البابا تواضروس الثاني يهنئ رئيس مجلس الشيوخ بعيد الأضحى المبارك    الدكتورة أميرة يوسف عميدًا لكلية البنات جامعة عين شمس (بروفايل)    رسميًّا.. مسابقة لتعيين 9354 "معلم مساعد" مادة "اللغة الإنجليزية"    محافظ أسيوط يشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بقرب عيد الأضحى (صور)    وزير الدفاع يلتقي وزير خارجية جمهورية بنين    رئيس هيئة النيابة الإدارية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    قنا ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    رئيس الوزراء يصدر 7 قرارات جديدة    معدل التضخم الشهري يرتفع 1.8% في مايو.. فما الأسباب؟    بعد إطلاقها في مصر.. كيف تفعل ميزة ال 5G على هاتفك المحمول؟    إيلون ماسك يهاجم مشروع قانون ترامب للضرائب والإنفاق: "عمل مقزز"    قبلة فابتسامة فاجتماع فعشاء.. ميلوني تستقبل ماكرون في روما لتحسين العلاقات السياسية (صور)    قائمة الأهلي المتوقعة في كأس العالم للأندية.. الفريق يطير إلى ميامي 8 مساء اليوم    كأس العالم للأندية - في الجول يكشف القائمة الأقرب ل الأهلي للسفر إلى أمريكا    طوارئ في بعثة السياحة استعدادا لتصعيد 41 ألف حاج إلى عرفات    الأرصاد: ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة بدءًا من غدًا.. توقعات الطقس في يوم وقفة عرفات    استهداف 3 عناصر خطرة خلال مواجهة نارية مع الشرطة في أسيوط    موعد عرض مسلسل الصحبة الحلوة الحلقة الأولى    بالأسماء.. 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج في عيد الأضحى    28 فرصة و12 معيارًا.. تفاصيل منظومة الحوافز الاستثمارية للقطاع الصحي    «مباشرة لا عن طريق الملحق».. حسابات تأهل العراق ل كأس العالم 2026    «جبران»: قانون العمل الجديد يرسخ ثقافة الحقوق والحريات النقابية    برنامج تدريبي لصغار المربين بالمحافظات للتوعية بأمراض الدواجن والطيور    يديعوت أحرنوت: حماس تعيد صياغة ردها على مقترح ويتكوف.. وأمريكا تتوقع إعلانا بحلول عيد الأضحى    حبس 5 عمال على خلفية واقعة التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    زيمبابوي تقرر ذبح الفيلة وتوزع لحومها للاستهلاك البشري    في ذكرى ميلاده.. محمود عبد العزيز من بائع صحف إلى أحد عمالقة التمثيل    القومي لثقافة الطفل يحتفل بعيد الأضحى المبارك    سيد رجب يشارك في بطولة مسلسل «ابن النادي» إلى جانب أحمد فهمي    أفضل الأدعية في يوم التروية    محافظ أسيوط يفتتح معرض اليوم الواحد لتوفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة    محافظ المنوفية يوزع مساعدات مالية ومواد غذائية على 40 حالة إنسانية    محافظ أسيوط يشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بقرب حلول عيد الأضحى    أحكام الحج (12).. علي جمعة يوضح أعمال أول أيام التشريق    فرصة للترقية.. حظ برج العذراء في شهر يونيو 2025    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    خالد سليم يشارك جمهوره صورًا تجمعه بعمرو دياب وعدد من النجوم    مصرع شخص وإصابة 21 شخصا في حادثين بالمنيا    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    تكبيرات عيد الأضحى 2025.. تعرف على حكم التكبير فى العيدين بصيغة الصلاة على النبى    رئيس جامعة القاهرة يتفقد الامتحانات بكليات الاقتصاد والعلوم السياسية والآداب والإعلام    تذاكر مجانية ومقاعد مخصصة.. تعرف على تسهيلات السكة الحديد لكبار السن 2025    اليوم.. توقف عمل آلية المساعدات الإنسانية في غزة والمدعومة من واشنطن    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب جزيرة سيرام الإندونيسية    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    أحمد الصالح: على الزمالك مهاجمة بيراميدز منذ بداية مباراة كأس مصر    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    «شعار ذهبي».. تقارير تكشف مفاجأة ل بطل كأس العالم للأندية 2025    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الداعية الحبيب على الجفرى فى ندوة " اليوم السابع": النقاب ليس فرضا.. وبعض ما حدث باسم الإعجاز العلمى فى القرآن إسفاف.. كلنا مرضى نفسيون وتحولنا إلى أمة مستهلكة فكريا.. تجديد الخطاب الدينى ليس طبخة يجهزها الأزهر
نشر في اليوم السابع يوم 14 - 08 - 2018

