نائب وزير المالية: لا زيادة في الأعباء الضريبية.. وهدفنا التسهيل على المواطنين    أكسيوس: إسرائيل تحذر من استئناف الحرب في حال استمرار تسلح حزب الله    مجانًا.. مباراة العراق واليمن تحت 23 اليوم القنوات الناقلة المفتوحة الموعد والتشكيل المتوقع وأهمية المواجهة    وصول جثمان السباح يوسف محمد لمسجد الكريم ببورسعيد لأداء صلاة الجنازة.. فيديو    محمد رجاء: لم يعد الورد يعني بالضرورة الحب.. ولا الأبيض يدل على الحياة الجميلة    موعد صلاة الفجر.....مواقيت الصلاه اليوم الخميس4 ديسمبر 2025 فى المنيا    حظر النشر في مقتل القاضى "سمير بدر" يفتح باب الشكوك: لماذا تُفرض السرية إذا كانت واقعة "انتحار" عادية؟    وزير الثقافة يُكرّم المخرج القدير خالد جلال في احتفالية كبرى بالمسرح القومي تقديرًا لإسهاماته في إثراء الحركة المسرحية المصرية    الصحف المصرية.. حضور كثيف لناخبى الدوائر الملغاة من المرحلة الأولى فى 7 محافظات    استشهاد 5 فلسطينيين في غارات الاحتلال على خيام النازحين في خان يونس    محافظة الجيزة يتفقد أعمال إصلاح الكسر المفاجئ لخط المياه الرئيسي بشارع ربيع الجيزي    القانون يحدد عقوبة صيد المراكب الأجنبية في المياه الإقليمية.. تعرف عليها    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    خبر في الجول - انتهاء مهلة عبد الحميد معالي ل الزمالك في "فيفا" ويحق له فسخ التعاقد    وليد صلاح الدين: لم يصلنا عروض رسمية للاعبي الأهلي.. وهذا سبب اعتراضي على بسيوني    ظهور تماسيح في رشاح قرية الزوامل بالشرقية.. وتحرك عاجل من الجهات المختصة    تواصل عمليات البحث عن 3 صغار بعد العثور على جثامين الأب وشقيقتهم في ترعة الإبراهيمية بالمنيا    اليوم، آخر موعد لاستقبال الطعون بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    أحدهما دخن الشيشة في المحاضرة.. فصل طالبين بالمعهد الفني الصناعي بالإسكندرية    بعد هجوم رفح، أول تعليق من ترامب بشأن تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة    حلمي عبد الباقي يكشف تدهور حالة ناصر صقر الصحية    مشاجرة بين طالبات وزميلتهم تتحول إلى اعتداء بالضرب عليها ووالدتها    «يوميات ممثل مهزوم» يمثل مصر في المهرجان الثقافي الدولي لمسرح الصحراء بالجزائر    اللقاء المرتقب يجمع مبعوث ترامب وكوشنر بوسيط أوكرانيا    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية، راحة سريعة بطرق آمنة    هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    الإسكان تحدد مواعيد تقنين الأراضى بمدينة العبور الجديدة الإثنين المقبل    هجوم روسي على كييف: أصوات انفجارات ورئيس الإدارة العسكرية يحذر السكان    بيراميدز يتلقى إخطارًا جديدًا بشأن موعد انضمام ماييلي لمنتخب الكونغو    وزير الأوقاف ناعيًا الحاجة سبيلة عجيزة: رمز للعطاء والوطنية الصادقة    قناة الوثائقية تستعد لعرض سلسلة ملوك أفريقيا    احذر.. عدم الالتزام بتشغيل نسبة ال5% من قانون ذوي الإعاقة يعرضك للحبس والغرامة    النيابة الإدارية يعلن فتح باب التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية لخريجي دفعة 2024    الطب البيطري: ماتشتريش لحمة غير من مصدر موثوق وتكون مختومة    ضياء رشوان: موقف مصر لم يتغير مللي متر واحد منذ بداية حرب الإبادة    محافظ سوهاج يشيد بما حققه الأشخاص ذوي الهمم في يومهم العالمي    استئناف المتهمة في واقعة دهس «طفل الجت سكي» بالساحل الشمالي.. اليوم    بالأسماء.. إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم ب بني سويف    أزمة مياه بالجيزة.. سيارات شرب لإنقاذ الأهالي    أهلي بنغازي يتهم 3 مسؤولين في فوضى تأجيل نهائي كأس ليبيا باستاد القاهرة    استشاري يحذر: الشيبسي والكولا يسببان الإدمان    الشباب والرياضة: نتعامل مع واقعة وفاة السباح يوسف بمنتهى الحزم والشفافية    ألمانيا والنقابات العمالية تبدأ مفاوضات شاقة حول أجور القطاع العام    آثار القاهرة تنظم ندوة علمية حول النسيج في مصر القديمة واتجاهات دراسته وصيانته    مصر تستورد من الصين ب 14.7 مليار دولار في 10 أشهر من 2025    تصادم موتوسيكلات ينهى حياة شاب ويصيب آخرين في أسوان    العناية الإلهية تنقذ أسرة من حريق سيارة ملاكى أمام نادى أسوان الرياضى    أسامة كمال عن حريق سوق الخواجات في المنصورة: مانبتعلمش من الماضي.. ولا يوجد إجراءات سلامة أو أمن صناعي    هيئة قضايا الدولة تُنظم محاضرات للتوعية بمناهضة العنف ضد المرأة    قرارات جديدة تعزز جودة الرعاية الصحية.. اعتماد 19 منشأة صحية وفق معايير GAHAR المعتمدة دوليًا    لأول مرّة| حماية إرادة الناخبين بضمان رئاسى    هل يعتبر مريض غازات البطن من أصحاب الأعذار ؟| أمين الفتوى يجيب    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة فى قلب أخطر معركة للانتخابات الرئاسية الفرنسية
نشر في اليوم السابع يوم 22 - 04 - 2017

إذ تجرى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية غدا الأحد، فإن الثقافة تبدو حاضرة بوضوح فى قلب هذه المعركة، التى وصفت بأنها "أخطر معركة للانتخابات الرئاسية" فى هذه الدولة ذات الحضور الثقافى العالمى.

وهذه "الخطورة" التى وصف بها الكثير من المعلقين والمحللين الانتخابات الرئاسية الفرنسية الوشيكة ترتبط فى المقام الأول بإمكانية فوز مارين لوبان مرشحة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة بخطابها الشعبوى فى هذه الانتخابات لتشكل بذلك انتصارا جديدا وكبيرا للصعود المثير للشعبوية فى الغرب .
وضمن اهتمام لا ريب فيه من جانب المثقفين والأدباء فى فرنسا بالانتخابات الرئاسية الوشيكة فى بلادهم يقول الكاتب الشاب إدوارد لويس وصاحب رواية "نهاية ايدى" التى حققت مبيعات عالية إن مارين لوبان تحظى اليوم بتأييد كبير من فئات الفقراء والكادحين والمهمشين فى المجتمع الفرنسى بعد أن أخفقت النخب التقليدية ومن بينها نخب اليسار فى معالجة هموم تلك الفئات والشرائح الكبيرة.

وإدوارد لويس الذى يعد من أهم الأصوات الأدبية الفرنسية الشابة ولد يوم الثلاثين من أكتوبر عام 1992 فى بيكاردى يهوى فى كتاباته الأدبية "اقتحام مناطق شائكة وتناول قضايا ضمن المسكوت عنه" فيما بات موضع اهتمام للصحافة الغربية حتى خارج بلاده ومن بينها صحف كبيرة كصحيفة الأوبزرفر البريطانية.
والطفل "ايدى" فى عنوان رواية إدوارد لويس قد يكون الكاتب ذاته الذى عانى من حياة تحت خط الفقر فى بلدته الريفية المعزولة والواقعة شمال فرنسا وعندما شب عن الطوق وجاء للعاصمة وجد "الطبقة البرجوازية الباريسية" مأزومة ولا تنتج سوى الأزمات لمجتمعها الذى يحق على كثير من افراده البؤساء التساؤل عما اذا كانوا "جناة ام ضحايا" ؟!.
وقد يعبر أدب ادوارد لويس وكتاباته عن "طفولة منزوعة البهجة والهروب من العنف" عن أزمة ثقافية وشعورية وحالة مزاجية سيئة فى بلد عرف "ببراعته فى فن الحياة" وكان يوصف من قبل "بأرض البهجة والمسرات" وعاصمته هى "مدينة النور" وتشكل ثقافته التنويرية وإبداعاته الأدبية مصدر متعة إلهام للعديد من المثقفين حول العالم.
