المسئولية الاجتماعية للشركات (CSR) فى ضوء المعيار الدولى أيزو 26000 تعمل على تعظيم دور المحاور الثلاثة الأساسية الاقتصادية والبيئية والاجتماعية Triple Bottom Line (TBL) التى ترتكز عليها أهداف التنمية المستدامة (SDGs). تَبنى الشركات لاستراتيجية المسئولية الاجتماعية يحقق لها التفوق والتميز على منافسيها ويؤثر على رضا العاملين وولاء العملاء. دوماً يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى خطاباته على ضرورة قيام شركات القطاع الخاص بدورها فى مجال المسئولية الاجتماعية، ومدى أهمية ذلك فى المرحلة الراهنة وأثر ذلك على تخفيف الآثار الناتجة عن خُطوات الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى الضرورية التى تقوم بها الدولة. ولا يخفى على أحد أن المفاهيم الحديثة للمسئولية الاجتماعية للشركات بعيدة كل البعد عن مجتمعاتنا العربية فلازالت النظرة للمسئولية الاجتماعية للشركات على أنها عمل خيرى تطوعى له مجالات محددة فى دور الأيتام أو إعالة عدد من الأسر الفقيرة أو فى زراعة وتشجير البيئة المحيطة بالشركة وغيرها من المفاهيم القديمة التى انتهى العمل بها منذ سبعينات القرن الماضى فى الدول التى سبقتنا فى تبنى مثل هذه الاستراتيجيات والتى اطلقت على هذه المرحلة (المسئولية الاجتماعية للشركات المدفوعة بالإحسان) والتى تخطتها هذه الدول منذ زمن ليس بقريب، وبعدد من المراحل المتلاحقة للمسئولية الاجتماعية حتى وصلت إلى مرحلة (المسئولية الاجتماعية للشركات المدفوعة بالمسئولية)، وهى مرحلة يتم تبنى المسئولية الاجتماعية للشركات كنظام عام للشركة ودمج نموذج الأعمال عن طريق الابتكار كوسيلة لتقليل المخاطر، ويطبق فيها المعيار الدولى للمسئولية الاجتماعية للشركات ISO 26000، والتى تأسست فكرته على المحاور الثلاث الهامة ( المحور الاقتصادى، والمحور الاجتماعى، والمحور البيئى ) أو ما يطلق علية (TBL) (Triple Bottom line) وانشطته الرئيسية السبعة ( الحوكمة المؤسسية، وحقوق الإنسان، وممارسات العمل، والبيئة، وممارسات التشغيل العادلة، وقضايا المستهلك، ومشاركة وتنمية المجتمع ). ومن يدقق النظر فى هذه المحاور الرئيسية للمسئولية الاجتماعية للشركات يجدها هى نفس المحاور الرئيسية التى تعمل عليها وتسعى إلى تحقيقها أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر والتى تطالب تضافر جميع الجهود للوصول لها سواء الحكومية أو القطاع الخاص أو المجتمع المدنى أو الأفراد ولكل منهم دور هام فى تحقيق هذه الأهداف.