أدار الندوة - محمد أحمد طنطاوى أعد الندوة للنشر - لؤى على تصوير - عمرو مصطفى
- توظيف الخطاب الدينى سياسياً لعب بالنار يحرق من يقترب منه
- لا نساوى بين خلع الحجاب والكبائر كالزنا.. ومن خلعت حجابها «آثمة» ولكننا لا ينبغى أن ننصب لها المشانق
- «اشمأززت» من الحملة على زواج معز مسعود فالرجل تزوج «وأنتم مالكم؟»
- أؤمن بالتعايش مع الشيعة القائم على الاحترام والأخوة الإنسانية والإسلامية
- الضجة التى تحدث كل عام حول تهنئة الإخوة من الأديان الأخرى بأعيادهم «تهريج»
- نشر الشائعات يدل على ضعف الحجة وفقد القدرة على الإقناع ويستهدف الاغتيال المعنوى

أكد الداعية الحبيب على الجفرى، أن هناك تقصيرا واضحا يمس علاج ظاهرة الإلحاد، حيث ذكر أنه علاج ينقصه النضج، مضيفا أن بلادنا تحولت إلى أمم مستهلكة على المستوى الفكرى بعدما كانت منتجة، مشددا على أن توظيف الخطاب الدينى سياسيًا لعب بالنار يحرق من يقترب منه.

وأوضح الحبيب الجفرى فى ندوة «اليوم السابع»، أن الحجاب فرض لكن من خلعته لا ينبغى أن نعلق لها المشانق، معلقا على بعض الظواهر الأخرى مثل تهنئة غير المسلمين بأعيادهم ووجوبها من عدمه، قائلا إن الحديث فى مثل هذه الأمور هو نوع من التهريج، وإلى نص ما دار فى الندوة..

ظهرت مؤخرا موجات من الإلحاد.. البعض يرى أنها موجات غربية تهدف إلى زعزعة استقرار العالم الإسلامى.. بينما يرى البعض أنها قلة وازع دينى، وإن كان ذلك صحيحا فهل هناك مسؤولية على رجال الدين؟
- لست من النوع الذى يحب التركيز على المؤامرات الخارجية، رغم أننى أؤمن بوجودها، فقضية المؤامرات الخارجية ليست من مهمتى بل من مهمة الأجهزة المعنية المسؤولة عن مواجهة هذا النوع من الخطر، وما يعنينى هو الإنسان الذى يتأثر بهذه التساؤلات أو التشكك أو الإلحاد، فهو قد عبر عن قناعة منافية للإيمان والاعتقاد الصحيح، ومنافية لكل ما هو موجود ومتوارث بالمجتمع، والسؤال: هل ينطق عن قناعة؟ وهل كانت لديه أسئلة لم يجد من يحسن الإجابة عنها؟ وهل ما يطرحه نابع عن قراءة مستوعبة واعية لأسئلة ومباحث فلسفية استجدت ولم نحاول فى بيت الخطاب الشرعى تناولها على النحو المقنع؟ أم أنه يوجد إلى جانب هؤلاء من يعيش حالة نفسية من ردة الفعل فى ظل البشاعة والتطرف الذى ظهر باسم الدين قولا وفعلًا؟
- ومع تخلف مجتمعنا عن التقدم التقنى الذى يشهده العالم: هل وُجد من يظن أن ما حدث فى أوروبا لن يحدث فى مجتمعنا ولن نتقدم إلا حينما يغادر الدين الحياة؟
وبالتالى هناك نوعان من الإشكاليات:

الأول: قائم على أسئلة فلسفية حقيقية يجب أن تحترم ويشعر الشباب باحترام وصدق فى تناولها، وإن كنا مقتنعين بحجة ما لدينا فلنتناول الأمر ونناقشه، والثانى: ربما يكون ردة فعل نفسية، ولا أتكلم هنا عن المرض النفسى، فكلنا مرضى نفسيون فى ظل ما نعيشه من واقع، حتى لا يظن أحد أننى أتهمهم بالمرض.