وتوصف مارين لوبان بأنها من المرشحين الأوفر حظا للفوز فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية بعد ان وضعتها استطلاعات للرأى العام فى صدارة المشهد الانتخابى وسط توقعات بامكانية خوض معركة الاعادة يوم السابع من شهر مايو المقبل امام ابرز المرشحين ايمانويل ماكرون البالغ من العمر 39 عاما والذى يتبنى افكارا جديدة لتيار الوسط.
وفى المقابل تشحب فرص المرشح الجمهورى فرانسوا فيون مرشح اليمين التقليدى وجان لوك ميلونشون مرشح اليسار المتطرف حسب استطلاعات للرأى العام الفرنسى وترجح أن تجرى هذه الجولة بين مارين لوبان وإيمانويل ماكرون وإن كانت النتائج غير متوقعة، لأن نسبة تصل إلى نحو ثلث الناخبين لم تحسم مواقفها بصورة واضحة.
وكانت مارين لوبان، قد تعهدت خلال حملتها الانتخابية فى سباق الانتخابات الرئاسية بتعليق الهجرة إلى فرنسا واستخدمت "مفردات خشنة" ضد المهاجرين ضمن "خطاب شعبوى" لإرضاء قاعدتها الانتخابية المناهضة لتدفق المهاجرين على فرنسا.
وتعيد لغة الخطاب الانتخابى لمارين لوبان للأذهان بعض مفردات لغة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أثناء حملته الانتخابية من حيث التأكيد على "الوطنية" و"استعادة العظمة المفقودة" ومناهضة "العولمة الضارة بالدولة" فيما تركز مفردات الخطاب الانتخابى لماكرون على "أهمية التغيير" وانتقاد اليسار المتشدد بلغته "التى تعود بفرنسا إلى فانتازيا الماضى".
وإذا كانت أغلب "الميديا" الأمريكية بقوتها الضاربة من صحف ومجلات وشبكات تلفزيونية قد أخفقت فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة فى إقناع الناخبين بعدم منح أصواتهم لدونالد ترامب كما تبين عدم دقة الكثير من نتائج استطلاعات الرأى العام، فإن انتخابات الغد فى فرنسا تضع أيضا أغلب "الميديا الفرنسية" فى اختبار عصيب فيما تبنت الكثير من الصحف ووسائل الإعلام الفرنسية توجها مضادا لمارين لوبين.
ويمكن ملاحظة أن وسائل الإعلام والصحف الأمريكية اتخذت مواقف مناهضة لترامب أثناء حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ومن بينها صحيفة نيويورك تايمز تتخذ الآن مواقف مناهضة أيضا لمارين لوبان التى ترى هذه الصحيفة فى طروحات ومقالات لكبار كتابها مثل روجر كوهين أن" طريقها مفتوح للانتصار فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية".
وواقع الحال أن الانتخابات الفرنسية تكشف ضمنا عن استمرار أزمة اليسار الذى يعانى فى فرنسا مما يصفه روجر كوهين من "حالة تشويش وفوضى" ولن تفلح مفرداته النضالية القديمة وأناشيده الأممية العتيقة ورطانته المعتادة بشأن الصراع الطبقى فى انقاذه من أزمته المستحكمة بينما لسان حال رجل الشارع الفرنسى يقول وسط الأزمات المتعددة:"كفى"!.
ولن تجدى كثيرا وسط هذه الأزمات المتعددة لغة الحنين لأيام اليسار كما يستعيدها الكاتب الفرنسى الشاب إدوارد لويس على لسان أمه التى تكدح لتوفير الطعام لأفواه الأبناء فى أسرة الأب فيها لا يعمل أما الأم فتتحدث بشجن عن الأيام الطيبة لقادة حكموا البلاد بصورة أفضل عندما كان اليسار فى مقاعد السلطة واللحم فى أطباق طعامنا".
ويختلف إدوارد لويس صاحب "نهاية ايدى" الذى تجاوزت مبيعاته ال 300 ألف نسخة وينتمى لأدب السيرة الذاتية مع رؤية والدته معتبرا إن ممارسات نخب اليسار الثقافية والسياسية هى التى أفضت لصعود اليمين المتطرف.
