بنها تشغّل كوبري المشاة وتغلق الفتحة الخطرة بالسكة الحديد    ملتقى الأزهر: الإمام أبو حنيفة كان منهجه التيسير والرفق بالناس في فقه المعاملات    الزراعة والبيئة والري يناقشون تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي في مصر    وزارة الصحة تكشف خطتها للتأمين الطبي لافتتاح المتحف المصري الكبير    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 بمحافظة السويس    مجلس الجامعات الأهلية يعقد اجتماعه الدوري برئاسة وزير التعليم العالي    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر في سوق العبور للجملة    وزيرة التنمية المحلية تبحث تعزيز التعاون مع وفد صيني من مقاطعة سيتشوان    لوحات فنية وفرعونية على الأكشاك الكهربائية استعدادًا لافتتاح المتحف الكبير    وزيرة التخطيط تشارك في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» بالسعودية    ارتفاع مؤشرات البورصة في بداية تداولات اليوم.. وصعود أسعار أسهم 80 شركة    اختتام زيارة الوفد المصري لفيتنام بعد توقيع اتفاقية الأمم المتحدة ومكافحة الجريمة    ترامب: الأمور ستكون أفضل إن حققنا السلام بالقوة    زلزال بقوة 5.8 ريختر يضرب شمال مرسي مطروح في البحر المتوسط    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية وكبير مستشاري ترامب لبحث الأوضاع في السودان وليبيا    "بعد رسول العاصفة".. كيف تمهد روسيا لعصر الصواريخ النووية الفضائية؟    «حداد»: إعلان الرئيس الفلسطيني الأخير استباقا لمحاولات «فصل الضفة عن غزة»    طارق قنديل: ميزانية الأهلي تعبر عن قوة المؤسسة.. وسيتم إنشاء فرعين خارج القاهرة    مواعيد مباريات اليوم في الدوري الإيطالي    موعد مباراة الهلال والأخدود في كأس الملك.. والقنوات الناقلة    رد فعل أحمد شوبير على أزمة مشاركة نبيل دونجا في السوبر المصري    مواعيد مباريات الثلاثاء 28 أكتوبر.. دربي جدة في الكأس والدوري الإيطالي    عاطل متهم بقتل والده في عين شمس يمثل الجريمة أمام النيابة    رئيس الوزراء يفتتح مشروع تطوير سوق العتبة بعد اكتمال الأعمال وإعادة تأهيلها    آخر فرصة لحج القرعة.. دليلك للتقديم من البيت قبل فوات الأوان    ضبط 4 أطنان سوداني بمادة تدخل في سم الفئران خلال حملة تموينية بالشرقية    محاكمة المتهم بقتل طفل انتقاما من زوجته اليوم    إطلاق الخطة العربية للوقاية من المخدرات بمركز علاج الإدمان في مصر    قبل عرض آخر حلقتين، ابن النادي يتصدر "شاهد"    تعليم أسيوط: رحلات طلابية للمتحف المصرى الكبير ومسابقات ثقافية    نزلات البرد في فصل الشتاء.. المرض الموسمي الذي لا يرحم الكبار ولا الصغار    ماذا قال المتهم بنشر «بوست» عن واقعة وهمية لخطف طالبة؟    رئيسة وزراء اليابان تزور سول لحضور قمة "آبيك" وإجراء محادثات ثنائية    تحرير 538 محضرًا تموينيًا لضبط الأسواق والمخابز البلدية فى أسيوط    الإعصار ميليسا يتحول إلى الفئة الخامسة قبالة سواحل جامايكا    عيادة ثابتة و5 سيارات خدمات متنقلة أبرزها، خطة التأمين الطبي لافتتاح المتحف المصري الكبير    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    المتحدث باسم حماس: إسرائيل تكذب بشأن مساعدتنا.. وبعض جثامين أسراها قد تكون في مناطق تسيطر عليها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة قنا    موعد بداية شهر رمضان 2026 وأول أيام الصيام فلكيًا    د.حماد عبدالله يكتب: ماذا لو لم نقرأ التاريخ !!    رابط حجز تذاكر المتحف المصري الكبير.. احصل على تذكرتك    مستشار وزير الثقافة: مصر تسجّل 10 عناصر تراثية في اليونسكو بينها السيرة الهلالية والأراجوز    بعد حلقة الحاجة نبيلة.. الملحن محمد يحيى لعمرو أديب: هو أنا ضباب! أطالب بحقي الأدبي    جاهزون.. متحدث مجلس الوزراء: أنهينا جميع الاستعدادت لافتتاح المتحف الكبير    ميسي: أتمنى المشاركة في كأس العالم 2026.. والحياة في ميامي تُعجبني    تحرك طارئ من وزير الشباب والرياضة بعد تصريحات حلمي طولان (تفاصيل)    الزناتي يشارك في احتفالية اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    رئيس محكمة النقض يزور الأكاديمية الوطنية للتدريب    تصل إلى الحرائق.. 6 أخطاء شائعة في استخدام الميكرويف تؤدي إلى كوارث    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء محاولة اختطاف فتاة في أكتوبر    درس في المرونة وتقبل التغيرات.. حظ برج الدلو اليوم 28 أكتوبر    «العمل» تُحرر 338 محضرًا ضد منشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    أبوريدة يحسم الملفات الحائرة بالجبلاية.. المفاضلة بين ميكالي وغريب لقيادة المنتخب الأولمبي    بعد مأساة الطفل عمر.. كيف تكشف لدغة ذبابة الرمل السوداء التي تُخفي موتًا بطيئًا تحت الجلد؟    انتبه إذا أصبحت «عصبيًا» أو «هادئًا».. 10 أسئلة إذا أجبت عنها ستعرف احتمالية إصابتك ب الزهايمر    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إمارة الباطل تتاجر ب"الحقوق".. قطر تصدر تقريرا ملفقا عن معاناة مواطنيها من قطع العلاقات العربية.. تلاعب بالأرقام وتناقض وتجاهل ل7000 عامل قتلتهم الدوحة.. والكذبة الجديدة تؤكد إصرار"تميم" على دعم الإرهاب
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 06 - 2017