وهناك نوع ثالث يعيش حالة الضعف أمام رغبات نفسه، ويريد أن يتخلص من عقدة الشعور بالذنب وينطلق فى التحلل غير الأخلاقى، وإيمانه يجعله يشعر بالذنب، ومع ثقل تراكم الشعور بالذنب أراد التخلص من كل هذا من خلال الإلحاد ونفى وجود الله.

ولا أقول: إن الملحدين كلهم من نوع واحد، لكن هذا التصنيف نابع من تجربة مع عدد من الشباب الذين ألحدوا من مختلف دول المنطقة.

كما أنه من المهم إدراك الفرق بين الشخص الذى له قناعته: مسلمًا كان أو مسيحيًا أو بوذيًا أو ملحدًا، وحقه علينا أن نناقشه بالحجة المقنعة والرهان العقلى إن قبل ذلك، ونوع آخر اتخذ هذه المسألة منهجية «دعوية» تنظيمية، فيدعو لنشر الإلحاد ويصادم المجتمع بدعوته هذه، ويتطاول على الثوابت الحقيقية، ويسخر من المقدسات، ويجاهر بذلك، ويرجف بهذا فى المجتمع، ويحدث فتنة، وبالتالى فالمسألة هنا تحولت إلى إخلال بالأمن القومى، وصارت هناك نزاعات متعمدة، وفيها شىء من المصادرة لحق المؤمنين فى السلام المجتمعى، وهذا الفعل فيه تناقض مع ما يدّعونه من احترام عقول الناس وحق حرية الرأى والاختيار، مع ما فيه من التحريض على الكراهية، فهم يتحدثون عن هذه المبادئ، ثم يرون أن عليهم أن يقوموا بسب المقدسات وإهانتها لإحداث صدمة نفسية للمؤمن، هذه الصدمة تزيل القداسة عن تفكيره ليتحرر من أغلال الدين فيتقبل النقد!


وبالتالى هم يصادرون على عقول الناس، وكأنهم يعتبرون المؤمنين قُصّرًا يحتاجون إلى إجبارهم على سماع ما يكرهون كى ينضجوا!

والعلاج بالصدمة فيما يتعلق بالتطاول على المقدسات رؤية فلسفية، ولها جماعات تتبناها وتعمل على تنفيذها من خلال إكراه الناس على رؤية ما يهين مقدساتهم وسماع ذلك تحت مبرر حرية التعبير، كما حدث فى الرسومات المسيئة فى الدنمارك، وكذلك فرنسا، وهذا أمر مرفوض، ولا بد من تدخل القانون فيما يحرض على الكراهية ويتطاول على المقدسات.

الذى يعنينا أصالة هو التعامل مع النمط الذى عنده أسئلة فلسفية أو لديه ردة فعل نفسية، ولدينا تقصير كبير فى معالجة الأمر وينبغى أن نتجاوزه، وهناك فى البيت الشرعى والمؤسسات الدينية العامة والخاصة جهود كبيرة مبذولة من قبل الأزهر الشريف وغيره لكن المطلوب أكثر من ذلك بكثير.

عطفًا على ما ذكرت من أن الخطاب الشرعى فيه مشكلة، ذكر الدكتور نصر حامد أبوزيد، أن النسخة المقدمة من الخطاب الشرعى ليست صالحة لكل زمان ومكان، كيف ترى ذلك؟
- رحم الله الدكتور نصر حامد أبوزيد، فقوله: «إن النسخة المقدمة من الخطاب الإسلامى ليست صالحة لكل زمان ومكان» عبارة مبهمة، وتحرير المصطلحات أحد تحديات العصر، فهى تعانى من الإشكالات الثلاثة: التعويم والتعتيم والتعميم، فإن كان المقصود بقوله: «النسخة المقدمة من الخطاب الشرعى» هو المنهجية المعتمدة فى الاستنباط من النص.. فكلامه غير صحيح، وإن كان المقصود هو آلية تفعيل المنهجية ومخرجاتها فى المسائل المبنية على علل متغيرة أو المسائل المستجدة فكلامه صحيح.

