باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    تعرف علي سعر الدولار مقابل الجنيه بالبنوك المصرية    القاهرة الإخبارية: استئناف دخول المساعدات لغزة بعد إغلاق منفذ كرم أبو سالم    الداخلية تتمكن خلال 24 ساعة من ضبط 447 قضية مخدرات و220 قطعة سلاح    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظّم ندوة توعوية بالمدارس حول "احترام كبار السن وتوقيرهم"    ما هي خطوات استخراج شهادة مخالفات المرور الإلكترونية؟    حزب الجبهة يفصل مرشحه بالأقصر قبل انطلاق جولة الإعادة في الانتخابات    طارق السويدان خارج اللعبة، هل انتهت جماعة الإخوان في الكويت؟    وزير الخارجية يلتقي نظيره السوري بمنتدى الدوحة ويؤكد على رفض أي محاولات للمساس بأمن سوريا    محاولات بالزمالك لإنهاء أزمة مستحقات اللاعبين المتأخرة    سلاح - محمد السيد يكتسح لاعب إسرائيل ويتوج بذهبية كأس العالم    حمزة عبدالكريم يقترب من برشلونة علي حساب البايرن وميلان .. اعرف الأسباب    المديريات التعليمية تطلق مبادرة جسمى ملكى لا تلمسه لطلاب المدارس    وزير الصحة يشهد القرعة الإلكترونية لاختيار أعضاء البعثة الطبية المصرية للحج    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    الداخلية تكشف تفاصيل توزيع رشاوى إنتخابية على الناخبين أمام جمعية خيرية فى المنيل    روجينا تعلن انطلاق تصوير مسلسل حد أقصى رمضان 2026 .. "بسم الله توكلنا على الله"    أحمد فلوكس يصطحب والده فاروق فلوكس لأداء مناسك العمرة على كرسى متحرك    تعليم أسيوط يتابع تدوير الرواكد في المدارس الصناعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    "اكتشفها وساعده".. الصحة تكشف عن أعراض تدل على إصابة الطفل بالاكتئاب    وزير الصحة يعلن اليوم الوضع الوبائى لإصابات الأمراض التنفسية .. اعرف التفاصيل    جامعة بني سويف تحقق إنجازًا جديدا بإجراء أول عملية لتقشير أورام الجهاز الهضمي بالمنظار دون جراحة    الجزار: كأس العالم للأندية سبب تعثر انتقالي إلى الأهلي.. ووقعت للزمالك من قبل    نائب رئيس الزمالك: المجلس يريد استكمال مدته    قبل الامتحانات بأيام.. المحكمة الإدارية بأسيوط تحيل قضية سحب مقررات أستاذ جامعي لهيئة مفوضي المحكمة    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    اتحاد شركات التأمين يرصد أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي    قائد عسكرى أمريكى يكشف مفاجأة بشأن قتل الناجين من استهداف قارب الكاريبى    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    السيطرة على حريق مخزن سجاد وموكيت فى أوسيم    الإعدام شنقًا لقاتل شقيقته في نجع حمادي    زيلينسكي يبحث عن ضمانات لحماية الأراضي الأوكرانية ومنع الاعتراف بسيطرة روسيا    ثنائي الأهلي يدعم محمد صلاح ضد مدرب ليفربول: أسطورة كل العصور    وزير الثقافة يصل أذربيجان للمشاركة في أسبوع باكو للإبداع    انطلاق الملتقى الأول للطفل وقوافل المسرح المتنقل بسيوة في أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع    13 عاما على رحيل عمار الشريعي، المايسترو الذي غاص في بحر النغم.. انطلق من شارع محمد علي متحديًا فقدان البصر    مرض غامض يمنع الشيخ طه الفشن من الكلام.. اعرف الحكاية    وزير الثقافة يصل إلى أذربيجان للمشاركة فى أسبوع باكو للإبداع    ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 70 ألفا و360 شهيدا    رانيا المشاط تستعرض جهود مصر في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    هل ثواب الصدقة يصل للمتوفى؟.. دار الإفتاء تجيب    التطرف ليس في التدين فقط.. موضوع خطبة الجمعة المقبلة    محافظة الوادى الجديد: مخاطبة الضرائب العقارية للحجز على المستثمرين المتقاعسين    البنك المركزى: ارتفاع الاحتياطى الأجنبى ل50.2 مليار دولار نهاية نوفمبر الماضى    خبر في الجول - عمر فرج يقرر فسخ تعاقده مع الزمالك    