"تستمر الإساءة والاستغلال للعمال الوافدين، منخفضى الأجور والقادمين أغلبهم من آسيا، وبنسبة أقل من أفريقيا.. يدفع العمال عادة رسوم تشغيل باهظة، وتُصادر جوازات سفرهم من قبل أصحاب العمل حال وصولهم قطر.. يشكو عديد من العمال عدم حصولهم على أجورهم فى موعدها، إن حصلوا عليها أصلا".. الفقرة السابقة ليست اتهاما مُختلقا لإمارة قطر فيما يخص أوضاع حقوق الإنسان، والمعاملة السيئة التى يواجهها المقيمون على صعيد العمل والصحة وحرية الرأى والتعبير والتنقل والملكية، وإنما مجرد مقتطف موجز من تقرير منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية، الصادر مطلع هذا العام، عن أداء قطر فى مجال حقوق الإنسان خلال العام 2016.

يمتلئ تقرير المنظمة الأمريكية بمئات المخالفات المسجلة بحق نظام استقدام العمالة فى قطر، وسلطات إدارة أوضاع المقيمين، وجهات الإدارة وأجهزتها البيروقراطية والأمنية، وإن سلمنا بأن تقارير "هيومان رايتس ووتش" ليست بريئة دائما، حتى مع العلاقات القطرية الأمريكية ذات البعد الاستثنائى، وتمتّع الدوحة بمظلة دعم وحماية واسعة من واشنطن ومؤسساتها، فإن عشرات التقارير الأخرى الصادرة عن منظمات حقوقية إقليمية ودولية، بعضها يتمتع بصفة أممية رسمية، تضيف تفاصيل إلى ما سجلته المنظمة الأمريكية، وتكشف جديدا عن أوضاع حقوق الإنسان المتراجعة فى قطر.


