مرت بنا العديد من الأحداث الإرهابية والتى لا أعتبرها كثيرة قياساً على دول عديدة، وطالت أيدى الإرهاب مصر أكثر من مرة لكن الموضوع كان يتوقف كل مرة على ضبط الداخلية للجناة وتشديد التواجد الأمنى على كل مكان فى مصر يمكن أن يتأثر بها ولكن هذه المرة الأمر مختلف للغاية للعديد من الأسباب: 1- المجرم عديم الإنسانية ملحد الديانة الذى قام بهذه الفعلة الإجرامية لو فكرنا فيه قليلاً سنجد أن اختياره لرأس السنة هو اختيار غريب، فلو أنه يقصد مسيحيى مصر لاختار 7 يناير لكن رأس السنة الميلادية هو احتفال لكل المصريين ولا يقتصر على ديانة دون أخرى. 2- لو أن الأيام السابقة مرت دون هذه الجريمة النكراء لاحتفل مسيحيو مصر على استحياء بأعيادهم لكن ما حدث كان محنة ألمت كل مصرى، مما جعل للاحتفالية هذا العام مذاق خاص لكل المصريين مع عزائنا الشديد لاخواتنا الذين مات ذويهم. 3- رغم ان ردود الأفعال أظهرت بعض المدعين كدابين الزفه الذين أظهروا عمل شو فقط إلا أن عدد المعتدلين من الجانبين المسلم والمسيحى كان أكثر بكثير فالمسلمين بحثوا عن أى شىء يخفف آلام إخوتهم وإشعارهم بأنهم آمنون لدرجة ذهاب الكثيرين منهم إلى قداس عيد الميلاد لتأكيدهم على أنهم مع أخواتهم دروع بشرية تحميهم من أى معتد وعلى الجانب الاخر المسيحيين لديهم اجماع رائع هذه المرة على أن أيادٍ خارجية هى التى تسعى لتدمير وحدتنا ولا يمكن أن يكون هذا من تدبير مصرى مع احتمالية أن يكون مرتكبها مصرى الجنسية لكنه مجرم غير منتمى. 4- اختلفت لغة الاعلام هذه المرة وخرجت عن شكلها التقليدى شكلاً ومضموناً فمن ناحية الشكل راينا اجتماع جميل لكل مقدمى التوك شو فى مصر قبيل قداس السادس من يناير فى الكاتدرائية ومعهم عشرات من نجوم الفكر والفن والسياسة والدين لمناقشة أمور مصر بموضوعية ومواجهه حقيقية لمشاكلنا كلها – كما انفرد مصر النهارده بقرار جرئ لصناعه بالبث على الهواء مباشرة من الاسكندرية تم اتخاذه فى الرابعة من عصر السبت الأول من يناير (انتماء كاتب هذه السطور لكتيبة مخرجى التوك شو فى مصر بإخراج توك شو نايل كروز على النيل الدولية يجعله يقدر مهنيا مدى صعوبة اتخاذ قرار اذاعه خارجية من محافظة خارج القاهرة ومكان بهذه الحساسية قبل الهواء بخمس ساعات). 5- الإعلام العربى كان أكثر حرفية هذه المرة ورغم اعتراضاتنا الكثيرة على قناة الجزيرة فى تناولاتها لما يجرى على أرض مصر واتهام البعض لها بالتضخيم المتعمد، إلا أنها هذه المرة كانت على قدر كبير من الاعتدال مع التقدير الشديد للقنوات العربية الأخرى والتى قدمت روعه فى التناول. 6- الإنترنيت كان أكثر مجال شعبى مواز للإعلام فى تقديم العديد من الأفكار من خلال الصفحات الشخصية على الفيس بوك والتى اختار البعض رمزاً له الهلال والصليب واختار آخر الإرهاب لا دين له واختار ثالث مصرى ضد الإرهاب وغيرها الكثير مما عبر عن إرادة شعبية لتعايش جميل بين المسلمين والمسيحيين كمصريين دون أى اتهام بالمزايدة أو وجود توجيهات عليا فهى حقيقة عبر عنها الجميع من قلوبهم. 7- الرياضة وهى الأكثر شعبية ظهر فيها تعبير حقيقى فها هى دورة حوض النيل والتى شاركت فيها مصر تعبر عن نبذ الإرهاب وها ى مئوية الزمالك تبدأ بدقيقة حداد على أرواح أخواتنا الذى راحوا ضحية الحادث الأليم. 8- فى الفن رأينا وقفات جادة لفنانى مصر الكبار ورأينا أوبريتات وأغنيات ربما لم تكن كلها على المستوى المطلوب من المصداقية أو الحرفية لكن أغلبها كان ملامسا لوجداننا وأؤكد لمن ينتقد هذه الاغنيات بانها موجهه لجمهور معين الاغنيات هى أساس ثقافته ورغم إن هذه قضية أخرى إلا أن مخاطبة هذا الجمهور من المراهقين والاطفال هامه ليتعايشوا مع الحدث لأن أغلب الكبار لديهم من الثقافة مايجعلهم على وعى ودراية بكل ما يحدث بكافة أبعاده. 9- لغة الخطاب الدينى المسيحى اتسمت بالهدوء رغم انتقاد بعض المسيحيين المتعصبين لها لكن الهدوء هو الصاوب، فالأمر لم يكن لمناقشة اوضاع الاقليات فى مصر لكنه كان حزنا على وفاة مصريين كان منهم مسلمين ومسيحيين. 10- لغة الخطاب الدينى الإسلامى كانت ولا أروع هذه المرة رغم انتقادات الكثيرين لها فى أمور سابقة لكنهم لم يزايدوا بل اكتفور بسرد قصص حقيقية من تراثنا مثل قصة المسلم الذى اعتدى على مسيحى فى عهد عمر بن الخطاب فما كان من عمر إلا بأن اقتص للمسيحى من المسلم قائل عبارته الشهيره (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟) ثم اخذ حق المسيحى الذى كان اختياره لعمر المسلم وليس لمسيحى لأخذ حقه وقد كان فى التأكيد على بر المسيحيين وأى دين مخالف للإسلام