لا أعرف لماذا هذا الربط الزائف المتعمد من جميع الاتجاهات والمنابر الإعلامية الصحفية والتلفزيونية بين الموافقة على التعديلات الدستورية وجماعة الإخوان المسلمين، لمجرد تصريحهم بالموافقة على التعديلات الدستورية. ذلك الربط يسىء بشدة لجموع المصريين الكبيرة التى وقفت بالساعات فى طوابير المشاركة الديمقراطية لتقول نعم للتعديلات الدستورية، المثقف منهم وغيره، المتعلم والأمى، الحضرى والريفى، الدكتور والساعى، الرجل والمرأة، محمد ومينا، يعنى جموع المصريين. وأنا فى السياق نفسه لا أقصد الإساءة لتلك الجماعة أو التقليل منها، لكن أود أن أقول أن ملايين المصريين التى قالت نعم ليست من الإخوان المسلمين، بل أكاد أجزم أن هناك الكثير لا منهم لا يحبونها أيضا. ذلك الإصرار على الربط لا أعرف ما المقصود منه، هل المقصود منه إفساد ذلك العرس الديمقراطى الحقيقى ونسبه للإخوان وغيرهم؟ أم هو تضخيم لتلك الجماعة لإعطائها شرعية لا تملكها ولا تستحقها، وفرضها على الشعب المصرى؟ والحقيقة أن هناك تضخيم وتصنيع لهالة كبيرة حول تلك الجماعة، ولا أنكر أن تلك الجماعة لها تواجد فى الشارع، وهم يمتلكون إمكانيات بشرية ومالية ليست بالقليلة، ولكن فى ذات الوقت لا تستطيع تلك الإمكانيات السيطرة على جموع الشعب المصرى وبالتالى السيطرة على البرلمان القادم وهو "بيت القصيد" الذى يخشاه الجميع من الخوف على اكتساح جماعة الإخوان لمجلس الشعب القادم. لكنى أرد على ذلك بأن الشعب المصرى يعرف نوايا كل الاتجاهات السياسية وأهدافها، وأزعم أن المصريين أصبحوا يتمتعون بوعى يكفل لهم معرفة كل الاتجاهات، وما تهدف إليه من مصالح سياسية وشخصية لكل الأحزاب والجماعات والتيارات السياسية الموجودة، كما أدرك المصرى أن صوته له قيمته وتأثيره فى مستقبل بلاده، وبالتالى لن يفرط فيه لمن لا يستحقه ولن يستطيع كائن من كان أن يخدع المصريين بكلمات براقة وكاذبة، أو استغلال شعارات دينية أو سياسية معسولة. كما أن خطواتنا نحو الديمقراطية الصحيحة بداية من الاستفتاء التاريخى الذى أذهل العالم واتجاهنا إلى تحقيق العدالة الاجتماعية فى شتى المجالات والأماكن ستجعلنا نستغنى عن "نائب الخدمات"، الذى يلعب على هموم أبناء دائرته من احتياجهم لفرصة عمل أو طلب علاج أو غيره، وسيصبح اختيار ممثل الشعب داخل البرلمان له شروط معينة لدى ناخبيه، ولا أزعم أن ذلك سيتحقق فى البرلمان القادم، لكن أجزم أن ذلك سيتحقق فى الدورات اللاحقة للبرلمان المصرى. إننى أرجو عدم التهويل والتضخيم فى جماعة الإخوان المسلمين، وإعطائهم أكثر مما يستحقوه، وتصويرهم بأنهم قواد الوطن والوطنية، أو أنهم هم الشعب المصرى الذى قال نعم من أجل وطنه ومستقبله.. من أجل مصر.