فى العيد الخمسين لافتتاح كاتدرائية العباسية.. مقر كرسى البابا فى حلة جديدة والافتتاح فى نوفمبر.. راسمو أيقونات الكنيسة الكبرى: الحوائط تعيد النظر للفن القبطى ومزجنا تراثنا بحاضرنا لنخلق رؤية جديدة لكنيستنا الأم

50 عام مرت على افتتاح الكاتدرائية، يوم وقف البابا كيرلس السادس بملابسه الرهبانية البسيطة وذلك الشال الأسود الذي كان يلقيه على وجهه فيشع منه نور التقوى كآخر الباباوات الزاهدين يجاوره الرئيس جمال عبد الناصر مبتسمًا كزعيم لا يغفل مناسبة كتلك، وفي المنتصف الامبراطور الأثيوبي يشارك الكنيسة آلام أفراحها.
بينما شعب الكنيسة يتأهب لاستقبال رفات الأب القديس "مارمرقس" حامل شعلة البشارة في مصر، الرجل الذي طاف الإسكندرية مبشرًا وهاديًا حتى تمزق حذائه واستعادت الكنيسة رفاته يوم افتتحت لنفسها مقرًا جديدًا.
بعد مرور تلك السنوات، يقرر البابا تواضروس الثانى البابا ال118 للكنيسة العريقة تجديد الكاتدرائية فى يوبيلها الذهبى قبل أن يهديه الرئيس عبد الفتاح السيسي كاتدرائية جديدة فى عاصمته الإدارية.

التاريخ يذكر لعبد الناصر تبرعه لإنشائها
للكاتدرائية قصة يرويها التاريخ ويشار لها بالبنان وقد تبرع الرئيس جمال عبدالناصر لبنائها بعدة آلاف من الجنيهات ، بعد قصة من النزاع على أرض كنيسة الأنبا رويس.
ففى 1937 أراد وزير الداخلية الاستيلاء على الأرض لأنها كانت مدافن وطلبت الحكومة نقلها إلى أرض الجبل الأحمر والاستحواذ على الأرض الأصلية لاتساع مساحتها ولأهمية موقعها.
ظلت المفاوضات بين الكنيسة ووزيرى الداخلية والصحة حتى 1943 و خلال هذه السنوات كتب حبيب المصري ثلاث مذكرات دفاعًا عن حق الأقباط في ملكية الأرض، إحداها لرئيس الديوان الملكى واثنين لوزيرين أخرين و بعد نجاح مسعاه قرر الوزيران ووافقهما رئيس الوزارة على تملي أرض الأنبا رويس للكنيسة بشرط بناء منشآت عليها لا تدر أى ربح خلال خمس عشرة سنة وإلا تستولى الحكومة على الأرض.
فاز المهندسان دكتور عوض كامل وسليم كامل فهمى في مسابقة رسم وتصميم الكاتدرائية، ونفذ التصميم الإنشائى دكتور ميشيل باخوم أشهر مهندسى الإنشاءات في مصر، ونفذت شركة النيل العامة للخرسانة المسلحة "سيبكو" المبنى العملاقى للكاتدرائية، حيث تم تصميم الكاتدرائية على شكل صليب.

ناصر يضع حجر الأساس مع البابا كيرلس
تم وضع حجر الأساس يوم 24 يوليو 1965م بحضور رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر، وفى ال25 من يونيه 1968م افتتحت الكاتدرائية رسميا بحضور الرئيس جمال عبد الناصر والإمبراطور هيلا سلاسى إمبراطور أثيوبيا وممثلي مختلف الكنائس.
في صباح الأربعاء 26 يونيه 1968 احتفل بإقامة الصلاة على مذبح الكاتدرائية، وفى نهاية القداس حمل البابا كيرلس السادس رفات القديس مارمرقس إلى حيث أودع فى مزاره الحالى تحت الهيكل الكبير فى شرقية الكاتدرائية.

بعد مرور 50 عامًا ماذا حل بكاتدرائية الأقباط؟
أعلن قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، استعداد الكنيسة لإقامة احتفالية كبرى فى العيد الخمسين للكاتدرائية، واستعادة رفات القديس مارمرقس، فى نوفمبر المقبل.
منذ ما يقرب من عامين، أطلق البابا تواضروس الثانى صافرة انطلاق أعمال تجديد الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لتتزين وتفتح فى الاحتفال بيوبيلها الذهبى عام 2018، وقبل أن يعلن البابا عن بدء العمل بالكاتدرائية كان قد تبنى مسابقة لاختيار أفضل الفنانين الذين ينالون شرف رسم قباب وأيقونات الكنيسة الأم والأكبر فى الشرق الأوسط.
فاز فى تلك المسابقة خمسة مجموعات فنية على رأس كل منها فنان يتولى العمل فى جزء من الكاتدرائية، قاد المجموعة الأولى الفنان أرميا القطشة ليرسم منطقة الهياكل، أما المجموعة الثانية فكانت من نصيب أيمن وليم ويرسم القبة الرئيسية، والثالثة مجموعة تولت رسم صحن الكنيسة والشمال والجنوب أما الرابعة فكانت من نصيب الفنان رؤوف رزق الله وزوجته ويرسمان أيقونات صحن الكنيسة، بينما يرسم أسامة موريس قائد المجموعة الخامسة البلكون، وهي الأعمال التي تفتتح في نوفمبر المقبل.

قبيل العيد الخمسين.. تجديد كاتدرائية العباسية واستلام أخرى جديدة
في عيد الكنيسة الخمسين، تدخل كاتدرائية الأقباط يوبيلها الذهبي بحلة جديدة، تجاورها كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية التي صلى البابا تواضروس بها قداس العيد الماضى.
الكاتب القبطي كمال زاخر قال أن تجديد الكاتدرائية هو مشروع حلم به البابا تواضروس شخصيًا منذ بداية توليه كرسى مارمرقس وأكد في أكثر من مناسبة أن هذا العام سيضم ثلاثة احتفالات الأول لمدارس الأحد والثانى لتجديد الكاتدرائية حيث كلف لجنة للعمل على رسم القباب والأيقونات وأعمال التجديد وهو ضمن برنامج إصلاحى يقوده البابا تواضروس منذ مجيئه لا يتضمن التطوير الإدارى فحسب بل تجميل المبانى وتطويرها بالشكل الذى يليق بأكبر كنيسة في الشرق الأوسط.
من جانبه، كشف الفنان أرميا القشطة، عن قرب الانتهاء من رسم الايقونات للكاتدرائية فلم يتبقى سوى 20٪؜ من الأعمال فى الوقت الذى بدأت فيه الكنيسة تجديد الأرضيات.
واعتبر القشطة أن مشاركته وفريق من الفنانين الأقباط فى رسم ايقونات الكاتدرائية وإعادة الاعتبار للفن والتراث القبطى الأمر الذى يوجه أنظار الفنانين فى مختلف الأنحاء لهذا الفن العريق بالتوازى مع الحداثة ليمتزج الماضى بالحاضر على حوائط الكنيسة الكبرى.