غادر محسن كاديوار الأستاذ بجامعة ديوك والمنشق الإيرانى بيته فى ولاية نورث كارولاينا قبل عشرة أيام للمشاركة فى برنامج زمالة فى ألمانيا. والآن أصبح كاديوار الذى دأب على انتقاد المؤسسة الدينية الحاكمة فى إيران عالقا فى برلين بفعل قواعد الهجرة الأمريكية الجديدة ولا يعرف متى يمكن أن يلتئم شمله بزوجته وابنيهما فى الولاياتالمتحدة.
فقد فرض الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حظرا يوم الجمعة لمدة أربعة أشهر على السماح بدخول اللاجئين إلى الولاياتالمتحدة ومنع مؤقتا دخول المسافرين من سبع دول إسلامية وقال إن هذه الخطوة ستسهم فى حماية الأمريكيين من الإرهاب.
ويشمل الحظر المسافرين ممن يحملون جوازات سفر من إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن وكذلك مزدوجى الجنسية الذين يحملون إحدى هذه الجنسيات. كما يشمل الحظر حاملى البطاقات الخضراء المسموح لهم بالإقامة والعمل فى الولاياتالمتحدة على أن يتم بحث كل حالة منهم على حدة.
وقال كاديوار الذى شارك فى الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 ثم اختلف مع قادتها فيما بعد فى مكالمة مع رويترز من برلين إنه قلق على أسرته وعلى حياته المهنية فى أمريكا.
وأضاف "لدى منحة زمالة فى ألمانيا حتى يوليو ... لكن ما سيحدث بعد ذلك ليس واضحا. وأنا أشعر بالقلق على مستقبلى. ولا أعرف ما إذا كنت سأتمكن من العودة إلى الولاياتالمتحدة بصفتى مواطنا إيرانيا يحمل البطاقة الخضراء."
ويعيش فى الولاياتالمتحدة ما يقدر بمليون أمريكى من أصل إيرانى منهم من يحمل الجنسية الأمريكية ومن يحمل الجنسيتين والبطاقة الخضراء ولذلك فإن الأمر التنفيذى الذى أصدره ترامب قد يتسبب فى تعقيدات كبيرة للمسافرين.
وقال كاديوار "زوجتى كانت تخطط للحاق بى فى برلين حيث وصلت أنا فى 18 يوليو ومن المفترض أن أبقى فيها حتى يوليو ... لكن محامى الهجرة بالجامعة نصحونا بإلغاء سفرها إلى برلين."
ويعمل كاديوار (58 عاما) أستاذا باحثا فى الدراسات الإسلامية بجامعة ديوك فى نورث كارولاينا منذ عام 2009 ويعرف عنه صراحته فى انتقاد القيادة الدينية المتشددة فى إيران.
وكان قد سجن فى إيران لمدة عام فى 1999 بتهمة "نشر أكاذيب والإخلال بالرأى العام". وهو من أشد منتقدى الزعيم الأعلى آية الله على خامنئى.
وفى 2001 سافر إلى الولاياتالمتحدة بدعوة من برنامج القانون الإسلامى فى كلية الحقوق بجامعة هارفارد للبحث والتدريس. وحصل على جائزة هيلمان هاميت المخصصة للكتاب المعرضين لخطر الاضطهاد السياسى.
ووصف كاديوار حظر السفر الذى فرضه ترامب بأنه "مهين وينطوى على تمييز".
وقال "تلقيت رسائل كثيرة بالبريد الالكترونى من زملائى يأسفون للحظر ... فالإيرانيون لم يشاركوا قط فى أى عمل إرهابى فى الولاياتالمتحدة."
تتهم الولاياتالمتحدة وحلفاؤها فى الشرق الأوسط إيران بدعم الإرهاب والتدخل فى شئون دول المنطقة بما فى ذلك سوريا واليمن والعراق. وتنفى إيران هذه الاتهامات.
وتوعدت حكومة طهران يوم السبت بالرد بالمثل على الحظر وذلك بمنع دخول الأمريكيين لكن وزير خارجيتها محمد جواد ظريف قال فى رسالة على تويتر إن بوسع الأمريكيين الذين يحملون تأشيرات إيرانية دخول البلاد.
وقال محللون سياسيون إن الإجراءات الأمريكية ستوحد المؤسسة السياسية فى إيران إلى حد ما على الأقل لفترة قصيرة وستقلب الرأى العام بشدة على الولاياتالمتحدة.
وقال على واعظ من مجموعة الأزمات الدولية لأبحاث الصراعات "بخلاف تشتيت كثير من الأسر يحقق هذا الحظر هدفا لم تتمكن القيادة فى طهران من تحقيقه لعشرات السنين من الثورة.
قالت الكاتبة الإيرانية آذار نفيسى أستاذة الأدب الانجليزى التى تعيش فى الولاياتالمتحدة منذ عام 1997 وأصبحت مواطنة أمريكية بعد تسع سنوات إن الحظر يتناقض مع القيم الأمريكية.
وأضافت "جئنا إلى الولاياتالمتحدة لأننا اعتقدنا أنها بلد الحرية وبلد يرحب بالمهاجرين. يجب على من هم أمثالى أن يرفعوا أصواتهم ويعبروا عن مخاوفهم. هذه ليست قضية سياسية".
وقال أكاديمى آخر إيرانى المولد يدعى محمد إنه كان عائدا إلى بيته فى الولاياتالمتحدة بعد أن شارك فى تشييع جنازة والده فى طهران عندما بدأ سريان الحظر.
ورفضت الخطوط التركية السماح له بركوب الطائرة من اسطنبول إلى نيويورك.
ورفض محمد (42 عاما) ذكر اسمه بالكامل خوفا من اتخاذ خطوات إدارية ضد عائلته المقيمة فى الولاياتالمتحدة وقال إن الحظر "بالتأكيد سيزيد الأمور صعوبة وخاصة للمهاجرين الإيرانيين المتعلمين".
وأضاف "لدى بطاقة خضراء وأعيش فى الولاياتالمتحدة منذ سنوات. بنتاى الصغيرتان تنتظراني. ما عسى أن تقوله زوجتى لهما؟