«عبداللطيف» يشهد توقيع بروتوكول مع «التعليم أولًا» لرفع كفاءة العاملين بالمدارس الرسمية لغات    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    وزير الدفاع يشهد تنفيذ مشروع مراكز القيادة التعبوى للمنطقة الغربية العسكرية    بالصور- رئيس جامعة أسيوط يتفقد لجان امتحانات كلية الآداب    وزير التعليم العالي: طفرة كبيرة بالمنظومة التعليمية في عهد السيسي    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    جامعة القاهرة تستقبل وفدا صينيا بمستشفى قصر العيني الفرنساوي    البورصة المصرية تختتم بارتفاع رأس المال السوقي 11 مليار جنيه    حملة مكبرة على لمنع النباشين بشارعي «الترعة المردومة وأحمد أبو سليمان» في الإسكندرية (صور)    حملات مكبرة لغلق مغاسل السيارات المخالفة في الغردقة    توريد 544 ألف طن من الذهب الأصفر لشون وصوامع محافظة الشرقية    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    زعيم الأغلبية: «مصر والسعودية.. علاقات راسخة لا تهزّها أصوات الفتنة»    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    أندوريل تكشف عن طائرتها القتالية المسيّرة المتطورة «فيوري»    رونالدو يتقدم قائمة البرتغال رغم عدم مشاركته مع النصر    وزير الشباب السابق: مسؤولو الأندية لا يطلعون علي اللوائح    فرج عامر: يجب إعادة مباراة القمة.. واتحاد الكرة المسؤول عن هذة الأزمة    موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك في دوري سوبر السلة    سالم: نجهز ملف كامل حول أزمة القمة قبل الذهاب للمحكمة الرياضية.. ومتمسكون بعدالله السعيد    باو فيكتور: لم أفكر في مستقبلي مع برشلونة.. وسأتخذ القرار المناسب    جمال العدل: عقوبة الأهلي بعد انسحابه مهزلة.. والدوري المصري أصبح أضحوكة    كلوب يفاجئ الجميع.. أوافق على تدريب هذا الفريق    حاولت إدخال حشيش مركز الإصلاح.. المشدد 5 سنوات لربة منزل بالخصوص    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    الأرصاد: طقس غداً الأربعاء حار نهاراً معتدل ليلاً    شوفنا الدم على هدومه.. جيران يكشفون تفاصيل ذبح أب على يد ابنه بأسوان    عامل يشرع في قتل صاحب ورشة بسبب الخلاف على أجرة إصلاح موتوسيكل بسوهاج    احتفاء كبير بعرض الفيلم المصرى "عائشة لا تستطيع الطيران" بمهرجان كان    ذكرى رحيل سمير صبرى وسمير غانم فى كاريكاتير اليوم السابع    بإطلالة أنيقة.. ياسمين صبري تخطف الأنظار في أحدث ظهور    الصور الأولى من كواليس فيلم «بنات فاتن» بطولة يسرا وباسم سمرة    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    الأزهر للفتوى يوضح حجم الحجر الأسود وفضل استلامه ومسحه    إنجاز طبي بمستشفى أطفال مصر: إنقاذ رضيعة بتوسيع الصمام الأورطي بالبالون    طريقة عمل القراقيش بالملبن بخطوات بسيطة    التعريب وثقافة الهوية.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    الجيش السوداني: نقترب من تطهير كامل الخرطوم    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: تصريحات يائير جولان إقرار واضح بجريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا    قبل امتحانات آخر السنة 2025.. ما هو الاختيار الأفضل لتحلية الحليب لطفلك؟ (أبيض ولا أسود)    مستشفى أطفال مصر يجرى عملية توسيع للصمام الأورطى بالبالون عن طريق القسطرة لطفلة حديثة الولادة    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    أونروا: إسرائيل تمنع المتطوعين من دخول قطاع غزة    أنطلاق فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز ويامسين صبري بدور العرض السينمائى    نقابة الفنانين السورية تنعي بطلة «باب الحارة»    دينزل واشنطن يوبخ مصورا قبل حصوله على السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    بعد تداول فيديو.. ضبط قائد سيارة حاول الاصطدام بسيدة على محور 30 يونيو    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    جامعة جنوب الوادي تدعو طلابها للمشاركة في "مسرح الحياة" لتعزيز الدمج المجتمعي    المركزي الصيني يخفض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كورونا تخرج الصحافة الورقية من عباءة التاريخ !
نشر في اليوم السابع يوم 28 - 08 - 2020