هل يمكنك ضرب مثال على المسائل ذات العلل المتغيرة؟
- مثلًا الضجة التى تحدث كل عام حول تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم، وما نسمعه من تهريج وتجريح ونزاع غير مبرر، إن العلماء والفقهاء الذين حرموا تهنئتهم فى أعيادهم منذ قرون بنوها على حجة صحيحة بالنسبة لزمانهم فقد عللوا بالعرف السائد، فالثقافة السائدة والعرف الحاكم فى زمانهم هو اعتبار التهنئة إقرارًا على موضوع التهنئة وهى هنا متصلة بالعقيدة، لذلك لم يكن المسجد يهنئ الكنيسة، ولم تكن الكنيسة تهنئ المسجد، ولكنها علة، أى سبب، متغيرة، فلم يعد فى العرف السائد يُنظر إلى التهنئة على أنها إقرار بالمعتقد، بل هى نوع من البر وحسن الجوار؛ فالكنيسة تهنئ المسجد دون أن تُقر بالمعتقد الخاص به، وكذلك المسجد يفعل مع الكنيسة، فمفهوم التهنئة ودلالتها متغيرة من عصر إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى، وعليه فينبغى عدم التردد فى إعادة النظر فى الفتوى المترتبة على العلل، وإن تباطؤ المؤهلين عن إنجاز مهمة التوعية بذلك أتاح المجال لغير المؤهلين لاقتحام الأمر وإحداث فوضى الفتوى.

معطيات العصر اليوم ليست من السهولة التى تفهم بها، ونحن بحاجة فى بيت الخطاب الشرعى إلى جهد حقيقى وأكثر جدية لفهمها، وأن الفتوى ليست الإخبار بالحكم الشرعى مجردًا، بل هى عملية معقدة تقوم على معرفة الحكم الشرعى بعد فهم الواقع؛ ثم تنزيل الحكم الشرعى على الواقع.

هل تجديد الخطاب الدينى دعوة سياسية أم ضرورة دينية؟
- التجديد فى الشريعة فرض كفاية، وكلمة «مقتضى سياسى» ليست دائمًا سيئة؛ فالتجديد مطلب سياسى محترم شريف يتعلق بمسؤولية الحفاظ على البلاد والعباد، والشىء الذى يعيب المطلب السياسى فقط هو عندما يكون بمعنى توظيف الخطاب الدينى فى لعبة التوازنات السياسية، فهذا لعب بالنار يحرق من يقترب منه؛ التجديد مطلب شرعى، ونعمل على الإسهام فى رؤية متبصرة له منذ 12 سنة فى مؤسسة طابة فى أبوظبى ومصر، وتوصلنا إلى أن التجديد إما أن يكون متعلقًا بالمنهج أو بالوسائل؛ وفى المنهج نحتاج إلى تجديد من نوع الصناعة الفكرية الثقيلة، وهى تجديد النموذج المعرفى الذى تعطل تجديده منذ ما يقرب من 4 قرون؛ فتحولنا إلى أمة مستهلكة فكريًا، بعد أن كنا أمة منتجة فكريًا، قائلًا: إنه يوجد عدة مباحث ينبغى العمل على تجديدها، مثل: تجديد وسائل إثبات حُجية مصادر المعرفة، ومنظومة القيم والمبادئ الأخلاقية، وترتيب العلوم وغيرها.

