القائمة الوطنية من أجل مصر تنظم مؤتمرا جماهيريا بالمنطقة اللوجستية في طنطا اليوم    جامعة الإسماعيلية الجديدة تهنئ بطل العالم في سباحة الزعانف    «تعليم الجيزة»: المتابعة اليومية بالمدراس رؤية عمل لا إجراء شكلي    حكاية وباء يضرب الحياة البرية.. إنفلونزا الطيور تفتك بآلاف أفيال البحر في الأطلسي    هيئة سلامة الغذاء تقوم بحملات تفتيشية على 94 منشأة غذائية لتقييم مدى التزامها باشتراطات الجودة    حملات على مخالفات البناء والظواهر العشوائية بعدد من المدن الجديدة    سعر الدينار الأردني أمام الجنيه في البنك المركزي اليوم الأحد    عبد الرحيم علي يسأل.. أيحتاج موقفٌ بهذا الوضوح إلى معجمٍ سياسيٍّ كي نفهمه؟    إيران تكشف تفاصيل أول قصف إسرائيلي استهدف موقعا نوويا في حرب ال12 يوما    القاهرة الإخبارية: اشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع بغرب كردفان    ليفربول يزاحم مانشستر سيتي على ضم سيمينيو    الحضري: مواجهة الجزائر مهمة للوصول لهيكل المنتخب الأساسي.. وندعم حسام حسن    هاري كين: لن أحصل على الكرة الذهبية حتى لو سجلت 100 هدف    "أدار مباراتين للأبيض".. طاقم تحكيم رواندي لمواجهة الزمالك ضد كايزر تشيفز في الكونفدرالية    ضبط 15 مخالفة تموينية وصحية بمخابز قريتي شبرا نباص وصرد بمركز قطور بالغربية    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    بالأسماء، إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص ونقل بطريق ميناء الدخيلة في الإسكندرية    إسرائيل تسرق 17 ألف قطعة أثرية من متحف قصر الباشا بغزة    خالد النبوي: مدحت العدل واجه تحديات لعرض "الديلر" وتعلمت الروسية لتقديم "علي الحلواني"    مستشفيات جامعة القناة تطلق فعاليات مؤتمر اتحضر للأخضر    محافظ أسيوط: تكثيف حملات النظافة ورفع المخلفات بالبداري لتحسين البيئة    إكسترا نيوز: مصر تواصل تقديم شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يواصل تنظيم فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي" في الإسكندرية    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    سماء الأقصر تشهد عودة تحليق البالون الطائر بخروج 65 رحلة على متنها 1800 سائح    إعتماد المخطط العام لأرض مشروع «عربية للتنمية والتطوير العمراني» بالشيخ زايد    الاحصاء: معدل البطالة 6.4٪ خلال الربع الثالث لعام 2025    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    حقه يكمل مشواره| شوبير يدافع عن حسام حسن قبل مباراة مصر وكاب فيردي    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    برنامج بطب قصر العينى يجمع بين المستجدات الجراحية الحديثة والتطبيقات العملية    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    ارتفاع الذرة المستوردة وانخفاض المحلية، أسعار الأعلاف والحبوب اليوم في الأسواق    البورصة تستهل تعاملات جلسة اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 بارتفاع جماعي    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    الفسطاط من تلال القمامة إلى قمم الجمال    الليلة على DMC .. ياسمينا العبد تكشف أسرار مشوارها الفني في صاحبة السعادة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    حالة الطقس في السعودية اليوم الأحد.. أمطار رعدية غزيرة وتحذيرات من السيول    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    مصر ترحب باتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين جمهورية الكونجو الديموقراطية وحركة M23    كيف نظم قانون الإجراءات الجنائية الجديد تفتيش المنازل والأشخاص؟    كبير الأثريين يكشف تفاصيل تطوير المتحف المصري بالتحرير    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    وزير الخارجية يجري اتصالات مكثفة بشأن الملف النووي الإيراني    اليوم.. وزيرالثقافة ومحافظ الإسكندرية ورئيس أكاديمية الفنون يفتتحون فرع ألاكاديمية بالإسكندرية    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    كمال درويش يروي قصة مؤثرة عن محمد صبري قبل رحيله بساعات    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    خالد عبد الغفار: مصر تحقق نجاحات كبيرة جدًا على المستوى الدولي    أهلي جدة يبدأ خطوات الحفاظ على ميندي وتجديد العقد    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موجات الغناء الإنسانى بين التعبير عن الجماهير والفوضى الفنية
نشر في اليوم السابع يوم 11 - 08 - 2011

نافذة جديدة تطل منها وجوه غير مألوفة، تتغنى بكلمات تصل لقلب مستمعيها دون إذن، لون جديد وطعم جديد وطريقة أداء جديدة أيضًا تشكل ملامح الساحة الغنائية فى مصر بعد الثورة.
