ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية فى تقرير لها أن الرئيس السودانى، عمر البشير المتهم بارتكاب إبادة جماعية ضد سكان دارفور، بدأ فى الأسابيع القليلة الماضية وكأنه يوجه دفة بلاده مجددا نحو الحرب، لاسيما وأن قواته العسكرية والدبابات تم نشرها بعنف بالقرب من أيبى، القرية المتنازع عليها والتى تفصل بين جنوب وشمال السودان. فضلا عن أنه أرسل آلاف الجنود إلى منطقتين مضطربتين كذلك، وهما النيل الأزرق وكردفان، فى الوقت الذى أبقى فيه على الحصار الخانق على الجنوب، مانعا عنه الغذاء والوقود، كما كثفت جماعات المليشيا فى الجنوب، والتى يعتقد على نطاق واسع أن جهاز مخابرات البشير منحهم الأسلحة، هجماتها ضد القواعد العسكرية، وقاموا بسرقة الأسلحة من القوات الجنوبية التى تحاول التصدى لجميع هذه التهديدات، أحيانا عن طريق خطف عربات الأممالمتحدة للوصول إلى ساحة المعركة. ويرى الدبلوماسيون والمحللون أن البشير يلعب وفقا لاستراتيجية بالغة الذكاء وضعها بحرص ليضمن لحكومته الشمالية عند إعلان الجنوب لانفصاله الشهر المقبل التحكم فى أكبر قدر من النفط، أو على الأقل الحصول على التعويض المناسب. ونقلت "نيويورك تايمز" عن زاك فيرتن، المحلل فى مجموعة الأزمات الدولية، التى تجرى أبحاث عن الصراعات فى مختلف أنحاء العالم قوله "استيلاء الخرطوم على أيبى والمواقف العدوانية قبل الاستقلال، ما هو إلا محاولة لتعزيز كفتهم عند التفاوض، والضغط على الجنوب للحصول على أكبر قدر من النفط، والاتفاقيات الاقتصادية وترتيبات الحدود". ويعتقد المحللون أن البشير ربما يبدى استعدادا للتخلى عن أيبى للجنوب ويترك هؤلاء الذين فروا منها أثناء الاستيلاء عليها للعودة مجددا إلى منازلهم، فى حال حصل على اتفاق جيد متعلق بقضايا الانفصال أهمها بالطبع، النفط. وقالت "نيويورك تايمز" أن الاقتصاد سيكون أكثر الملفات الشائكة طرحا على طاولة المفاوضات بين شمال السودان وجنوبه ، وبالتالى فإن اعتماد الدولتين على النفط كركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد سيجعله إما مصدرا للتوتر بينهما أو مصدرا لتكاملهما وتوحدهما.