بعد إنشاء 12 جامعة جديدة.. توجيه من وزير التعليم العالي لمجلس الجامعات الأهلية    تفاصيل الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من "حقوق السوربون" بجامعة القاهرة    مصر تعمل على إعداد خريطة استثمارية وطنية شاملة خلال 3 أشهر    لافروف يربط إنهاء الحرب ب"حياد أوكرانيا" ويحذر من نوايا ألمانيا العسكرية    الشهابي: جرائم الاحتلال تجري بدعم أمريكي وصمت دولي    الاتحاد الأوروبي يدعو إلى وقف نار فوري ومستدام في غزة    حسم الدوري.. التشكيل المتوقع لبيراميدز في مواجهة سيراميكا كليوباترا    ضبط قضايا اتجار عملات أجنبية بقيمة 9 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    بالصور- إقبال على المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة ببورسعيد    تامر حسني يمازح باسم سمرة في عيد ميلاده: "بيقتل التورتة مش بيقطعها"    سعد لمجرد وصفها بأيقونة المغرب.. وفاة الفنانة نعيمة بوحمالة    ُصرف غدا.. شيخ الأزهر يوجّه بمنحة عاجلة لهذه الفئة    "التأمين الصحي" يوقّع اتفاق تعاون مع مركز "جوستاف روسي"    غدا.. انطلاق مؤتمر قصر العيني الطبي بمشاركة دولية واسعة لرسم مستقبل الابتكار الصحي"    محافظ بنى سويف يستمع لمشاكل واحتياجات أهالى قرية بنى هانئ    تعرف على ترتيبات تسليم جائزة درع الدورى لبطل الموسم الحالى اليوم    عبد الواحد السيد يتولى الاشراف على ناشئين الزمالك بشكل مؤقت    الزمالك يفقد خدمات الجفالي في نهائي كأس مصر    آمنة الطرابلسي تودع علي فرج برسالة مؤثرة بعد اعتزاله الإسكواش رسميا    بايرن ميونخ دون صفقات قبل كأس العالم للأندية    رئيس مدينة رأس غارب يعقد اللقاء الدوري مع المواطنين لتلبية احتياجاتهم    الرئيس السيسى يتابع المُستجدات المُتعلقة ب"الرواد الرقميون" ودراسة توسيع قاعدة المستفيدين لإحداث نقلة نوعية في الكوادر المدربة بمجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.. ويوجه بالاستمرار في تنفيذ خطط التحول الرقمي    تموين الغربية يضبط مجزر دواجن غير مرخص بزفتى | صور    روبوت ينظم المرور بشوارع العاصمة.. خبير مرورى يكشف تفاصيل التجربة الجديدة.. فيديو    مبادرة "أنورت" تهدف لاستقبال ضيوف الرحمن والترحيب بهم فى جميع المنافذ البرية    «المنشاوي» يفتتح تطوير الصالة المغطاة بالقرية الأولمبية بجامعة أسيوط    لمواجهة الفكر المتشدد.. "أوقاف الفيوم" تنظم دروسًا منهجية للواعظات    الشركة المتحدة تفوز بجائزة أفضل شركة إنتاج بحفل جوائز قمة الإبداع    وداعاً تيتة نوال.. انهيار وبكاء أثناء تشييع جنازة جدة وئام مجدى    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل الغارة الجوية الإسرائيلية على صنعاء    بنك ABC مصر يحقق صافي أرباح 564 مليون جنيه    دار الإفتاء توضح أفضل الأعمال في أيام العشر من ذي الحجة.. ذكرٌ وصيامٌ وتهليل وأضحية    إندونيسيا مستعدة لإقامة علاقات مع إسرائيل حال اعترافها بفلسطين    مصادر تكشف عن محادثات سرية مباشرة بين إسرائيل وسوريا لاحتواء التوتر على الحدود    الصحة تنظم يوماً علمياً بمناسبة اليوم العالمى لمرض التصلب المتعدد لتعزيز الوعى    البليهي يرحب بالرحيل عن الهلال    «تمريض بني سويف» تستقبل لجنة الدعم الفني بمركز ضمان الجودة    زيلينسكي يقترح عقد اجتماع ثلاثي مع ترامب وبوتين    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    هل نجح فيلم نجوم الساحل في تحقيق إيرادات قوية.. شباك التذاكر يجيب؟    