بين الكذب والتوظيف السياسى.. هل تُقبل شهادة "سيئ السمعة" عن حقوق الإنسان؟
المدخل السابق يبدو مهما إذا ما حاولنا مناقشة قطر وحقوق الإنسان، ووضعهما فى جملة واحدة، وتقديم مقاربة موضوعية للملف الحقوقى وطبيعة علاقة الدولة القطرية ومؤسساتها به، فوسط إصدارات دولية عدة مدعومة بشهادات وشكاوى وتقارير لجان متابعة وتفتيش، تحضر قطر بقوة على لائحة أبرز الدول التى تشهد انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، لا تطال العمالة الوافدة وحسب، وإنما تطال كثيرين ممن يتمتعون بصفة المواطنة، والمثال الأبرز قضية الشاعر القطرى الشاب محمد بن الذيب العجمى، الذى قضت محكمة قطرية بالسجن المؤبد بحقه على خلفية قصيدة شعر لم تعجب دوائر السلطة فى البلاد، ولكن مع كل هذه الانتهاكات لم تصدر منظمة قطرية واحدة، رسمية أو أهلية، ولم يسجل مواطن واحد، أى واقعة من وقائع انتهاك حقوق الإنسان داخل الإمارة الخليجية الصغيرة، التى وصلت إلى إصدار أحكام إعدام بحق عدد من الوافدين، منهم عامل فلبينى فى 2016، بتهمة التجسس، دون توفير بيئة محاكمة عادلة ومع تعتيم إعلامى كامل على القضية والقضايا الشبيهة.

الوضع القطرى على أرض الواقع فيما يخص ملف حقوق الإنسان، وغياب أى صوت رسمى يوثق هذه الانتهاكات، مع انعكاسها بقوة فى آلاف الحالات الموثقة عبر تقارير دولية، تؤكد فى أحد احتمالاتها أن ممارسة ممنهجة ومعتمدة من جانب الحكومة القطرية، يجرى تعميمها وإلزام الجميع بها، ومصادرة أصوات الجهات الحقوقية المحلية إن كانت ثمة جهات اضطلعت بمهمة توثيق بعض هذه الحالات الكثيرة، بينما الاحتمال الثانى، حسن النية نوعا ما، أن الإمارة الصغيرة لا تمتلك خبرات واسعة فى العمل القانونى وأنظمة العمل واتفاقات الحقوق والمعاهدات الدولية، ولا تتوفر لديها القدرات والكفاءات المحلية لتوثيق معاناة العمالة المهاجرة ورصد ما تتعرض له من انتهاكات، وسواء كان السبب راجعا إلى انحياز رسمى من الحكومة القطرية، أو إلى جهل ومعدومية كفاءة فى العمل القانونى والحقوقى، فالمحصلة أننا إزاء دولة سيئة السمعة فى الملف الحقوقى، تشهد انتهاكات ممنهجة برعاية شبه رسمية من الدولة، وبصيغة قانونية تشكل جانبا من البنية التشريعية للدولة ونظامها، مع غياب كامل لأى إجراءات رصد أو رقابة أو محاسبة محلية، ما يعنى أن أى شهادة صادرة عنها فيما يخص الملف الحقوقى تستوجب إخضاعها للفحص والتدقيق، بالدرجة نفسها التى تحتاجها سوق العمل والإدارة القطرية من الرقابة، وأن احتمال التوجيه السياسى من الدولة، أو الجهل القانونى ومحدودية الكفاءة لدى النشطاء المحللين، احتمالان بارزان فى أى تقرير حقوقى قد يصدر عن شاهد "سيئ السمعة".


تقرير اللجنة القطرية لحقوق الإنسان.. قفزة سياسية إلى الأمام
فى مؤتمر صحفى بمقر الأمم المتحدة بالعاصمة السويسرية جنيف، الجمعة، عرض القطرى على المرى، رئيس اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، محتوى تقرير صادر عن اللجنة بشأن ما وصفه ب«الحصار العربى لقطر» جراء قرار عدة دول عربية قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية مع الإمارة، ويتضمن التقارير معلومات وأرقاما عن حالات قالت اللجنة إنها تعرضت لانتهاكات جراء القرار، بينما يبدو واضحا أنه لا يقوم على أسس منهجية متماسكة، إما لاعتبار قلة الكفاءة التى تشتمل عليها اللجنة فى تشكيلها وأطر عملها، أو لاعتبار الهيمنة السياسية عليها وتوجيه التقرير الحقوقى ليكون قفزة سياسية للأمام من جانب الإمارة، التى تحاول بكل الطرق الهروب من مسؤوليتها عن التجاوزات التى قادت دول الجوار لقطع العلاقات معها، والاستمرار فى سياساتها المقوضة لأمن ومصالح القوى الإقليمية فى المنطقة، ومواصلة احتضان التنظيمات المرتبطة بالإرهاب والميليشيات المسلحة فى عدد من مناطق الصراع.

