحة المصرية وعلاج غير القادرين على الذهاب للعيادات الخاصة. أطباء بلا حقوق ظروف الأطباء السيئة دفعت مجموعة من الأطباء لتكوين حركة "أطباء بلا حقوق" منذ أكثر من عام للمطالبة بحقوق الأطباء. من جانبها، أكدت الدكتورة منى مينا، وهى من أعضاء "أطباء بلا حقوق"، انزعاجها الشديد لحال الأطباء المصريين، بقولها إن ما تفعله الحكومة سيجعل الأطباء عرضة للوقوع فى براثن القطاع الخاص ومصطلح الكفيل المعروف فى الدول العربية. كما وعدونا بكادر وحافز السهر أو النوبتجية وحافز طبيب بنسبة 300% من أساسى للطبيب المقيم حديث التخرج، وبنسبة 30% من أساسى الراتب للأخصائى، وهذه قسمة غير عادلة، سببتها وزارة الصحة بأن الطبيب الشاب هو فى أشد الاحتياج إلى هذه النسبة العالية، أما الأخصائى فعمله الخاص بعيادته يعوضه. وتساءلت ماذا لو افترضنا أن الأخصائى ليس له عيادة، والأغرب من ذلك أن صرف هذه الزيادات مرهون، حسب نص القرار، بتوفر ميزانية، وإن لم توفر فلن تأخذ شيئاً، وأشارت إلى أن كل ما يحدث نوع من البروباجندا، وأضافت أن الأمر لا يحتاج إلى تقليل عدد المقبولين بكلية الطب، لأننا فى احتياج دائم، بقدر تحسين أوضاع التعليم وأوضاع الأطباء لكى يحصل المريض على مستوى عالٍ من الخدمة. يبدأ راتب الطبيب ب 120 جنيهاً شهرياً كراتب أساسى، وعلى حد تعبير سامح عبد الحفيظ، طبيب شاب، "هذا يجعل الطبيب يبحث عن فرصة خارجية لتعويض ما يمكن تعويضه", وأمام هذه الفرصة لا يكون مستعداً للتنازل عن شهادة الطب السامية وحسب، بل وربما أخلاقياتها. خيارات الهروب من واقع مهنة تبدأ خيارات هذه الفرص، كما يصفها، أحمد عيد طبيب شاب نائب فى وحدة صحية ريفية، من الأبسط حتى الأكبر، فأول هذه الخيارات هو ال privat أو العمل الخاص فى المستشفيات أو العيادات الخاصة لجعله العمل الأساسى، ليكون عمله بالمستشفى الحكومى هامشياً والأساس للخاص. ثانى هذه الخيارات، العمل بشركات الأدوية التى يمكنها أن توفر له راتباً مغرياً وسيارة ليكون مندوباً لسلعة دوائية، ومرتبطاً برقم معين يحققه فى كل شهر من المبيعات لتكون مهنته الأساسية التسويق. ثالث الخيارات، الاشتغال بالتجارة أو بأى مهنة أخرى بجانب مهنة الطب التى لا يقتصر حضوره لها إلا على ساعات قليلة، والتى لا تكفى إلا للتوقيع فى دفتر الحضور والانصراف اليومى. خيار رابع، وهو الأكثر هروباً من واقع الطب فى مصر، وهو التفكير فى الخارج والهجرة، وعلى حسب الراتب ينتقل الطبيب إلى بلد جديد ليكون عرضة لويلات الغربة، والمقابل أجر زهيد لكنه بكل الأحوال أفضل بكثير مما يتقاضاه فى مصر. أما الدكتور حمدى السيد نقيب الأطباء فلا يجد سبباً لهجرة الطبيب المصرى، وفى كل مكان فى العالم الطبيب المصرى دوره مشرف، ودائماً نفتخر بهم، كما أنه يوجد عدد كبير من الأطباء بشتى أنحاء العالم، بل والبعض منهم فى الدول الأفريقية الفقيرة لمساعدة هذه الدول حتى لا يغيب دورنا الريادى. وحول قبول الأطباء لعقود ذات أجر متدنى فى بعض الدول، قال "بأن هذا بسبب غياب دور الدولة فى السفارات والقنصليات، لأن الطبيب المصرى فى الخارج، لابد أن توفر له الدولة الحماية الكاملة لأنه رمز لها، ويجب أن تكون هناك اتفاقيات مع الدول الأخرى، وكثيراً ما طالبنا بإلغاء الكفالة". لمعلوماتك يصل عدد الأطباء فى مصر إلى 180 ألف طبيب دون 53 عاماً، تغطى نسبة الشباب 75% منهم. ◄بلغ عدد المستشفيات العامة والمركزية 381 مستشفى (2007). ◄بلغ عدد المستشفيات القروية 931 مستشفى (2007). ◄بلغ عدد الوحدات الصحية 4500 وحدة (2007). ◄بلغ عدد الأسرة 185 ألف سرير (2007). ◄يصل عدد المقبولين بكلية الطب كل عام إلى 7900، تم تقليلهم هذا العام بنسبة 10%.