كل محاولات التجديد ستذهب أدراج الرياح، أو ستكون بمثابة الترقيع الذى نحن نستمر فيه من فترة لأخرى، إذا لم تضع فى اعتبارها عقل الإنسان وطريقة نظره إلى الكون والأمور الإلهية، وإن هناك استحداثًا لأسئلة الفلسفية لها اشتباك مع العقيدة، وذلك يتطلب تجديدًا فى مباحث الاستدلال العقلى، كما أن هناك مستوى آخر من التجديد يتصل بالمسائل الفقهية المستجدة، ومستوى ثالث يتعلق بإطفاء حرائق التطرفين الدينى واللادينى، والأزهر الشريف والإفتاء والأوقاف تقوم بدورها تجاه محاربة الإرهاب، ولكن هذا جزء من المطلوب، فالإعلام له دور فى ذلك وكذلك التعليم والثقافة وباقى المؤسسات، يجب أن يكون هناك تعاون بين المؤسسات لإيصال نتاج جهد المؤسسة الدينية إلى الشباب.

أى الشروط ينبغى توافرها فى المجدد؟
- التجديد فى المسائل الفقهية يحتاج إلى اجتهاد، وله شروط شرعية، وهناك معايير هى التى تحدد التخصص والكفاءة فيما يتعلق بأصول الفقه واللغة وتخريج الفروع على الأصول، وهناك شرط المَلَكة الفقهية أو العقلية الفقهية الناضجة الناتجة عن تراكم تجربة واكتمال معارف، مع قدر من معرفة الواقع يمكّن المجتهد من التواصل مع أصحاب الاختصاص المطلوب فى معرفة الواقع، أما مسألة النتاج الذى يترتب على العملية التجديدية فهو جهد بشرى قابل للخطأ أو الصواب، ويقوّم المختصون مدى مناسبة هذا النتاج للواقع ومنهجية الشرع فى الحكم عليه.


وعملية التجديد عملية مستمرة وتراكمية وتحتاج إلى جهد واستمرارية، وهى عملية لا تتوقف حتى يرث الله الأرض؛ فهو ليست «طبخة» يجهزها الأزهر الشريف ويخرجها للناس، الكلام ينبغى أن يكون أكثر نضجًا، مستكملًا: «بعض القضايا العامة لا يجوز شرعًا للعالم مهما بلغ من علمه أن يفتى فيها قبل أن يفهم الواقع، ولا يستطيع العالم أن يفهم الواقع وحده، بل يحتاج إلى مختصين».
ما رأيك فيما يسمى بأسلمة العلوم؟
- أسلمة العلوم محاولة حدثت فى القرن الماضى، وهى محاولة تشتمل على إيجابيات وسلبيات، والذى يؤخذ على هذه المحاولة أنها ارتكبت خطأ عندما لم تبدأ بالنموذج المعرفى وقفزت مباشرة إلى الواقع، مما أنتج نماذج مشوهة، فما سمى بالإدارة الإسلامية على سبيل المثال انتشر الاهتمام بها، وقام البعض بعمل دورات ومؤتمرات عن الإدارة الإسلامية، ولكن ما قدم فيها لم يكن نتاجًا لرؤية نابعة عن نموذجنا المعرفى، بقدر ما كانت إعادة إنتاج للإدارة الرأسمالية المتوحشة مرتدية جلبابًا إسلاميًا مرصعًا بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة والأقوال المأثورة.

هل الإعجاز العلمى فى القرآن علم؟ خاصة وأن البعض تمادى فى الحديث حوله؟
- القرآن الكريم هو كتاب يوجهنا لمنهجية ربانية اشتملت على الأخذ بأسباب العلم والتدبر وليس كتابًا لنتائج العلم التجريبى، ولكن القرآن به ملامح إعجاز علمى ولغوى وذوقى وأخلاقى ومختلف أنواع الإعجاز، وقد أودع الله فيه نظرة واعية للكون، والخروج من ضيق الدنيا إلى سعة ما عند الله فى الآخرة، ولكن ما حدث خلال الثلاثين عاما الماضية باسم الإعجاز العلمى فى القرآن فيه ما كان حقيقيًا، وفيه الكثير من «الإسفاف» ومحاولات إلى دلالات الآيات القرآنية، فهذا وإن حدث بحسن نية إلا أنه مرفوض، وتترتب عليه نتائج وخيمة، وهى تجربة قاسية وينبغى التعلم منها.