لست أدرى لماذا يغضب كثير من الزملاء من أى تصريح أو رأى غير متفائل بمستقبل الصحافة الورقية فى مصر، ألا ندرك جميعا الحقيقة المرة التى نعيشها فى ظل ضرورة حتمية مؤداها أن العالم حاليا يتجه وبقوة إلى الفضاء الالكترونى؟

كثير من الصحفيين ظلوا طوال الأسبوع الماضى يتشدقون بعبارات بالية: من قبيل أننا لايمكن أن نستغنى عن الصحافة الورقية، غير واعيين للكارثة التى نعيشها منذ سنوات، وتحديدا ما بعد أحداث 25 يناير، حين عزف الشباب الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكان مصر حاليا (65% تقريبا) عن شراء الصحف أو اقتناء الكتب الورقية بعد ان وجد ضالتهم المنشودة فى الفضاء التخيلي.

جمهور غفير من صحفيين مازلوا يعيشون فى وهم ما يسمى بأن الصحافة لا تفقد رونقها وبريقها مهما تغيرت الأحوال وتبدلت الظروف، يظل هنالك خوفا ما وقلق شاب بعض المهتمين بالصحافة المصرية من تراجع دور الصحافة الورقية إلى درجة الانهيار أو الاندثار، ليس فقط بالنسبة للصحف المستقلة بل والقومية على رأسها، وبالمناسبة ليس بعضها بل جميعها، فى ظل أن الموقع الإلكترونية، باتت تمثل عفريتاً أو لصاً بإمكانه أن يسرق من الصحافة الورقية عرشها التاريخي.

وقد جاءت تلك المخاوف بعدما أشار تقرير حديث إلى تراجع توزيع الصحف القومية والمستقلة المصرية مؤخراً بدرجة مثيرة للهلع، مع ارتفاع تكلفة الطباعة، بحيث صارت تمثل عبئاً مالياً، بسبب وجود فجوة مالية بين التكلفة الفعلية وسعر البيع، إلى جانب تراجع عائدات الإعلانات لأسباب كثيرة تتابع حدوثها خلال السنوات الأخيرة، حتى أن البعض تساءل: هل تكتب الصحافة الورقية "المانشيت" الأخير؟، ولفت التقرير إلى أن تعامل الدولة مع الأزمة فى ظل كورونا جاء على سبيل تضميد ما يمكن تضميده من جراح.

واستشهد التقرير بلجنة إدارة الأزمة فى الهيئة الوطنية للصحافة التى عقدت اجتماعاً فى نهاية مارس الماضى حضره رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحافية القومية وتم استعراض الموقف فى ما يتعلق بتوافر خامات ومستلزمات الإنتاج من ورق وأحبار وألواح طباعة وغيرها، واطمأن المجتمعون إلى أن المستلزمات تكفى لمدة ستة أشهر، لكن الاجتماع لم يتطرق إلى محتوى الصحف الورقية، وهو أهم أطواق النجاة أو عوامل الإنقاذ من الغرق فى مستنقع التراجع المهنى الذى أصبح كابوسا مفزعا يطارد الذى يعرفون أصول مهنة القلم.

فى مقال سابق لى هنا - الجمعة 9 أغسطس 2019 - بعنوان "إنقاذ الصحافة الورقية أصبح ممكنا .. ولكن؟"، قلت أن الأمل الأخير والوحيد لإنقاذ الصحافة كواحدة من أدوات الإعلام هو إصلاح وتطوير المحتوى، وذكرت فى ذات السياق الذى تحدث فيه وزير الإعلام مؤخرا، بأن مستقبل الصحافة الورقية أصبح مرهونا الآن بالمهنية والإبداع، فالصحافة القومية لن تقدر على التطور ومجاراة الصحافة الإلكترونية إلا عن طريق الاهتمام بما وراء الخبر من تحليل ومتابعات وآراء.

وقتها كان يبدو لى أن الأمل الأخير والوحيد لإنقاذ الصحافة كواحدة من أدوات الإعلام أصبح ممكنا الآن، من خلال ما طرحه الرئيس عبد الفتاح السيسي، فى مؤتمر الشباب بالعاصمة الإدارية، والذى كان يرمى فى جوهره إلى ضرورة تطوير المحتوى الإعلامى وتطويره، وإصلاح الإعلام ومنه الصحافة الورقية على وجه الخصوص فى مصر كان ممكنا - قبل جائحة كورونا التى فرضت شروطا جديدا وغيرت المعادلة تماما - وقلت وقتها أيضا: نحن بحاجة لإرادة قوية، رغم أن الواقع يكشر لنا أنيابه، فأغلب المؤسسات القومية فى مصر خلال السنوات القليلة الماضية تعانى أزمات متعددة، بسبب التطور التكنولوجى وارتفاع أسعار الورق والمطابع، فضلا عن أزمات اقتصادية طاحنة، ما أدى بالضرورة إلى تناقص أعداد التوزيع لعدد من الصحف أو التحول إلى مواقع إلكترونية دون إصدار نسخ ورقية.

الواقع المر الحالى يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن صاحبة الجلالة تئن من كثرة أوجاعها، طالما ظلت بعض قياداتها تتشدق بالأسئلة الصعبة والمستهجنة من قبيل أن (الصحافة الورقية تمرض ولا تموت)، علما بأن أحد منهم لم يكلف نفسه ملامسة الواقع الموجود على الأرض، ويعترف بأن نسب توزيع الصحف المصرية تراجعت بصورة ملحوظة بحسب آخر إحصاء لعام 2018 بسبب تدنى مستواها المهني، ولم تكن أزمة التوزيع الوحيدة التى طالت الصحف المصرية الورقية بشقيها القومى والخاص، بل لايمكن أن نغفل الأزمات المالية التى كانت السبب الرئيسى فى إغلاق عدد من الصحف، وهو ما أرجعه خبراء الإعلام إلى أن الصحافة الإلكترونية أصبحت البديل الأمثل باعتبارها الأرخص تكلفة من الصحف الورقية.

إذن علينا أن لا ندفن رؤوسنا فى الرمال ونعى جيدا حقائق الأمور التى تشير إلى عدم قدرة الصحافة القومية على التطور، كما أن الواقع يشير إلى أن الصحف المصرية الحالية لا تحيط بما شهدته الصحف العالمية من تطور كبير خلال الفترة الماضية، بعد انضمام وسائل جديدة لنقل الخبر وعلى رأسها الهواتف النقالة، وبحسب الأكاديمى الدكتور محمود علم الدين، فإن بعض الصحف العالمية المطبوعة اكتفت بإصداراتها الإلكترونية، موضحا أن عدد متابعى الصحف الورقية على مستوى العالم بلغ 2 مليار و700 مليون، فيما يبلغ عدد متابعى الصحافة الإلكترونية قرابة 3 مليار و200 مليون شخص على مستوى العالم.. إذن نحن فى أزمة حقيقية تحتاج إلى إيجاد حلول عاجلة تحول دون الوصول حافة الزوال.