قال "المرى" خلال المؤتمر، إن التقرير الصادر بتاريخ الثلاثاء 13 يونيو يرصد وقائع الأسبوع الأول من قطع العلاقات الخليجية مع قطر، وتحديدا فى الفترة من 5 حتى 12 يونيو الجارى، ثم عدّد أرقاما لحالات تخص مواطنين من قطر والسعودية والإمارات والبحرين، ادّعى أنها تعرضت لانتهاكات فيما يخص الصحة والتعليم والحق فى التنقل، بسبب إغلاق المنافذ وترحيل المواطنين القطريين واستقدام مواطنى الدول الثلاثة المقيمين فى قطر، والمفارقة الأولى التى تكشف عن وجه سياسى للتقرير، وعن سقطة من فعل السياسة وقلة الكفاءة اللتين أشرنا إليهما، أن قرارات قطع العلاقات الدبلوماسية الصادرة من الدول الثلاثة، ومعها مصر، تضمنت النص على خروج مواطنى قطر، وعودة مواطنيها، فى غضون 15 يوما من تاريخ صدورها، ما يعنى أنه ليست هناك ثمة قيود على التنقل حتى مساء الثلاثاء المقبل 20 يونيو، وأننا حتى الآن ما زلنا فى فترة السماح التى نص عليها القرار، ولا يمكن الحديث أصلا عن أية انتهاكات لم تدخل حيز التنفيذ، كما لا يمكن اعتبار إغلاق دولة لمنافذها فى وجه دول أو أفراد من غير مواطنيها، وهم ما زالوا خارجها، مراعاة لضوابط قانونية أو دبلوماسية أو أمور تتصل بالأمن الوطنى ومقتضيات المصالح العليا للدولة، انتهاكا من الأساس، إلا لو اعتبرنا سيادة الدول على حدودها وحقها فى تنظيم أوضاع الإقامة وتأشيرات السفر للوافدين من دول أخرى، انتهاكا لا حقا خالصا فى الإدارة والموافقة بين السيادة واعتبارات الأمن.

الملمح الأبرز فى التقرير، هو الارتكان إلى أرقام وإحصاءات بشأن أعداد الوافدين والمقيمين من قطر فى الدول الخليجية الثلاثة التى يشملها التقرير، السعودية والإمارات والبحرين، والعكس، وتصديرها فى مقدمة التقرير وفى فصوله، ضمن محاولة للإيهام بأن ما تدعى الدوحة أنها انتهاكات، قد طالت أعدادا كبيرة من مواطنى الدول الأربع، بينما فى حقيقة الأمر يتحدث التقرير عن 736 شكوى، قال إن بعضها ورد عبر البريد الإلكترونى، وبعضا آخر سجله أفراد عن حالات تخص غيرهم، وتعلل فيما يخص قلة الحالات المرصودة بعدم تمكن القطاع الأغلب من التواصل مع اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، بزيارة مقرها أو مهاتفتها أو التواصل معها عبر البريد الإلكترونى، وهو ادعاء مضحك ويحمل آليات نسفه داخله، فمن إجمالى 13314 حالة قال التقرير إنها تشمل كل المقيمين والمرتبطين بعلاقات عمل ودراسة بين الدول الأربع، منهم 11387 سعوديا وإماراتيا وبحرينيا يقيمون فى قطر، و1927 قطريا يقيمون فى الدول الثلاثة، تحدث اللجنة عن 119 شكوى بالبريد الإلكترونى، و381 زيارة لمقرها، ولكنها لم تذكر من هذا العدد إلا 223 استمارة مسجلة فى كل الأبواب، الصحة والتعليم والعمل وحرية التنقل ولم شمل الأسرة، ولم توثق إلا 15 حالة فقط، منها 8 تخص مواطنين قطريين، وكلها أشير إليها بالحروف الأولى من الاسم دون توثيق واضح وشامل لأية حالة منها.