مؤخرًا حدث أنه تم أخذ قرنية أحد المتوفين دون وصية، الإشكالية: ما الحكم الشرعى؟
- دار الإفتاء المصرية أجازت نقل الأعضاء من الميت أو التبرع من الحى وفق ضوابط شرعية، ولكن القصة هنا هى قصة سرقة ونهب وجريمة إنسانية محرمة يجرمها القانون، فكيف تحولت القضية فى الإعلام من قضية إجرام إلى «عركة مع المشايخ»، نحتاج إلى المزيد من النضج فى تغطية الأخبار، كما أننا بحاجة إلى جدية أكثر على جميع الاتجاهات، الحكاية ليست سبقا صحفيا، فهذا شىء جاد، لأنه سرقة عضو إنسان، والكلام هنا مع القانون وليس مع الشيخ «السوبرمان» الذى يجيب عن كل شىء.

ما حكم النقاب؟
- جمهور أهل السنة والجماعة بينوا أنه ليس بفرض، فهو حرية شخصية، على سبيل المثال واحدة من البنات منتقبة وواحدة ليست منتقبة، ولا أستطيع أن أقول لهما شيئًا، ولكن الإشكالية فى المتطرفين الذين يحاول أحدهما فرض المذهب القائل بوجوب النقاب على الجميع، ويتفاعل الآخر بالسخرية من المنتقبة وتحقيرها، ولا يوجد احترام لدى من يقول عن المرأة المنتقبة:«خيمة!»، هذا التطاول فيه تخلّف، وهو يناقض ما يدعيه هؤلاء من الدعوة إلى حرية المرأة واحترام حقوقها، أود أن أرى المرأة التى اختارت أن تنتقب تسير وهى محترمة وعزيزة فى مجتمعها، والمرأة التى اختارت ألا تنتقب تسير محترمة وعزيزة فى مجتمعها، والمرأة التى لم تتحجب تسير محترمة وعزيزة فى مجتمعها، رغم أنها خالفت الشريعة وارتكبت حرامًا ولكنها ليست كالكبائر العظيمة.

وانتشرت مؤخرًا ظاهرة خلع الحجاب، البعض يقول: إن خلع الحجاب يتبعه سفور مبالغ فيه، بينما البعض يتباهى بخلع الحجاب فما رأيك؟
- الكلام عن توصيف من خلعت الحجاب بأن غالبهن يتجه إلى السفور المبالغ فيه يفتقر إلى سبر وإحصاء، كما يجب أن نفرق بين الحكم الشرعى وبين الحكم على الإنسان، فنحن لسنا أربابًا فى الأرض نحكم على البشر، فمن ثبتت على غطاء رأسها واحتشامها بارك الله فيها لالتزامها أمر الله فى ذلك، ومن لم تثبت فقد عصت الله تعالى فى ذلك، ولكن لا ينبغى أن ننصب لها المشانق، وحالة الوعى التى تلتزم فيها المرأة بتغطية رأسها ومدى قناعتها بذلك لها أثر على استمرارها فى الحجاب أو خلعه، وهذا لا يبرر خلع الحجاب، فالله سبحانه وتعالى سيحاسبها على ذلك لأنها أخطأت، ولا ينبغى المساواة بين خلع الحجاب والكبائر الشنيعة كالزنا، وعلينا أن ننصحها بطريقة حسنة مهما قبلت النصيحة، ولولا تقصيرنا فى التربية منذ الصغر لم نتعرض لذلك، وأما التباهى بخلع الحجاب فهو، إن وُجد، خطر عظيم لأنه تجاوز للمعصية إلى التباهى بمخالفة أمر الله، وفى ذلك سوء أدب مع الله تعالى.

كيف نعالج مشكلة الغفلة فى الصلاة ؟
- نحتاج إلى تغير النظرة إلى الصلاة من كونها حملاً ثقيلاً على الظهر لتجنب الدخول إلى النار فحسب، إلى تذوق أنها موعد لقاء مع الحبيب، ومحاولة الحضور مع الله فى الوضوء، وعدم الحديث مع الآخرين خلال الوضوء، وأن يذكر الله ولو لفترة قليلة قبل الإقامة، وجمع كل ما يستطيع الإنسان من حضور لحظة التكبير والإحرام، وأن يستشعر أنه فى جهاد فى سبيل الله ما دام يجاهد نفسه.