ولا يخفى علينا أن قيام القطاع الخاص أو الشركات بدورها تجاه نفسها من ناحيه وتجاه أصحاب المصالح من ناحية أخرى بتبنيها استراتيجية من اهم الاستراتيجيات التى تتبناها الشركات وهى استراتيجية المسئولية الاجتماعية ليس من سبيل الصدقة أو الخسارة أو إنفاق لأرباح حققتها، وانما على العكس تماماً فإن الشركات تحقق مكاسب مباشرة من تبنيها لهذه الاستراتيجية وهذا ما أثبتته أحدث دراسة علمية تمت بمصر وكان مجال تطبيقها شركات تجميع السيارات بأن تَبنى الشركات لاستراتيجية المسئولية الاجتماعية يحقق رضا العاملين وولاء العملاء فضلاً عن الدراسات التى تمت على اسواق عالمية مختلفة حققت نفس النتائج،ولذلك فإن قيام الشركات بتَبنى هذه الاستراتيجية سوف يحقق لهم التفوق على منافسيهم من خلال محورين أساسيين أحدهما خارجى والآخر داخلى أما المحور الداخلى فهو العاملون ورضاؤهم وماله من أثر على إنتاج الشركة والآثار الإيجابية لذلك كثيرة لا مجال لذكرها هنا، وأما العامل المحور الخارجى هو ولاء العملاء وماله من أثر إيجابى على التسويق لمنتجات الشركة ونظرة العملاء لهذه الشركة المسئولة اجتماعيا. ومما لا شك فيه فإن المفهوم الموسع للمسئولية الاجتماعية للشركات وفقاً للمعيار الدولى ايزو 26000 يضع معايير عالية لقدرة الشركات على تحديد الاحتياجات الاجتماعية ومشاركة العديد من الجهات أصحاب المصالح لمعالجة قضايا التنمية المستدامة، والأمر على نحو ما سبق يتطلب وجود أطر نظرية وإدارية متكاملة لتحديد أثر المسئولية الاجتماعية للشركات على أهداف التنمية المستدامة. كما أن أهداف التنمية المستدامة توفر منهج عمل متكامل للمسئولية الاجتماعية للشركات الموجهة نحو المستقبل وتعد فرصة فريدة لاستخدام هذه الاهداف كإطار عام لتطوير المسئولية الاجتماعية للشركات لخلق القيمة المشتركة، وتقييم الآثار الإيجابية لأهداف التنمية المستدامة مثل ( تخفيف حدة الفقر وسبل العيش والصحة والتعليم والحد من الآثار السلبية من استهلاك الموارد والتلوث وانتهاكات حقوق الإنسان). ولذلك ترى كثيرا من الأبحاث العالمية أن أهداف التنمية المستدامة هى إطار لتحسين مشاركة تلك الشركات فى المسئولية الاجتماعية للشركات بطريقة تسهم فى تحقيق تنمية مستدامة. وبعد الأزمة الاقتصادية العالمية 2008/2009 والتى أظهرت قصور فى الرؤية الاجتماعية للشركات أصبحت الحاجة إلى خلق قيمة مشتركة أمر هام وضرورى، وكما أوضح أحد أكبر وأهم أساتذة علم الاستراتيجية الأمريكيين "مايكل بورتر" أن التركيز على خلق قيمة مشتركة بين المساهمين من ناحية وبين أصحاب المصالح (الموردين/ العاملين/ العملاء/ الحكومات/ الجمعيات الأهلية/ البيئة... إلخ ) من ناحية أخرى تؤدى إلى النجاح فى خلق مساهمة ملموسة فى التنمية المستدامة. والجدير بالذكر أن التنمية المستدامة عند صياغتها كان هناك حضور قوى لشركات القطاع الخاص بالمناقشات وعند وضع الأهداف الأساسية للتنمية المستدامة السبعة عشر والأهداف الفرعية البالغة 169_ هدف فرعي_ حيث يتم تشجيع الشركات صراحة على اعتماد ممارسات مسئولة اجتماعيا والإبلاغ عن آثارها فى الاستدامة (الهدف 12.6)، وهذا خلاف شراكة هذه الشركات مع القطاع الحكومى والمجتمع المدنى لتحقيق اهداف التنمية المستدامة ( الهدف 17). و لذا وجب علينا أن ننظر إلى المسئولية الاجتماعية للشركات واهداف التنمية المستدامة على أنهم وجهان لعملة واحدة فيما يخص دور شركات القطاع الخاص وخاصة أنها أهداف عامة تحقق منافع مباشرة لجميع الأطراف، وإن كانت الاولى تحقق منافع مباشرة وواضحة ومرتبطة بشكل مباشر بما تقدمة هذه الشركات للمجتمع. المدير التنفيذى لجهاز حماية المستهلك عضو مجلس إدارة جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية