كنت متفوقة فى دراستى وأنا صغيرة، حتى أن أهلى حلموا لى بمستقبل زاهر، كنت واثقة من أننى سأصبح طبيبة، وكان كل وقتى مخصصا للدراسة والاطلاع حتى أننى لم أكن اهتم بمخالطة الناس، حتى الجيران لا يعرفوننى إلا بالاسم. بعد وفاة والدى وأنا فى المرحلة الثانوية أصبحت أفتقد الكثير من الحنان، وتغير حالى حتى فى المدرسة، أصبحت مهملة، ولم احقق حلمى فى الثانوية العامة ولم أصل إلى النسبة العالية التى كنت قد تعودت عليها، فأصبت بصدمة شديدة، مما أفقدنى ثقتى بنفسى، حتى وجهى أصبح نحيلاً وأصبحت أعانى من حب الشباب، فدخلت كلية تربوية لا ترقى لمستوى طموحى أبدا. ودرست دراسة بلا طعم ولا رائحة، حتى أخذت الشهادة وتزوجت، ولم يكن لى رأى قوى فى هذا الزواج، لأننى لا أشعر بطعم الحياة، الآن مرت سنتان، ولم أحمل، وأفقد ثقتى فى نفسى يوما بعد الآخر، فأنا لا أجيد الطبخ، ولا أستطيع أن أجرب خوفا من الوقوع فى الخطأ، خصوصا أننى أعيش مع حماتى وأخت زوجى. كذلك لا أجد راحتى فى هذا المنزل وأتمنى أن يصبح لى بيت مستقل مع أن ذلك من رابع المستحيلات، لأن زوجى هو الابن الأصغر وأمه تسكن معه، بينما الأخوة الباقون مستقلون أى أننى الوحيدة غير المستقلة، ومكتوب على الشقاء وعدم الراحة، فأنا أحلم ككل أنثى فى هذه الدنيا بمملكتى الخاصة التى أتصرف فيها كيفما أشاء.. فماذا أفعل؟ طبعاً ممكن تحلها د.فيروز عمر الاستشارية النفسية ومديرة جمعية قلب كبير تجيب: هل أنت مستعدة لأن تقرئى حياتك الآن بشكل مختلف؟!إذا كنت مستعدة فأكملى تصفح الإجابة؟ وإذا كانت الفكرة لا تروقك فلا داعى للاستمرار فى القراءة.. سبب المشكلة: أقول لك: أنت تقرئين كل فصل من فصول حياتك قراءة سلبية تتأثر كثيراً بنظرة العرف والمجتمع التى لا تكون صحيحة فى كل الأحوال..كلية الطب هى كلية القمة من وجهة نظر المجتمع فقط، ولكنها ليست كذلك فى الحقيقة فهى ليست القمة فى صعوبتها ولا فى قيمتها ولا حتى فى مستقبلها، ومن يلتحقون بها ليسوا أفضل الناس ذكاء ولا قدرات وباقى الكليات ليست أقل منها قيمة وشأناً. أقول لك هذا الكلام من واقع تجربة شخصية، فأنا قد أمضيت فى دراسة الطب والعمل به خمسة عشر عاما من عمرى اكتشفت بعدها أن هذا المجال أضعف من أن يحقق لى طموحى وأن قدراتى فى مجال الإصلاح الاجتماعى والتربوى لن يستوعبها المجال الطبى فتوجهت لدراسة التربية وعلم النفس التى ترقى بمستوى طموحى، فلا توجد كلية قمة وكلية قاع، والشىء الذى يرتقى بطموحى هو الذى يناسبنى ويناسب قدراتى التى تختلف عن قدرات هذا وذاك وتلك. نقطة أخرى أدعوك لإعادة قراءة الأحداث بطريقة مختلفة تقولين أنا الوحيدة غير المستقلة ومكتوب على الشقاء وعدم الراحة.. وأقول لك يا سيدتى.. أنت مخطئة.. لست الوحيدة المكتوب عليها التعب.. فكلنا مثلك.. ولكن الله سبحانه وتعالى يختار لكل إنسان التعب الذى يناسبه بحكمته وخبرته جل شأنه.فأخت زوجك مثلا مكتوب عليها شقاء العنوسة وإذا تأملت حال زوجات إخوة زوجك اللاتى يعشن فى بيوت مستقلة ستجدين كلا منهن لديها تعب فى جانب آخر من جوانب حياتها.. وبالمناسبة، ربما يكون هذا التعب والشقاء الذى يعانيه كل منا واضح، وربما يكون خفيا لا تعلمه إلا هى وربها.. لكن الجميع فى تعب.. قال تعالى «لقد خلقنا الإنسان فى كبد» لذلك.. يخطئ من ينظر لحياته بشكل سلبى ولا يرضى بما قسمه الله له، ويحمد الله تعالى عليه ويحاول أن يرى الإيجابيات كما يرى السلبيات، ويقتنع أن هذه هى الحياة وأنه لا يوجد من يعيش السعادة المطلقة على سطح الأرض.. فالنعيم الخاص فى الجنة فقط.. وأنتقل لنقطة ثالثة أدعوك أيضاً لقراءتها بشكل مختلف.. (ضعى علامة (صح) أمام العبارة الصحيحة مما يلى: (1) يجب ألا أخطئ حتى لا أتعرض لانتقادات الآخرين. (2) يجب أن أكون أكثر ثقة وتوازنا عندما أخطئ حتى أستطيع تحمل انتقادات الآخرين والاستفادة منها.. أى العبارتين صواب؟! لا شك أن العبارة الأولى خطأ.. لأن الإنسان لا يمكن ألا يخطئ، هذا سيحدث فى حالة واحدة: إذا مات وإذا افترضنا أن الإنسان يمكن أن يعيش دون أن يخطئ فإن هذا له معنى واحد: وهو: أنه لن يتقدم أبدا ولن يتعلم شيئاً.. الحل إذن هو أن يتعلم أن يكون رد فعله واثقا وقويا ومتوازنا إذا أخطأ، لا يبالغ باهتمامه برد فعل الآخرين، ولا ينشغل كثيراً بمجرد إرضائهم، بل يكلف نفسه بما يطيق ويجتهد أن يصبح أفضل بالتدريج، دون تراخ ولا عجلة.. تحدثت معك حول ثلاث نقاط: ◄ تقييمك لدراستك الذى بدا فى فقدك ثقتك بنفسك ◄ رؤيتك للسلبيات فى حياتك دون الإيجابيات ◄ حساسيتك الشديدة فى الخطأ.. والآن ألخص لك ما يترتب على هذا: ◄ أعيدى بناء ثقتك فى نفسك فى ضوء فهمك واكتشافك لقدراتك المختبئة، احمدى الله على حياتك.