استوقفنى كثيراً منتخب مصر على مدار العشرين السنة الماضية فلا شك فى أنه منتخب قوى ولكن ما هى سر قوته .. فقد كنت أحاول كثيراً تحليل طريقة لعب منتخب مصر وخططه فلم أجد خطة محددة أو أسلوباً محدداً يلعب به أوان هناك لاعبين بعينهم ينفذون طريقة معينة أو فرض أسلوب على المنافس غير أن منتخب مصر به روح غريبة تجعل منه وحشاً أمام المنتخبات الأفريقية التى تعج بالمحترفين الذين يصولون ويجولون فى ملاعب أوروبا بملايين الدولارات ويسجلون أهدافاً يحكى عنها فى العالم. ولكن ماذا يفعل هؤلاء النجوم الكبار أمام هذه الروح التى يتمتع بها "الإنسان المصرى" أو اللاعب المصرى فتجد أن منتخبات مثل الكاميرون وغانا وساحل العاج وغيرهم أمام منتخب مصر مشلولون تماماً.. وأن ما يدهشنى البرود الرهيب للاعبى هذه المنتخبات بعد الهزيمة من منتخب مصر أو الخروج من نهائيات أفريقيا وهنا وقفت للحظة وبدأت ادقق فى هؤلاء اللاعبين ووضعت نفسى مكان أحدهم فوجدت أن هؤلاء اللاعبين يتصرفون بشكل طبيعى جداً. إنهم محترفون احترافاً حقيقياً وعرفون أهدافهم ولا شئ يغير فكرهم أو أهدافهم فهؤلاء اللاعبون ينتمون إلى أنفسهم من خلال بلادهم بمعنى أن اللاعب يلعب لمنتخب بلاده ولكن انتماءه إلى نفسه أولاًًًً اللاعب الأفريقى المحترف فى أوروبا يلعب مع منتخب بلاده وعندما تنتهى المباراة يرجع إلى ناديه وليس إلى بلده فأنه بكل وضوح لا شئ ينتظره فى بلده و99% من هؤلاء اللاعبين حتى بعد الاعتزال لا يعود للعيش فى بلده ولكن يعيشون فى العواصم الأوروبية. وهنا نقف عند الهدف: هدفه هو كأس العالم وليس كأس أفريقيا لأن كأس العالم هو البورصة الحقيقية له فهو يستغل هذه الفرصة ولا يتركها أبداً لأن أنظار العالم تتجه إلى كأس العالم بجميع فئاته من مشاهدين ومدربين وسماسرة الكرة والصحافة والإعلام فكيف يترك هذه الفرصة ويتمسك بكأس أفريقيا الذى إذا أمسكه بيده لن ولم يعد عليه بأى شئ لأنه بالتأكيد لن يرجع به إلى بلده ولكن إلى ناديه. ففى تصفيات كأس العالم تجد هذه المنتخبات لا تتهاون ولا تتكاسل فى الوصول إلى كأس العالم ولكن فى بطولة أفريقيا يلعبون حتى حدود معينة لأنه يخاف على سعره فيخاف أن يصاب فيخسر كثيراً لأنه لن يجد من يقف بجانبه فى بلده إذا أصيب...ولكن اللاعب المصرى يفكر دائماً فى الوصول إلى كأس أفريقيا وليس كأس العالم لماذا؟؟ فكأس أفريقيا سوف يرجع به إلى القاهرة ويستقبله الشعب المصرى بأكمله من اكبر الشخصيات إلى المواطن العادى وتنهال عليهم المكافآت والحفلات من الاتحاد والأندية والشركات ورجال الأعمال وهذا حقهم ونرى الاحتفالات فى الشارع المصرى وأنا أول من يحتفل به.. فالبطولات المجمعة منتخب مصر يكسب والروح المصرية تظهر والمصرى لا يقهر ولا يخاف وهذه هى أهم مميزات الشعب المصرى العريق.. لكن الوصول لكأس العالم يحتاج إلى تخطيط وتدريب ومجموعة لاعبين يلعبون بطريقة محددة ومعينة وأسلوب معين على أساس علمى وخططى عال لأنها تصفيات مباراة فى ملعب الخصم ومباراة فى ملعبنا وهذه تحتاج إلى تخطيط ولاعبين على مستوى فكرى وبدنى عال وأيضاً إلى مستوى ثابت على مدار هذه التصفيات وهذا غير موجود فى الدورى المصرى وفى اللاعب المصرى والمدرب المصرى فكما قلت فى البداية لا أجد خطة أو أسلوب لعب معين يلعب به منتخب مصر ولكن أجد روحاً عالية وبعض الحلول الفردية وهذا غير كاف للوصول لكأس العالم كما كان خلاف الكابتن محمود الجوهرى وإن كنت اختلف معه فى طريقة اللعب الدفاعية بعض الشئ ولكن كان هناك أسلوب وطريقة معينة يتمتع بها المنتخب فى ذلك الوقت ولهذا وصل بهم لكأس العالم سنة 1990 وأيضاً حصلنا على كأس أفريقيا.. فأتمنى من مسئولى الكرة المصرية التخطيط والتنسيق وتحديد الأهداف لكأس العالم القادم وعدم التركيز فقط على بطولة أفريقيا لأنهما مكملان لبعضهما ونحن قادرون ولكن نحتاج إلى من يهمه أمر الكرة المصرية واللاعب المصري. وكل مسئول يراعى واجباته تجاه المسئولية سواء من اتحاد الكرة والمدرب واللاعبين للوصول إلى هذا الهدف.. فقد حان وقت التخطيط للاحتراف الحقيقى للوصول بمستوى الكرة المصرية إلى المستوى الذى يجب أن يكون عليه. وإلى اللقاء ،،،