حادث في بنها.. صبة خرسانية تسفر عن 8 مصابين بمبنى تحت الإنشاء    رئيس جامعة سوهاج يتحدث عن المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الهمم    بعثة الزمالك تغادر إلى البرازيل للمشاركة بكأس العالم للأندية للطائرة سيدات    محمد السيد يتوج بذهبية كأس العالم للسلاح بعد اكتساحه لاعب إسرائيل 15-5    هيئة الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بإمساك بعض السجلات    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    مستشفى كرموز تجح في إجراء 41 عملية لتغيير مفصل الركبة والحوض    تعليمات من قطاع المعاهد الأزهرية للطلاب والمعلمين للتعامل مع الأمراض المعدية    نائب ينتقد التعليم في سؤال برلماني بسبب مشكلات نظام التقييم    الشرع: إقامة إسرائيل منطقة عازلة تهديد للدولة السورية    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارٌ مع صديقى المتطرّف
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 01 - 2011

صديقى المتطرِّف لا يكلُّ ولا يملُّ من الكلام عن «المظهر»، وأنا تعبتُ من فرط الكلام عن «الجوهر». فى لقائنا الأخير قلتُ له:
تدعو الزرادشتية إلى الإيمان بإله واحد متعالٍ هو »الخالق«. وهو الذى لا يُعزَى إليه شكلٌ أو لون أو مظهر، أحدٌ صمد، لا تحيط به العقول، ولا يحدُّه مكان. العادلُ، الغفورُ، الرحيمُ، الواحدُ، الأحد. ويقول زرادشت فى تعاليمه إن الاعتقاد بالخالق، لا يتمُّ إلا عن طريق «العقل الصالح»، وإن الخلاصَ يأتى بتطوير أنبل منازع الإنسان. ويحذِّرُ أتباعَه من «روح الشر». وأكبر الشرور فى زمانه تتمثل فى مَيل العامة إلى عبادة المظهر دون الجوهر.
وتقول البوذيةُ إن السعادةَ لا تتمُّ إلا بالتخلص من الأنانية من أجل الوصول إلى حالة «النيرفانا»، أى الصفاء الروحىّ. ومن أجل ذلك يتحتمُ على الإنسان اتّباعُ السُّبل النبيلة الأربعة: «التفكيرُ السليم» الخالى من كل نزعة هوى، »الفعلُ السليم« الذى يسلكه الإنسانُ فى سبيل حياة مستقيمة تتكئُ على العلم والحق، «الكلامُ السليم» بقول الصدق بغير زور أو كذب، «العيشُ السليم» القائمُ على هجر الملذّات الرخيصة. والنيرفانا هى حالة التيقُّظ أو الاستنارة التى تُخمد نيرانَ الدوافع المسببة للآلام: الشهوةُ، الحقدُ، الجهلُ. وهى بدايةُ طريق الخلاص. وتتلخص قواعدُ البوذية فى الكفّ عن آثام خمسة: القتلُ، أخذُ ما ليس لك، الكلامُ السيئ، السلوكاتُ الحِسيّة المُشينة، تناولُ المخدّرات. وباتباع تلك التعاليم يمكن القضاءُ على شرور الإنسان الثلاثة: الشهوانية، الحقد، الوهم.
وفى الحضارة الفرعونية الفريدة، التى صنعها أجدادنا، ورد فى كتاب «العبور إلى النهار»، الشهير بكتاب الموتى، أن شرط الانتقال إلى أبدية العالم الآخر، هو إقرار المتوفى باعترافاته السلبية بأنه: لم يكذب، لم يسرق، لم يقتل، لم يلوِّث النهرَ المقدس. ويشهد على صدق اعترافه ميزانٌ يوضع فى إحدى كفتيه قلبُ الميت، الذى يمثّل ضميرَه، فى مقابل الكفّة الأخرى التى توضع بها ريشةٌ تمثل الحقَّ والعدلَ والجمال.
وحين سُئل دالاى لاما عن أفضل العقائد قال: «هى تلك التى تجعلك: أكثرَ رحمةً، أكثرَ حساسيةً، أكثرَ محبةً، أكثر إنسانيةً، أكثر مسؤوليةً، أكثرَ جمالاً. العقيدةُ التى تفعل معك كل هذا تكون هى الأفضل».
وهكذا يا صديقى ترى أن الأديان جميعاً تتوجه نحو هدف واحد. الجمال. وتنادى بمبادئ واحدة، فى «الجوهر/المعنى»، أما «المظهر/الصورة»، فلا شأن لى بها. ولكلّ إنسان أن يختار، بملء إرادته، الطقسَ والشعيرةَ والطريق التى يسلكها للوصول إلى هذا الجمال، الذى هو الله. وفى هذا قال جلال الدين الرومى: «اذهبْ، واسعَ وراء المعنى، يا عابدَ الصورة» حدثتُكَ عن بعض الأديان، الوضعية، والسماوية، وتعمدتُ ألا أتكلم عن الإسلام، لأننا جميعًا، مسلمين ومسيحيين، نعلم كل شىء عنه من المدارس والتليفزيون والأهل والشارع، ومن الشمال والجنوب والشرق والغرب، بما أننا ننتمى إلى مجتمع «مسلم»، كما تعلم.