صندوق النقد يحث مصر بتقليص دور القطاع العام في الاقتصاد بشكل حاسم    "أدهم ضحية بلا ذنب".. مقتل بائع متجول تصادف مروره قرب مشاجرة بسوهاج    60 نصيحة من دار الإفتاء لاغتنام أكبر ثواب فى العشر الأوائل من ذى الحجة    أول أيام ذي الحجة 2025.. كيف نستعد؟    قبل مواجهات حسم الدوري.. كواليس تحركات فريق بيراميدز فى المحكمة الرياضية الدولية    إعادة فتح باب تلقي طلبات توفيق الأوضاع بمنطقة الحزام الأخضر ب 6 أكتوبر    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية ويوجه بسرعة إعلان نتائج الامتحانات    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    طريقة عمل قرع العسل، تحلية لذيذة بخطوات بسيطة    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    إعلام حوثي: الاحتلال الإسرائيلي شن 4 غارات على مدرج مطار صنعاء وطائرة للخطوط اليمنية    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    محامي نوال الدجوي يروي تفاصيل محاولة الحجر على موكلته وطلب حفيدها الراحل الصلح    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فؤاد المهندس.. الأستاذ
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 08 - 2018

أطل برأسه من الصندوق الخشبى باحثا عن فتاته الصغيرة، لكنه لم يلمحها بين الحضور، بُهت من الوجوه الكثيرة التى تحيط صندوقه الخشبى القديم. مشيعون كثيرون يتبعونه لم ير أكثرهم منذ سنوات طويلة، والبعض الآخر لا يعرفهم على الإطلاق. لماذا تذكروه الأن؟ ليعتبروا به أم جاءوا بحسن نية فقط لوداعه
تذكر يوم اتبع مثل كثيرين جنازة أقرب الأشخاص إلى قلبه فى صيف سبتمبر 2006. تساءل فلماذا ألوم على من خرج لوداعى اليوم وأنا لا أعرفه؟ ترى هل تضايق الأستاذ يوم زاحمت معارفه وأصدقائه وتقدمت لحمل نعشه باكيا؟ ربما لم يعرفنى الأستاذ يومها ولكنى أحفظه عن ظهر قلب وابنتى أيضا تحفظه معى. تذكر صغيرته التى بحث عنها وسط المشيعين ولم يجدها، أطل برأسه من جديد باحثا عنها. التقت عينيهما هذه المرة، ولكن المياه المالحة التى غمرت عينيها أحاطت لقاءهما بغيمة من الحزن الثقيل، تذكر يوم جاءت طفلته الصغيرة باكية لأن أمها ترفض زراعة نخلة أمام البيت، فسألها ولما تريدين زراعة نخلة بالذات؟
- كى نسافر أنا وأنت إلى أى بلد نريده؟
- وما علاقة سفرنا بزراعة النخل؟
- كل أصحاب منير سافروا بالنخلة؟
- علت ضحكات عادل، وأدرك أن صغيرته المفتونة مثله بفؤاد المهندس تتحدث عن فيلمه "مطاردة غرام" وقتها تسلق منير النخلة وتسابقت الفتيات على اللحاق به فما كان من صديقه إلا أن هز النخلة بقوة فطارت كل فتاة إلى بلدها فظنت الصغيرة أن ذلك يمكن أن يحدث ذلك فى الحقيقة.
تلك الصغيرة الباكية اليوم أقرب الأبناء إلى قلبه، ورثت حب الأستاذ عنه، كانت تتوقف عن البكاء كلما أطل فؤاد المهندس من شاشة التلفزيون، كان يحاور الماكينة راجيا أن تحقق حلمه وتطلع قماش كفرد أصيل فى عائلة زيزى فتفرح صغيرته عندما يصرخ معلنا نجاح اختراعه الجديد "المكنة طلعت قماش"، وتعلو ضحكاتها عندما يردد مسرعا "طويل العمر يطول عمره ويزهز عصره وينصره على مين يعاديه.ز هاى هيئ" كلما ذُكر أحد اسم مارينجوس الأول فى "صاحب الجلالة"، فكانت تتسابق مع إخوتها من يستطيع منهم تكرار هذه التحية مُسرعا دون خطأ كما يرددها الأستاذ.
