وصلتنى رسالة من ضابط صديق.. سأعرضها بتصرف: "الأخ.. .... اكتب إليك على وعسى أن أهدأ لأنى كتبت.. قامت ثوره 25 يناير ونجحت فى تغيير كل شىء، وكان التغيير قويا جذريا فاق كل التوقعات فمن منا كان يتصور ولو للحظة أن يتنحى الرئيس، ويمنع من السفر هو وعائلته.. من كان يتصور أن يقضى وزير داخليتنا المرعب لنا ولكم أيامه فى السجن؟! نجحت الثورة وعن نفسى فرحت بها.. نعم فرحت كإنسان مصرى وضابط مصرى لم أفعل يوما ما يغضب ربى.. لم أتربح من الحرام.. لم أجد نفسى يوما أعامل أحداً بفضل رتبتى معاملة غير لائقة حتى لو كان مذنبا، كنت أطبق القانون كما هو، وفى أحوال كثيرة كنت أتعامل بروحه.. ولست أنا الوحيد فى هذا الجهاز بهذه السمات.. بل هناك الكثير جدا من الضباط كانوا يفعلون ذلك، وكانوا أفضل منى وأحسن.. أقول كثيرين.. لكن الآن وبعد الثورة أصبحنا كلنا مذنبين.. لا استنثاء.. فالكل سواء! الصحافة تفرد صفحات طوال عنا دون رحمة.. البرامج كلها تندد بالشرطة.. ومع ذلك أتناسى.. أنسى.. إلى أن كان أول يوم من أيام الدراسة.. لى ابن فى الصف الخامس الابتدائى.. دخلت إلى منزلى بعد يوم مرهق فأخبرتنى زوجتى بأنه يرفض أن يتناول أى طعام، والسبب هى معلمته فقد كانت تشرح لهم درسا من الدروس، وبالطبع تكلمت عن الثورة، وقالت إن الثورة أفرحت المصريين وحررتهم من الشرطة (وكان الضباط ياولاد بيظلموا الناس وبيعاملوهم وحش)، فرد عليها ابنى قائلا لها: بابا ضابط ومش بيعمل أى حاجة من دى ياميس.. فرددت عليه قائلة: هو باباك لسه فى الشرطة؟!! هل هذه معلمه تربى أجيالا ناشئة على الاحترام والحب؟ هل تلك إنسانة أصلا؟ أتدرى ماذا فعلت؟ كتبت فاكسا وأرسلته إلى وزير التعليم.. والمديرية.. وانتظر للآن أى رد.. حتى أصالح ابنى به.. أتدرى ماذا سأفعل.. سأقدم استقالتى لأرتاح وترتاحوا!" تلك هى الرسالة التى وصلتنى وأحببت أن أنشرها دون اسم صاحبها أو مكانه، فأظن أنها لا تعبر عنه فقط بل عن الكثير مثله.. فلنترفق بالنماذج التى هى على شاكلته، فنحن فى أمس الحاجة لهم.. فليس الكل سواء.