حديث التقرير عن أكثر من 13 ألف حالة واقعة فى دائرة الانتهاك، ثم عن 764 شكوى، ثم عن 119 اتصالا و381 زيارة، ثم عن 223 استمارة، وصولا إلى توثيق مشبوه وناقص ل15 حالة فقط، 54% تقريبا منها لمواطنين قطريين، بينما تبلغ نسبة القطريين من إجمالى المواطنين المرتبطين بعلاقات عمل وإقامة بين الدول الأربع لا تتجاوز 14.4% من 13314 أشار إليهم التقرير، إشارة قوية على أن ثمة استعراضا غير بريء للملف، وتلاعبا بالأرقام وبالعنوان الحقوقى فى إطار المحاولات القطرية الرسمية للتنصل من مسؤوليات الدوحة وإحراز مكاسب سياسية على حساب التجارة بحقوق الإنسان، التى لا تحمل قطر ملفا نظيفا فيها على الصعيدين الإقليمى والدولي.


تقرير اللجنة القطرية لحقوق الإنسان.. كذبة سياسية برعاية القصر الأميرى
الصورة الواضحة التى يمكن جمع عناصرها ورصفها إلى جانب بعضها، من مجموع ما يحمله الملف القطرى فيما يخص أوضاع حقوق الإنسان، وما أورده تقرير اللجنة القطرية لحقوق الإنسان، التى لا تتمتع بوضعية مستقلة وتمثل ذراعا من أذرع الدوحة ومؤسساتها الرسمية، بحكم البنية القانونية والتأسيس التشريعى لها، ومواردها وتمويلها وصيغة تشكيلها وأطر عملها، وصلاحيات الأمير والحكومة القطرية الإجرائية فيما يخص تكليف عناصرها، أننا إزاء ممارسة سياسية تحت مظلة مشوهة بجمل وعبارات تبدو فى ظاهرها حقوقية، ولكنها لا تحمل دليلا على أية ممارسة حقوقية حقيقية.

الدليل الأبرز على التوظيف السياسى للتقرير، أنه لم يشمل مصر، بينما بحسب التقارير الرسمية الصادرة عن البلدين يبلغ عدد الوافدين والمقيمين من الطرفين ما يتجاوز 300 ألف شخص، بواقع ما يقرب من 300 ألف وافد مصرى فى قطر، وما يتجاوز 30 ألف قطرى فى مصر، يرتبطون بعلاقات تتصل بملفات الصحة والعمل والتعليم والارتباط الأسرى، وإن كان لقطع العلاقات الدبلوماسية على خلفية ممارسات قطر المهددة لأمن مصر وجاراتها من دول الخليج، أية آثار سلبية، كان من الطبيعى أن تشمل قائمة المتضررين آلاف المصريين والقطريين، ولكن التقرير لم يعبر على هذه النقطة بأية صورة، ولو بتوثيق حالة واحدة، ما يؤكد أننا إزاء تقرير سياسى، ربما يستهدف الابتزاز والضغط على حكومات السعودية والإمارات والبحرين، باعتبار أن موقفها بقطع العلاقات يحمل إدانة قاطعة للنظام القطرى، خاصة أنها ترتبط معها بعلاقات مباشرة وقوية، بحكم القرب الجغرافى والعلاقات القبلية والتنسيق المؤسسى الواسع والشراكة فى مجلس التعاون الخليجى، وأنها دافعت عن قطر طويلا بينما كانت مصر تقدم معلومات ووثائق تدين الإمارة الصغيرة وتؤكد علاقتها بالتنظيمات الإرهابية، واحتضانها ودعمها للميليشيات والإرهابيين، وتبنيها سياسات مهددة لمصالح مصر والمنطقة وأمنهما، وهذه الخلفيات كلها تجعل إدانة دول الخليج لنظام الدوحة أشد وقعا وأعمق أثرا على الصعيد الدولى.

ضمن الأدلة المباشرة على الصيغة السياسية لتقرير اللجنة الرسمية لحقوق الإنسان فى قطر، أن ما أورده التقرير من معلومات يصطدم اصطداما مباشرا مع تصريحات صادرة عن القصر الأميرى وعن مسؤولين قطريين، سابقين وحاليين، منها تصريحات للشيخ حمد بن جاسم، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطرى، وتصريحات محمد بن عبد الرحمن آل ثانى، وزير الخارجية القطرى الحالى، وحمد بن ثامر رئيس المؤسسة القطرية للإعلام، وسيف بن أحمد آل ثانى، مدير مكتب الاتصال الحكومى، تتحدث كلها عن أنه لا تأثير لقرارات قطع العلاقات الدبلوماسية العربية مع الدوحة، وأن الإمارة لا تشهد أى معاناة اجتماعية أو اقتصادية أو إنسانية بسبب القرارات، وهو تناقض كاشف عن حجم التوظيف السياسى للتقرير الصادر عن لجنة حقوق الإنسان القطرية، وربما عن تلفيق للأرقام والمعلومات والحالات التى لا يتوفر دليل على صحتها.


