سوف ننتظر كارثة حتى نندفع مذعورين للحل وقت أن يكون الحل عزيزا أو مستحيلا.. هذه عادتنا فى كل مشاكلنا المزمنة فى الرياضة أو غيرها.. وما حدث من جمهور الأهلى والزمالك خارج ملعب مباراتهما فى كرة اليد إشارة لا تخطئها العين فى أن العنف لا يشترط الارتباط بالملعب أو التواجد فيه.. بل هو تطوير مستمر ومتصاعد للتعصب حتى اقتربنا فعلا من مجتمع الميليشيات، ورأينا صورة منه فى شارع البطل أحمد عبد العزيز، حيث اشتبك جمهور الناديين وتحطمت واجهات بعض المحلات ووقعت إصابات.. ولن نستغرب بعد ذلك أن تتسلح هذه المليشيات وأن تحدد لها مناطق نفوذ مثلما كان يحدث فى لبنان وفى مناطق النزاعات الداخلية المسلحة فى العالم التى تؤخر الدولة سنوات إلى الوراء وتهدد السلام الاجتماعى. ولا أعرف لماذا هذه المرة اتجه مشاغبو الزمالك فى مجموعة كبيرة تسير فى الشارع إلى مقر الأهلى ويكون لديها الجرأة المفزعة لكى تروع امن الناس.. ولو أن هؤلاء وغيرهم من مشاغبى الأهلى لمسوا بجدية أن مصير هذه التجاوزات هو العقوبة المشددة لما تجرأوا ولما ارتكبوا هذة الجرائم.. وهم بهذا التجاوز الخطير الذى طالما حذرنا منه ثبتوا الإدانة على إدارة الناديين المتهمين الرئيسية باستفحال ظاهرة العنف، لأنهما يسارعان بالتدخل لدى الجهات الأمنية للإفراج عن المقبوض عليهم، بل تعرض مجلس إدارة الأهلى من قبل حملة عدائية شديدة من الأهلاوية أنفسهم لأنه فى إحدى المرات لم يتدخل.. وتساءل إعلاميون محسوبون على المثقفين كيف يتخلى الأهلى عن أبنائه لدرجة أن بعض اللاعبين وغيرهم أرادوا استغلال ذلك للدعاية لأنفسهم، فذهبوا ووقفوا فى أماكن حجز المشاغبين وأحضروا لهم مأكولات وبذلوا مساعٍ كبيرة للإفراج عنهم. صحيح أن ترك هؤلاء الصبية صغيرى السن ليواجهوا خطر ضياع مستقبلهم أمر لا يمكن قبوله وقبول فكرة العفو عنهم، لكن بضوابط وشروط وعقوبة تناسب هذا السن وتضعهم هم وأولياء أمورهم موضع المسئولية ليقتنعوا أن التكرار سيؤدى إلى جدية فى العقوبة، لكن يحدث أن يخرج المشاغبون بدون الاستقرار على بدائل مناسبة ما بين القسوة فى العقوبة والعفو العام بلا شروط. وبعد ما شاهدناه وقرأنا عنه يوم مباراة اليد.. لم نسمع عن خطوة تنفيذية للتعامل مع الموقف بشمولية وليس فقط اقتصارها على محاكمة ومجموعة اتهامات وحجز فى النيابة.. تريد الجهات المسئولة ألا تتعب نفسها وتغمض عينيها ولا تريد أن تمتد إليها المسئولية فى أن تحاول العلاج.. كل جهة تنتظر الأخرى فتغيب المبادرات إلى أن تلمس جهة عليا خطورة الأوضاع فتصدر قرارا يأمر بحل الأزمة فيهرول الجميع إلى سباق لإرضاء الرئيس أو رئيس الوزراء، ويدب الحماس لدى من يلمس فى نفسه شبهة المسئولية خوفا من المساءلة.. تعودنا أن ننتظر الكوارث وأن ننتظر أمرا بالتحرك لمواجهتها.. وكأننا قطيع يتحرك بالغريزة وبإشارات العصا ولا يملك عقلا ولا قلبا ولا ذرة من مسئولية.