قبل تنحى الرئيس السابق بأيام قليلة، ارتقى شباب منصات ميدان التحرير، حمل كل منهم بين يديه "جيتارًا"، ورددوا كلمات بسيطة مستوحاة من شعارات المظاهرات، بدءًا من "الشعب يريد إسقاط النظام"، نهايةً ب"ارحل يعنى أمشى ياللى ما بتفهمشى".
هذه الموجة التى صنفت وقتها على أنها مجرد "ردة فعل" للأحداث السياسية، ضربت شواطئ الغناء المصرى بقوة عقب الثورة، وأفرزت نماذج كثيرة تغنى دون قيدٍ يكبلها أو رقيبٍ يسألها.
يقول أنصار هذا اللون، إن ما يقدمونه محاولة لإعادة إحياء الغناء الإنسانى، مؤكدين أن الفن الهادف هو غايتهم، مطالبين بكسر الصورة التقليدية للغناء، سواءً فى كلماته أو ألحانه أو طريقة أدائه، يراهنون على نجاحهم بالجمهور الذى ملّ الغناء بالأرداف والأفخاذ، وضاق بأغانٍ لا تعبر عن الواقع الذى يعيشه وبالمضمون البسيط الذى يقدمونه.
"فيه فرق كبير بين أنك تغنى للناس وأنك تغنى عليهم"، كانت هذه الكلمات فاتحة حديث الشاعر محمد السيد، الذى انتشرت كلماته على أفواه مطربين شباب بعد الثورة، مضيفًا: "اللون العاطفى كان المسيطر على الساحة الغنائية، وكأنه مفروض بأوامر عليا، لكن الوضع اختلف تمامًا الآن، وأصبحت الساحة الفنية مُهيأة لألوان أخرى".
وتابع السيد: "نسعى للتعبير عن واقع الناس وأزماتهم، من خلال الأغانى التى نقدمها، وهناك إقبال كبير، بدليل المبيعات التى حققها ألبوم حمزة نمرة، والحضور الجماهيرى لحفلات فريق وسط البلد".
وأكد الشاعر السكندرى الشاب الذى نسج كلمات أغان متعددة، أن التحدى الكبير الذى يواجهه هو وأنصار "الغناء الهادف"، على حد قوله، هو: "ضرورة تقديم أعمال تعبر عن نبض الشارع وترتقى بذوقه العام فى وقت سريع".
التقت كلمات السيد مع صوت مطرب شاب من رواد "الغناء الإنسانى" هو محمد النحاس فى أغانٍ كثيرة، أشهرها "يتربى فى سجنك"، التى تحدثت عن الرئيس السابق، وصيغت فى قالب مشابه لأغنية "السبوع" من فيلم الحفيد، وتقول كلماتها: "حلقاتك برجالاتك شرفت ياسيد المساجين.. خش وجرش جنب إخواتك وولادك وياك الاتنين.. يارب ياربنا طول فى عمره وهاتلنا، أحكام تفرح قلبنا".
يحدد النحاس سببين رئيسيين حالا دون انتشار الغناء الإنسانى فى الفترة السابقة، هما القيود التى فرضها النظام السابق على كل معارضيه، إذ لم يكن مسموحًا له ولغيره أن يجهر بكثير من آرائه، بالإضافة إلى أن "الذوق العام" للمجتمع فى تلك الفترة لم يكن مهيئًا لذلك.
ويرفض المطرب الشاب الذى غنى "أنا مش آسف ياريس"، و"تانى التحرير"، و"الفتنة أم بتاعه" وصف ما يقدمه هو وأبناء جيله ب"الغناء السياسى"، مشيرًا إلى أنهم "يغنون للناس ويعبرون عن احتياجاتهم وآمالهم وآلامهم أيضًا، سواءً كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها".
البساطة التى يتسم بها هذا اللون الغنائى ، جعلته عرضة لانتقادات كثيرة ، ففى الغالب تصاحب كلمات الأغانى آلة وحيدة هى الجيتار، ويتم تصويرها بطريقة غير احترافية، ويعلل النحاس افتقار كثير من الأغانى الإنسانية التى ظهرت مؤخرًا ل"الكواليتى المطلوب" قائلاً: "حتى الآن لا يوجد ممول يدعم هذا اللون، وأغلب أعماله تتم بالمجهود الذاتى لأصحابها، كما أن بعض الأغانى التى نقوم بإنتاجها تكون ردة فعل لحدث معين ويجب أن ننتهى منها بسرعة كبيرة".
ويراهن النحاس على "زيادة انتشار هذا اللون الغنائى فى الفترة المقبلة، لأنه يعبر عن الناس ويلتحم بتفاصيل حياتهم اليومية".
"هذا اللون نجح فى تحقيق معادلة صعبة، هى تحقيق انتشار واسع بأقل إمكانيات مادية متاحة" بُعد جديد رصدته هاجر السيد، مدير شركة بيونكرى للتسويق والإنتاج الفنى، والمتخصصة فى تسويق "الغناء الهادف"، على حد قول مؤسستها.