التجارة بحقوق الإنسان.. قطر تؤكد مواصلة سياسات العداء ودعم الإرهاب
إن كانت المؤشرات والشواهد تشير إلى تلفيق فادح فى التقرير الصادر عن اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، وتلاعب بالأرقام واختلاق لشكاوى وحالات تدعى اللجنة أنها عانت انتهاكات حقوقية، ولم تقدم دليلا قويا على ما أوردته من حالات، وما تحدثت عنه من انتهاكات، فإن النقطة الأخطر فى التقرير أنه يشير إلى رغبة قطرية فى مواصلة المسار نفسه، الذى أنتج ممارساتها السياسية المتجاوزة وقاد جيرانها إلى مرحلة قطع العلاقات، بعد فترة من التواصل والضغوط الدبلوماسية والدفع فى اتجاه تقويم الأوضاع واستعادة قطر للحظيرة العربية، بعيدا عن استجابتها لخطط وأهداف نابعة من خارج الإقليم ولا تصب فى صالحه، ولعبها على المحورين الإيرانى والتركى، رغم ما بينهما من تعارض واضح فى الانحيازات والاستراتيجيات فيما يخص الأهداف العليا وطموحات كل منهما وأطماعها فى التقدم وحيازة مساحات حضور وتأثير فى المنطقة العربية.

فى ظروف طبيعية وناضجة، كان يُفترض أن تقود قرارات قطع العلاقات الدبلوماسية، التى بدأت بأربع دول عربية، واتسعت لتضم تسع دول أخرى من آسيا وأفريقيا، الحكومة القطرية لمراجعة سياساتها والتراجع خطوة للوراء، خاصة مع تواتر الأدلة القاطعة على علاقتها بالميليشيات الإرهابية فى سوريا وليبيا واليمن، وعن علاقتها بتنظيم «داعش» وأجنحته فى عدة دول، واحتضانها ودعمها لجماعة الإخوان وأذرعها الميليشياتية فى مصر، وتورطها فى تمويل جماعات وعناصر إرهابية فى العراق، وآخرها تقديم فدية بقيمة تقترب من مليار دولار للإفراج عن 24 رهينة من الأسرة الحاكمة القطرية، وكان المتوقع من الإمارة الصغيرة أن تستجيب للضوء الأحمر ورسالة التحذير من الأشقاء، وتراجع مواقفها العدائية وخطابها الرسمى الداعم لبؤر التوتر وإثارة القلاقل وتهديد استقرار المنطقة وقواها، وكان الأكثر طبيعية ومنطقية ألا تلجأ للتجارة بالملف الحقوقى، مع ما يشهده سجلها من تجاوزات واسعة فيه، واعتداءات ممنهجة على آلاف الوافدين، وثقتها تقارير عديدة لمنظمات ترتبط الدول الحاضنة لبعضها بعلاقات وثيقة مع الإمارة الخليجية، وكل هذا بالطبع يأتى إلى جانب الحقيقة القاطعة بأن تبنى الإرهابيين ودعم الميليشيات المسلحة هو فى جوهره عداء مباشر للإنسان وحقوقه وحياته، ولكن لجوء قطر للتجارة بهذا الملف الذى تتمتع فيه بسمعة دولية بالغة السوء، يؤكد أنها تواصل عادتها فى الانحراف بالأمور والتوظيف السياسى لكل التفاصيل والعناصر، ليس بغية الهروب من مسؤولياتها وجرائمها فقط، ولكن أيضا بهدف الاستمرار فيها ومواصلة لعب الدور المشبوه نفسه، أى أن رفع شعارات حقوق الإنسان فى تقرير لجنتها الرسمية، لا يعدو كونه تكتيكا سياسيا، لمواصلة انتهاك حقوق الإنسان، ليس فقط فى منشآت كأس العالم والمؤسسات القطرية، ولكن أيضا فى كل مكان تنشط فيه تركيا وإيران، وتُطلق الميليشيات زخات الرصاص المشتراة بأموال قطر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة