سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بنات "كسر القواعد" يمارسن رياضة "الباركور" العنيفة .. رحلة شاقة بين منع الأهل والإصابات الجسمانية ونظرة المجتمع.. وعلياء طالبة الهندسة تحمى نفسها من إصابات تمزق الأربطة بالإحماء
تتحمس الفتاة فى مرحلة معينة من عمرها لكسر القواعد وتجربة كل ما هو غير مألوف، لإثبات نفسها وحقها فى الحياة، وأيضا لكسر القيود المجتمعية، هذا التابو الذى وضعه البعض لمفهوم كلمة «فتاة» وما يجب ولا يجب أن تقوم به، ما تمارسه وما لا تمارسه خاصة فى الشارع. فما بالك إذا اختارت تلك الفتاة، ممارسة رياضة عنيفة تعتمد على العدو السريع والقفز المستمر والانتقال بين الأماكن والأسوار المرتفعة بسرعة فائقة دون أن يرتفع فى عروقها الأدرينالين ودون أن تلتفت للإصابات التى تتعرض لها؟! هذا ما قررت فتيات «الباركور» فعله وممارسته فى شوارع مصر.
علياء.. دراسة علمية ورياضة عنيفة علياء وفيق، 18 عامًا، تدرس فى كلية الهندسة بالجامعة المصرية الروسية، بدأت علياء ممارسة الباركور مُنذ عامين، حيث شبت الفتاة الصغيرة على الأفلام التى تعتمد على الأكشن والحركات السريعة، مما أثار شغفها بأن تمارس رياضة الباركور التى شاع صيتها فى مصر رغم طبيعة المجتمع التى تميل للالتزام، بالعادات الشرقية، حتى اقتربت منها ومن روادها لتنشأ بينهم صُحبة رياضية، ينسقون مع بعضهم البعض سواء كان ممارسوها الشباب ذوى المستويات الأعلى أو الفتيات الأقل فى المستوى.
أدركت الفتاة الصغيرة أهمية ممارسة أكثر من رياضة مُبكرًا مُنذ الطفولة، حيث مارست كرة السلة والسباحة قبل أن تتجه إلى تلك الرياضة المستجدة «الباركور»، حيث قررت الفتيات اقتحام المجال الرياضى الجديد منذ فترة قريبة دون النظر إلى العادات التى تعيق وصولهن لمراحل مميزة مثل الشباب الممارسين لها، بالإضافة إلى الاهتمام بإنشاء الصالات الرياضية المُخصصة لتلك الرياضة، بعد أن كان الاعتماد الوحيد على ممارستها فى الشوارع والحدائق.
«لبسنا واسع، والناس بتبصلنا إن اللى بنعمله غلط»، هكذا ردت علياء على رأى أغلب الأشخاص الذين يرونها مع صديقاتها أثناء ممارسة «الباركور»، حيث تعتمد الفتيات خلال فترة التمرين أو ممارسة اللعبة على ثياب فضفاضة، بالإضافة إلى التزام المُحجبات بالحجاب الخاص بهن، وفى حالة التعرض لبعض المضايقات لا يلقين بالًا لها، ملتفتات إلى رفع مستوهن فى الرياضة.
«لازم ذهنى يكون صافى، ومابفكرش فى أى حاجة تضايق علشان أقدر أتمرن من غير إصابات»، تتعرض علياء إلى الكثير من المخاطر خلال ممارستها تلك الرياضة التى تعتمد على النفس الطويل واللياقة العالية، حيث فى كثير من الأحيان قد تصاب بالكثير من الكدمات أو الجروح خلال ممارستها فى الشارع، بالإضافة إلى الكسور، ولكن رغم ذلك تظل دؤوبة فى مزاولتها، دون النظر لسلبياتها التى لا تراها مُبالغا فيها.
وتذهب علياء، خلال رحلتها مع اللعبة إلى الكثير من الأطباء للاطمئنان الدورى على صحتها، حيث إن الكثير من الرياضيين خلال تعرضهم للإصابات يكتشفونها متأخرًا، بالإضافة إلى اهتمامها بالمستوى التى تصل إليه دون الرغبة فى الوصول لأعلى منه حتى لا يتسبب ذلك فى العديد من الإصابات نتيجة لعدم الاهتمام بتعليمات الكابتن المدرب لها، أو مستوى أقل يؤدى إلى تقليل قدرتها على إثبات نفسها خلال ممارستها رياضتها.
واهتمت علياء خلال فترة العامين من ممارستها ل«الباركور»، بكيفية التعامل مع الإصابات التى تتعرض لها، بعد الإصابة بتمزق فى، توضع كتل من الثلج خلال 24 ساعة على مكان الإصابة وفى بعض الأحيان يمكن استخدام المخدر، ولكنه غير مستحب، ثم القيام خلال ال3 أيام المتوالية بعمل كمادات مياه ساخنة ويليها كتل ثلجية، وفى بعض الأحيان يكون الاعتماد على بعض المرطبات والدهانات التى تساعد على تسكين الجروح وتقليل الورم، وتعتمد خلال فترة تمرينها أو ممارستها رياضة «الباركور» فى الشارع أو الحدائق العامة مثل حديقة الأزهر، على التسخين المكثف والذى تصل مُدته إلى ربع ساعة لتفادى كل الإصابات والتخبطات الجسدية خلال مزوالة الرياضة.
خلال فترات التدريب والممارسة، أصيبت علياء بجروح بالغة فى الساق نتيجة لاصطدامها بعمود مصنوع من حديد، واستكملت التمرين دون أن تضع فى بالها أنها إصابة خطيرة، وعندما ذهبت إلى منزلها وأثناء تبديل ملابسها، اكتشفت بعض آثار الدماء على الملابس ثم وجدت ساقها غارقة بالدماء، وظلت آثارها على ساقها شهرين.
تعترض والدة علياء على الإصابات التى تتعرض لها ابنتها الصغيرة، ولكنها لا تستطيع أن تمنعها من مزوالة رياضتها المفضلة، خاصة أنها مهتمة بدراستها، ودومًا تطمئنها على حالتها البدنية وأن الإصابات التى تتعرض لها يمكن أن تنتج عن أى رياضة أخرى وليست «الباركور» فقط هى السبب الرئيسى. وروت علياء أن الكثير من أصدقائها الشباب خلال ممارسة القفز والعدو لمسافات طويلة يتعرضون للكثير من الإصابات البالغة، وأحد اللاعبين عند قيامه بإحدى الحركات السريعة التى تعتمد على اللف المتكررة سقط على ظهره مباشرة، ما أصابه بتمزق يعانى منه حتى الآن. أخو منة سر استمرارها فى «الباركور» منة هشام، 15 عامًا، طالبة بالشهادة الإعدادية، بدأت مُنذ عامين فى التمرين برياضة «الباركور»، حيث رغم عمرها الصغير إلا أنها انجذبت لممارسة تلك الرياضة كثيرة الحركة، حيث إنها علمت بها خلال تصفحها مواقع التواصل الاجتماعي، ورأت أن الكثير من الفتيات فى الوقت الحالى يمارسنها بعد توفر أماكن عدة من بينها صالات الجيم التى انتشرت خلال تلك الفترة للاهتمام ب«الباركور» و«الإستريت ورك أوت» وغيرها من الرياضات التى تحتاج إلى أماكن شاسعة ذات سقف مرتفع لتسهل على الممارس اللعب بحرية تامة.
«اللعبة دى ساعدتنى أخرج كل الطاقة السلبية اللى بحس بيها»، هكذا عبرت منة عن أن تلك الرياضة ساندتها كثيرًا فى تخطى الكثير من العقبات التى كانت تحول بينها وبين طريقها فى الرياضة، حيث إنها بخفة ووزن قليل تستطيع الفتاة تخطى الكثير من الأسوار والأماكن العالية دون الإصابة بإصابات خطيرة.
ويشجعها على التمرين المستمر أخوها الصغير الذى مارس اللعبة فى نفس وقت التحاق أخته بها مُنذ عامين، ولا يبخل الأخ الأصغر بإعطاء أخته الكبرى النصح والتعليمات التى أهلته إلى الوصول إلى مستوى أعلى منها، وفى حالة عدم ذهابها فى مواعيد التمرين يلح عليها لأنه يرى أن تلك الرياضة تساعدهما معًا للوصول إلى مستويات أفضل، وتزيد من الطاقة الإيجابية فى روحهما، بالإضافة إلى أنها تعاونهما فى التخلص من الضغوطات الدراسية.
تعرضت منة للتمزق خلال ممارستها «الباركور» بعد القيام بحركة غير صحيحة، مكثت على أثرها 3 أسابيع فى المنزل كى تتعافى بعد عرضها على طبيب، وكتابة بعض الأدوية المسكنة والدهانات نتيجة لآثار الكدمات.
خضعت منة للعب فى الشارع والأماكن العامة مرتين، وكانت تجربة مختلفة أدت إلى جذب نظر المشاهدين لها، بالإضافة إلى أن اللعب فى الشارع يساعدها على القيام بالكثير من الحركات التى لا تستطيع القيام بها خلال التمرين فى الصالات الرياضية.
توفق منة بين اللعب والدراسة فتتمرن مرتين أسبوعيًا، وتلتزم بالتعليمات التى توجهها لها والدتها حتى تجتاز الامتحانات بمرحلة الشهادة الإعدادية بتفوق، وخلال فترة الامتحانات فقط لا يمكنها الاستمرار والالتزام بالتمرين.
وتعتمد الفتاة على تناول الطعام بكل أشكاله وأنواعه دون النظر إلى الاهتمام فقط بالطعام الصحى، ولكنها تمنع المأكولات التى تحتوى على نسب كبيرة من المواد الحافظة، بالإضافة إلى الاهتمام بتناول الطعام قبل التمرين بساعتين. تسنيم.. كثرة الإصابات لم تقف عائقًا أمامها تسنيم حسام، 16 عامًا، طالبة فى المرحلة الثانوية، بدأت «الباركور» منذ شهر أكتوبر الماضى، جذبتها تلك الرياضة لكثرة الحركة والطاقة التى يكتسبها ممارسوها، شاهدتها عن طريق الإنترنت، وقررت سريعًا أن تصبح من ممارسيها.
بعد شهر فقط من ممارستها، أُصيبت تسنيم فى ظهرها أثناء قيامها بإحدى الحركات الخاصة ب«الباركور»، مكثت خلالها فى المنزل فترة طويلة، ولكن تلك الإصابات لم تكن بالغة، وتوالت الإصابات على الفتاة الصغيرة، إلا أنها لم تمارس الباركور فى الشارع كباقى زملائها، نظرًا لتشديد المدربين عليها فى الصالة الرياضية التى تلعب خلالها بالالتزام بالتعليمات، حتى لا تقوم ببعض الحركات التى تؤذى صحتها نظرًا لكونها مبتدئة.
وتقول تسنيم: «بتساعدنى كتير فى إنى أخرج الطاقة السلبية علشان أعرف أذاكر»، ولم يكن هدفها من ممارسة اللعبة الوصول إلى شىء بعينه، ولكنها تمارسها من أجل الترفيه والتخلص من الضغط النفسى.