نحن بحاجة إلى حس صحفى روائي، استنادا لقاعدة "تولستوى" فى كتابة أحداث الرواية: على طريقة "دعنى أرى ماتراه"، وهو مبدأ مهم أرسته جريدة "وول ستريت جورنال" فى تدريب كودارها الجديدة، الأمر الذى مكنها من تجاوز أزمتها قبل عشر سنوات من الآن، وأيضا لابد لنا من الاهتمام أكثر بالرأى والتحليل والمتابعة الدقيقة، وصناعة ملفات احترافية تمس حياة المواطن اليومية، لكن بعضا من هذا وليس كله يتطلب بالأساس اختيار الكوادر الصحفية المنتظرة - هذه المرة – بحيث تكون واعية بحجم الكارثة التى تتربص بنا، كوادر مهنية تدرك حقيقة العصر حتى يستطيع الورق منافسة الفضاء الإلكترونى الذى يمتاز بالانتشار السريع.

كفانا ضياعا واستهتارا بمهنة القلم التى عجزت عن حل أزمتها فى وقت يشهد أكبر تطور فى عصر الميديا، الأمر الذى انعكس على حرمان الصحافة الورقية من ملايين الجنيهات التى كانت تتدفق عليها من الإعلانات، وتوقف قطاع كبير من القراء عن التعامل معها، وهو قطاع الشباب أو من هم دون الأربعين، هؤلاء الذين لم يعرفوا ملمس الورق ورائحة الحبر ومطالعة الجريدة الصباحية، هؤلاء الذين نشأوا فى عصر الستالايت والشبكة العنكبوتية و"السمارت فون"، وبالتالى توجد أزمة حقيقية فى المحتوى، وإذا لم تنتبه الصحف الورقية إلى ضرورة أن تطور من أدائها وفكرتها وطرائق تواصلها ومحتواها، لن يكون لها فائدة.

لدى يقين راسخ الآن أن إنقاذ مؤسساتنا الصحفية وخاصة القومية منها ممكن فى هذه اللحظة الفاصلة من عمر وطن تحيط به كثير من المخاطر، لكن ذلك شريطة حسن الاختيار، خاصة أنه مازالت بعض مؤسساتنا القومية تملك قدرا المواهب والكفاءات الصحفية القادرة على قيادة الدفة والوصول لبر الأمان، كما أن النار التى تستعر حاليا فى جسد صاحبة الجلالة تأتى للأسف من مستصغر الشرر - أقصد صغار المهنة ممن لم يتربوا فى كنف الكبار - وهو الذى ضرب البنية الأساسية لمهنة تضيع تارة بفعل التكنولوجيا، وتارة أخرى بفعل التفاصيل الصغيرة مثل ترديد مقولة "عدم وجود كفاءات حقيقية تستطيع تحمل المسئولية".

وأخيرا: أظن أن الصحافة الورقية كانت عصية على الموت إلى وقت قريب، حين كان لا يزال هناك عدد كبير من الناس ومن ضمنهم أصحاب ألمع العقول البشرية وخيرة المثقفين، الذين تربطهم علاقة عاطفية بالورقة والقلم ولا يمكنهم الاستغناء عن الصحافة المطبوعة والنشر الورقى طيلة حياتهم، إضافة إلى مئات الملايين من القراء الذين لم يكتشفوا بعد العالم الرقمى ولا يتعاملون إلا مع الورق والصحافة الورقية التى لعبت أدورا مهمة فى ترسيخ الهوية والدفاع عن مصر عبر تاريخها الطويل، لكن الوضع الذى خلفته جائحة كورونا أربك المشهد برمته ووضع أسسا جديدة علينا أن نعيها ونبحث فى أسباب تلافيها وإلا علينا أن نكفن الصحافة الورقية ونودعها إلى مثواها الأخير.
كورونا
الصحافة الورقية
الصحافة الإلكترونية
محمد حبوشة
مقالات اليوم السابع
الموضوعات المتعلقة
تكريم سمير الإسكندراني
الجمعة، 21 أغسطس 2020 10:37 ص
مصر آمنة من شرر (نترات الأمنيوم) وغيرها
الجمعة، 14 أغسطس 2020 09:54 ص
لبيروت.. من قلبى سلامٌ لبيروت
الجمعة، 07 أغسطس 2020 09:56 ص
حتما سنرجع يوما إلى فلسطين أيها الشاعر
الجمعة، 31 يوليه 2020 01:10 م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.