أما الدال حقا فهو ما يقوله إدوارد لويس حول اتجاه والدته ووالده أيضا اليوم لتأييد مارين لوبين والتصويت لها فى انتخابات الغد مثل حشود من جماهير الناخبين التى تعانى من أوضاع معيشية صعبة.
ويفسر هذا الأديب الفرنسى الشاب والمحلق فى سماء الشهرة الأدبية ببلاده والغرب سر التحول فى مواقف والدته صاحبة الميول اليسارية القديمة بحدة المعاناة فى الحياة اليومية بينما تقدم مرشحة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة الوعود للناخبين "بمجتمع جديد للرخاء والوفرة" حتى أمست مارين لوبين "بطلة للفقراء فى فرنسا".
والأزمة لا تنحصر على أى حال فى اليسار التقليدى وإنما تعانى منها أيضا أحزاب اليمين التقليدى والمعتدل بينما جاءت فى صالح تيارات شعبوية قومية توصف باليمين المتطرف وتعبر عنه فى فرنسا مارين لوبين وجبهتها الوطنية التى ترى أن المهاجرين سبب لاستشراء البطالة بين الفرنسيين كما تتحدث عن "الأضرار الثقافية التى يلحقها هؤلاء المهاجرون بفرنسا".
وهكذا يقول الكاتب الفرنسى الشاب إدوارد لويس" إن السياسة اليوم تعنى الإجابة عن السؤال الكبير: كيف تكون الحياة أفضل للسواد الأعظم من الشعب" وهو ما يفسر شعبية مارين لوبين التى تركز فى خطابها السياسى على صنع حياة أفضل للفرنسيين.
أما الكاتب روجر كوهين فى صحيفة نيويورك تايمز فيعرب عن القلق حيال ما وصفه بمد اليمين المتطرف فى فرنسا التى تواجه أياما عصيبة معدا " أن هذا البلد لا يحب نفسه" بعد ان عانى من إذلال أثناء الحرب العالمية الثانية وخيبة أمل فى عملية التكامل الأوروبي، كما اغتم بالعولمة ليقع فى برارى الكآبة والوحشة والعبوس.
وإذا كان العصر الحالى الذى يوصف "بالعصر الرقمي" ينتج ثقافة تعرف فى الغرب "بثقافة السرعة الفائقة" وهى ثقافة تتجلى فى افكار وكتب جديدة مثل الكتاب الجديد للأمريكى توماس فريدمان فان روجر كوهين يشير فى صحيفة نيويورك تايمز الى ان القطارات الفرنسية الفائقة السرعة باتت عنوانا "لفرنسا المتجهمة" بينما لم تنجح الأفكار الاشتراكية للرئيس فرانسوا هولاند فى انتشال بلاده من مستنقع الأزمة.
وإذ أحجم فرانسوا هولاند عن ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثانية يقول روجر كوهين إن "التذمر والتشكى أمسى أسلوب حياة فيما تبدو فرنسا الآن مستعدة لتنفيس غضبها الذى اختمر طويلا فى انتخابات قد تفضى إلى عودة اليمين المتشدد للسلطة لأول مرة منذ أربعينيات القرن الماضى ولترتد أوروبا إلى حقبة من الاضطراب لم تعرفها منذ هاتيك الأيام البعيدة".
وفى "عصر السرعة الفائقة" المتغيرات سريعة ومتلاحقة من "البريكسيت" أو الاستفتاء الذى أسفر عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى الى انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة ضمن تطورات افضت إلى شعور عام بالغموض والحيرة والتوجس على مستوى الغرب الذى لا يمكن وصفه بأنه الآن فى أفضل أحواله تستعد اليمينية المتشددة مارين لوبان لرئاسة فرنسا فيما أعلنت اعتزامها فى حالة الفوز الخروج بفرنسا من منطقة اليورو واستعادة الفرنك أو العملة الوطنية الفرنسية.
وهذا التوجه لمارين لوبان قد يفضى "لبريكسيت فرنسي" على غرار "البريكسيت البريطانى أى خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبى فيما يعد الكاتب البريطانى روجر كوهين فى صحيفة نيويورك تايمز أن "البريكسيت الفرنسى بانعكاساته وتداعياته السياسية والاقتصادية" سيكون أخطر كثيرا من "البريكسيت البريطانى" فى ضوء العلاقات الوثيقة والروابط التاريخية المتعددة بين فرنسا واوروبا خلافا لحالة الجزيرة البريطانية التى كانت تاريخيا معزولة نسبيا عن القارة العجوز.