لكن صديقى يعيدُ الكرّة ويقول لى: «لكن اسمك فاطمة. فكيف لا تناصرين المسلمين دون قيد أو شرط؟، ألم يقلِ الرسولُ: انصرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا؟» فقلتُ له: هنا أخطاءُ أربعة: 1 - قيل: يا رسولَ الله، أنصُره مظلومًا، فكيف أنصُرُه ظالماً؟! قال: تحجزه عن ظلمه فإن ذلك نصرُه. أن تُريه الحقَّ حقًّا، والباطلَ باطلاً. 2 - اسمى فاطمة، يعنى مسلمة، فهل ترى أن واجبى كمسلمة أن أعادى وأحارب غيرَ المسلم؟ ألا تتفق معى فى أنك هنا تُنزل من شأن عقيدتك إذْ تجعل منها عقيدةً أنانيةً ظالمة؟ وأنك ترى أن الله، خالقَ الكون، قد خلق عباده على اختلاف ألوانهم وعقائدهم وأعراقهم، لكى يقتتلوا لا لكى يتعايشوا ويتحابوا؟ أى منطقٍ؟! ألا ترى أننى حين أؤمن بحتمية حبّ الآخر، وتوحيد حقوق المواطنة، أكون أكثر منك إيمانًا بأن الله عادلٌ يحبُّ العدل؟ وأن العقيدة والحساب، فى يده هو تعالى وحده، دون سواه، ليس لى دخلٌ بها، فلا أجعل من نفسى وكيلاً عنه فى الأرض، كما تفعل أنت؟ 3 - أنت اسمك: محمد أو جورج أو بوذا أو قطار أو شجرة، فماذا يعنى هذا؟ قال شكسبير فى إحدى مسرحياته إن الوردةَ لن تكفَّ عن نشر شذاها لو كان اسمُها أىَّ شىء آخر غير «وردة». ثم ما دخلى باسمك؟ وما دخل اسمك بأفكارك؟ الاسمُ لم نختره، بل اختاره لنا أبوانا، أما أفكارُنا فهى نتاجُ تأملنا وتحصيلُ اجتهادنا الشخصى نحو المعرفة. هل سيحاسبنا اللهُ على أسمائنا، أم على أفكارنا وأعمالنا؟ 4 - أنت مسلمٌ محض مصادفة، مثلما غيرك مسيحىٌّ بالمصادفة، لأنك لم تختر دينك، بل اختاره لك سلفُك. فهل تقتتلان على شىء لم تختره ولم يختره؟ وماذا لو جعلتك «المصادفةُ» مسيحيًّا، أغلب الظن لكنتَ مسيحيًّا متطرفًا أيضًا! انتهت أخطاؤك الأربعة التى وردت فى اجتزائك للحديث الشريف. وأكرر عليك قولى بأننى لا أناصرُ ديانةً ولا أهاجم أخرى. بل أنتقد سلوكات بشر أخفقوا فى درس الجمال والعدل والمحبة. ألتمسُ الجوهرَ الرفيعَ المشترك، أبحثُ عن الجمال بمحاربة القبح فى السلوك والقول والفكر. أدعوك إلى تأمُّل مقولة المثقف الرفيع على بن أبى طالب: «احصدِ الشرَّ من صدر غيرك، باقتلاعه من صدرك», قضيتى يا صديقى هى المواطَنة، لا العقيدة. العقيدةُ شأنُ الله وحده، أما المواطَنة فشأنى وشأنك وشأنُ كل مصرى. وهنا أستعيرُ قولَ عبدالمطلب بن عبد مناف، جد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، حين ذهب لاسترداد إبله من أبرهة الأشرم هادم الكعبة، الذى قال له: حسبتُك أتيتَ تتشفع للكعبة. فردّ عبدالمطلب: «أنا ربُّ الإبل، أما البيتُ فله ربٌّ يحميه» أنا أدافع عن جمال مصر الموءود، فهذا واجبى كمصرية. واللهُ جلّ وعلا قادرٌ على الدفاع عن دينه، ليس هذا من شأنى، ولا شأنك بالمناسبة. شأننا هو الوطن. والحكومةُ تغتالنا جميعًا وتنتزعُ من صدورنا بقايا الجمال والعدل والحب. ونحن نقعُ فى الشرك مبتسمين!! فى هذا قال نيتشه: «مُشاهِدٌ ردىءٌ للحياة، ذاك الذى يغفل عن اليد التى تغتالُ برفق».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.