أضافت السيد: "بعض الأعمال الشابة تفتقر مقومات فنية مهمة، لكنها رغم ذلك تنجح فى الوصول إلى قطاع عريض من الجماهير، وتكون بالغة التأثير فيهم، لأنها تحوى مضمونًا قيّما".
وتابعت: "الإقبال على هذا اللون الغنائى بدأ قبل الثورة بعام أو
عامين، ثم ازداد بعد الثورة لأن المناخ أصبح أكثر تحررًا".
ويشير المطرب مصطفى محمود أحد رواد اللونين الإنسانى والإسلامى فى الغناء؛ إلى سبب واضح فى عدم انتشار أغانى بعض المطربين الشباب فى الفترة الماضية، هو عدم اهتمامهم بتسويق ما يقدمونه أو الوصول إلى شريحة كبيرة من الجماهير، قانعين بنسبة ضئيلة من الشباب المثقف والمتدين.
الإشادة السابقة بهذا اللون من رواده، قابلها هجوم عنيف وانتقاد لاذع من المؤرخ عاصم الدسوقى الذى وصف ما تشهده الساحة الفنية حاليًا بالفوضى.
قال الدسوقى: "بديهى أن الفن بمختلف أشكاله يعبر عقب الثورات عمّا أنجزه الشعب خلال الثورة، وعمّا يأمله فى المرحلة المقبلة، لكنّ ما حدث بعد 25 يناير فى الفن عمومًا، وفى الغناء خصوصًا، لا علاقة له بالثورة من قريب أو من بعيد".
وأضاف: "بالمقارنة بثورتى 1919 و1952 فما يحدث الآن هو فوضى فنية، تعكس تردٍ كبير وواضح فى مستوى هذا الشباب الذى يحاول جزء منه القفز على الأحداث والتواجد فى صدارة المشهد".
وتابع: "بعد ثورة 1919 وجدنا بيرم التونسى وسيد درويش وغيرهما من رموز الفن، يعبرون عن واقع الشعب وأزماته بطريقة راقية متحضرة وكذلك بعد ثورة يوليو".
ويختلف معه الدكتور عماد عبد اللطيف أستاذ البلاغة بكلية آداب جامعة القاهرة، الذى يؤكد أن موجة "الغناء الإنسانى" تساهم بصورة كبيرة فى التعبير الجاد والفعلى عن حياة المواطنين، مشيدًا ببساطة الكلمات التى يقدمها هذا اللون وتأثيرها البالغ فى الجماهير.
ويسترسل عبد اللطيف قائلاً: "كلما كانت كلمات الأغانى بسيطة كلما زاد تأثيرها فى المستمعين، وكلما ترددت على الألسنة فترة أطول، ولهذا نجد أن ذاكرة المصريين تحتفظ دائمًا بالأغانى ذات الكلمات السهلة".
ويشير أستاذ البلاغة إلى أن "الطفرة" التى يشهدها الغناء الإنسانى حاليًا ستساهم بصورة كبيرة فى تحسين سمعة "الأغانى الشعبية"، التى كان يُنظر إليها كثيرًا نظرة احتقار.
"ما يشهده الوسط الفنى حاليًا فساد غنائى شبيه بالفساد السياسى الذى عانينا منه فى العصور السابقة".. كلمات قليلة العدد، قوية الدلالة للموسيقار حلمى بكر، الذى تعجب من انتشار "هذا اللون" و"هذه الأشكال" بعد الثورة.
وأضاف بكر: "الأصوات الموجودة أغلبها لا يصلح للغناء، والكلمات ركيكة للغاية، والألحان ضعيفة، ولا يُعقل أن يكون غناءً بهذه المواصفات هو التعبير الصادق عن الثورة المصرية".
واستطرد بكر فى حديثه عن الطريقة التى تقدم بها هذه الأغانى قائلاً: "الشباب يقدمون أغانيهم بطريقة "أمريكان ستايل"، وهذا لا يعبر عن الثورة ولا عن الفن المصرى بأى شكل من الأشكال"، متابعًا: "هل نفهم من ذلك أن أمريكا هى التى قامت بالثورة؟.. بالطبع لا، لكن الشباب لم ينجحوا حتى الآن فى اختيار الطريق السليم للتعبير عن ثورتهم".
بين الإشادة ومحاولات البحث عن الانتشار وبين الانتقادات الحادة ومحاولات التقزيم.. يبرز سؤال رئيسى حول إمكانية استمرار التفوق النسبى لهذه الموجة الغنائية فترات طويلة؟ هل تظل أقدام رواد "الغناء الإنسانى" ثابتة على الأرض، أمام ضعف الإمكانيات وغزوات الرافضين؟ أم تنتهى تلك الموجة وتختفى آثارها كما اختفت سابقات لها من قبل؟.
أنصار هذا اللون يؤكدون أن "المستقبل لهم" والرافضون يتوقعون "الاندثار إذا ما لم يُجوّدوا أداءهم"، وبين الطرفين يقف المستمع حكمًا عليهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.