ماذا عن الخلاف المذهبى الذى تشهده المنطقة بين السنة والشيعة، وما رأيك فى مسألة التقارب؟
- أؤمن بالتعايش القائم على الاحترام والأخوة الإنسانية والإسلامية، ولكل منا مذهبه وطريقته، والجدل فى تفاصيل الخلافات الطائفية يجب ألا يكون فى الإعلام بل فى أروقة العلم، ولا يُقبل التطاول على سادتنا الصحابة، ولا على سادتنا آل البيت، واحترام الصحابة وآل البيت لا يعنى القول بعصمتهم رضى الله عنهم أجمعين، ولكن نرفض سبهم، وقذف السيدة عائشة كفر، لأن من يقذفها يكذب القرآن الذى برأها، وللإنصاف فإن المراجع الشيعية الرسمية المعاصرة ترفض ذلك، إلا بعض متطرفيهم يؤججون هذه الفتنة، وأما ما يحدث الآن من الاحتراب الطائفى فهو صراع سياسى، كما أن الأنظمة السياسية والتنظيمات والجماعات تستثمر التدين فى الصراعات، القضية ليست فى التدين، فالصراعات والحروب كانت موجودة بعيدًا عن الدين، وأشد الحروب دموية وهتكًا لحقوق الإنسان قامت بها أنظمة علمانية كالحربين العالميتين، لكننا نرفض عملية التبشير الشيعى المسيس، ونرفض قضية العمل التكفيرى الطائفى المسيس، لأن المذهب هو اختيار فكرى مكفول للإنسان ما لم يكن فى سياق التمدد السياسى المؤدى للفتنة، فالمعركة ليست معركة طائفية، بل هى سياسية أُلبست ثوب الطائفية، فالخلافات الدينية ليست الأصل فى الصراعات، بل الحراك السياسى المُستغل لها.

ماذا عن حملات التشويه التى تتم عبر المقاطع المجتزأة؟ حيث كثيرا ما يتم تجزئة فيديوهات من محاضرات لك، ويتم التدليس عليك كيف تتعامل معها؟
- أسأل الله لهم ولى الهداية فهذه خيانة، والإنسان يخون نفسه وتدينه عندما يجتزئ الكلام أو يخرجه عن سياقه أو يطلق الشائعات، وهذا يدل على ضعف الحجة وفقد القدرة على الإقناع، مما يجعل العاجز يلجأ إلى مثل هذا السلوك.


اختلف معى ولكن كن شجاعا شريفًا فى خلافك وقابل الحُجة بالحجة، أما أن تنشر إشاعات فهذا يدل على ضعف الحجة، وبالتالى يتجه لما يسمى بالاغتيال المعنوى، ومن يشارك فى نشر أخبار دون تأكد من صحتها يكون شريكًا فى إثمها إذا كانت كاذبة، فينبغى التأكد أولًا من الأخبار قبل نشرها أو مشاركتها.
مؤخرًا حدث جدل حول معز مسعود بعد زواجه من فنانة.. فكيف رأيت الأمر؟
- مثل هذا الجدل وهذه الحملات تدعو إلى الاشمئزاز، لأنها تقتحم خصوصيات الناس، وتهتك خصوصيات الشخصيات العامة، الرجل تزوج وهذا اختيار الزوجين وهو خاص بهما، وأنتم مالكم؟! ذى حياته وإنسانيته، هو إحنا فاضيين لهذه الدرجة؟! هذه «خيابة» فى الصحافة والإعلام، سلوك بعض الصحفيين أو المؤسسات الإعلامية التى تبنى اسمها من خلال هذا الاقتحام للخصوصيات يدل على عجزهم عن العمل الإعلامى الاحترافى البنّاء، نحن فى حالة حرب وجود، ومرحلة إعادة بناء أمة، ونحتاج أن نشعر بقيمة المسؤولية تجاه ما نعايشه، وما نمر به، والإعلام كغيره من المؤسسات التى تؤثر على العقول والنفسيات ينتظر منها التركيز على ذلك، وفى النهاية المسألة مسألة مهنية وضمير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.