تندهش الأم فى صمت من تعلق ابنتها بفؤاد المهندس، فقد اعتاد الأطفال الميل إلى إسماعيل يس بحركات فمه المضحكة، تلك الكوميديا المعتمدة على الشكل الجسدى ذلك النمط الذى عانى منه فؤاد المهندس فى بدايته عشر سنوات كاملة، فقد تزامن ظهوره مع افتتان السينما والأعمال الفنية عامة بذلك النمط من الكوميديا بينما لا يملك "الأستاذ" فما واسعا كأسماعيل ولا ضحكة رنانة كحسن فايق، كان المهندس نجم كوميديا النص فانتظر طويلا حتى اعترفت السينما بقدرته على تصدر أفيش أعمالها الفنية.
تعلق عادل بالأستاذ بدأ منذ طفولته فقد ولد فى حى العباسية مثله، فنشأ وسط أهالى الحى الفخورين بانتماء فؤاد المهندس إلى العباسية، فقد ولد فؤاد زكى المهندس فى سبتمبر 1924 لأب عالما للغة العربية بالمجمع اللغوى وأستاذا بكلية دار العلوم فكان فؤاد الأخ الثالث لبنتين إحداهما كانت الإذاعية اللامعة صفية المهندس التى كانت سببا بالصدفة فى دخول فؤاد عالم الفن على أيدى كشاف المواهب الشاعر عبدالرحمن الخميسى كما ذكر يوسف الشريف فى كتابه "عبدالرحمن الخميسى.. القديس الصعلوك" قائلا:
"من طرائف ثقته بالنفس ونظرته التى لا تخيب فى اكتشاف المواهب –يقصد عبدالرحمن الخميسى- عندما كان يقوم بإخراج مسلسل إذاعى من تأليفه، وحين فشل أحد الممثلين فى أداء دوره، رغم منحه فرصة للإعادة خمس مرات. استشاط غضبا وحمله إلى خارج الأستديو، وعندئذ لمح شابا يجلس فى الممر، فسحبه من يده إلى داخل الأستديو، ثم قدم له النص وطلب أن يقرأه، ثم طلب منه أن يمثله ونجح أيما نجاح، وبعدها انفتحت أمامه أبواب التمثيل والشهرة عبر البرنامج الفكاهى الشهير ساعة لقلبك ومنه كان طريقه لأدوار البطولة فى السينما والتليفزيون، ولم يكن هذا الشاب سوى فؤاد المهندس الذى كان حينذاك بالمصادفة ينتظر فى الممر شقيقته الإذاعية صفية المهندس".
ومع فرقة ساعة لقلبك تألق المهندس وقدم أروع أعماله المسرحية على مسرح التليفزيون أولها السكرتير الفنى التى لعب بطولتها بعدما رشحه صديقه الفنان عبدالمنعم مدبولى بدلا من السيد بدير الذى كان مقررا بطلا للمسرحية، ولكنه اضطر أن يسافر للخارج، فقدم المهندس الدور أمام بطلة جديدة تحمس مدبولى وبدير لتقديمها فى المسرحية فكان اللقاء الذى جمع فؤاد بشويكار معا على خشبة المسرح، وكانت سببا فى الجمع بينهما فى الحياة أيضا.
تذكر عادل يوم حكى لطفلته الصغيرة قصة زواج نجمه المفضل وشويكار، كانا يشاهدان مسرحية السكرتير الفنى فى حجرة صغيرته بعيدا عن بكاء الصغير الوافد الجديد على المنزل الذى أسماه فؤاد تيمنا بالأستاذ، وبادرها "عمو فؤاد تزوج شويكار فى هذه المسرحية" واستطرد يصف لطفلته.. وقف الأستاذ أمام الجمهور وقالها: "تتجوزينى يا بسكوتة" ابتسمت الصغيرة، وطلبت من أبيها أن يناديها هو أيضا "بسكوتة" وتابعت المسرحية بحماس فى انتظار مشاهدة حفل الزواج، ولكنها لم تر شيئا ونظرت إلى أبيها نظرة ارتياب فى قصته، فابتسم وقال لطفلته الصغيرة ربما يعرضون الفرح المرة القادمة يا بسكوتة.
ارتفعت أصوات المشيعين، وتعالت صيحاتهم بالشهادتين. اقترب الحشد من وجهته، فانشقت الأرض، ولمح صغيرته تلقى عليه النظرة الأخيرة، أهالوا عليه الثرى وقرأوا الفاتحة وغمروه بالدعاء ثم انصرفوا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.