ومن هنا يرى مثقفون من بينهم بعض اصحاب الأقلام فى مصر والعالم العربى ان الانتخابات الرئاسية الفرنسية المرتقبة قد تكون الأكثر تأثيرا على خرائط القوى السياسية والاجتماعية والتفاعلات الثقافية فى اوروبا وبالتالى فى الغرب والعالم ككل.
فرجل الشارع أو الناس فى الغرب يشعرون بأنهم يعيشون فى عالم يبتعد بسرعة عنهم وهو شعور مرير وان كانوا لا يفهمون تماما اسباب هذا التباعد الذى أفضى إلى هذا الشعور التعس..ثمة مشكلة فى السرد والتوصيف والتفسير وقد يكون احد من سعى نحو حل هذه المشكلة المفكر المصرى الراحل السيد ياسين.
فواقع الحال أن هذا المفكر والباحث المرموق الذى فقدته هذا العام الثقافة المصرية والعربية كان مهموما فى سنواته الأخيرة بحزمة من الاسئلة الكبيرة والكونية وان اتصلت على نحو أو آخر بمستقبل مصر وأمتها العربية و"تأسيس عقل استراتيجى مصري" فى عالم يواجه تحديات غير مسبوقة.
ولئن عد السيد ياسين" أنه لا يمكن الفصل التعسفى بين حال العالم وحال الأمة وحال مصر" رأى هذا المثقف الوطنى المصرى الكبير فى كتابه "ازمة العولمة وانهيار الرأسمالية" ان الأزمات التى تعانى منها المجتمعات الغربية قد جعلت منها "مجتمعات مفعمة بالخطر".
ولم يخف الراحل الكريم السيد ياسين شعوره بالقلق حيال حالة الاضطراب التى يمر بها العالم المعاصر مع انتشار الارهاب وتعاظم نزعات التعصب وتصاعد الصراعات فى سياق ماوصفه "بعصر الاضطراب العالمي" فيما لم يغفل عقله البحثى والنقدى اليقظ عن محاولات البحث عن اجابات لتجنيب ارض الكنانة مخاطر هذا الاضطراب العالمي.
وقد تكون تلك الحالة من الاضطراب العالمى سببا من أهم أسباب صعود ساسة شعبويين باتوا يحظون بجاذبية لدى رجل الشارع الغربى المأزوم وهم يتحدثون له باللغة التى ترضيه غير ان المشكلة بالنسبة لعالم الجنوب قد تتمثل فى ان هؤلاء القادة الشعبويين فى عالم الشمال يقدمون لناخبيهم كبش الفداء او القربان السهل مثل تعليق كل الأخطاء والخطايا على مشجب المهاجرين الأجانب القادمين فى اغلبهم من الجنوب.
ويتفق العديد من المثقفين المصريين والعرب على وجه العموم فى طروحات متوالية على أن المتغيرات فى أوروبا والولايات المتحدة تؤثر بالضرورة على المشهد العربى ومن هنا تحظى الانتخابات الرئاسية الفرنسية الوشيكة وكذلك الانتخابات العامة الألمانية المقبلة باهتمام ملحوظ من جانب هؤلاء المثقفين الذين يرى أغلبهم عن حق أن التطورات الراهنة فى الغرب وبعض الجوانب الغامضة فى الصورة العامة تدعو بإلحاح إلى استجابة عربية ترتقى لمستوى التحديات العالمية وأن مثل هذه الاستجابة لابد أن تتجسد فى تبنى "ثقافة الاصطفاف العربي".
ها هى الانتخابات الرئاسية الفرنسية الوشيكة تشعل معارك ثقافية جديدة وتثير المزيد من التحديات فى لحظات كونية قلقة والكل فى الشمال يحصى المكاسب والخسائر ويسعى إلى تعظيم مصالحه فماذا نحن فاعلون وبأى اتجاه نسير؟!!..من واجب الأمة أن تطفىء الحرائق وتخمد الفتن التى تتلبس وجه المكان..من حق أمتنا أن تجد مكانا تحت الشمس فى عالم لا يحترم سوى الأقوياء !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.