الإسكندرية ترفع حالة الاستعداد القصوى استعدادًا لانتخابات مجلس النواب 2025    محافظ الجيزة: خطة محكمة لتسيير الطرق البديلة يوم افتتاح المتحف الكبير    محافظ البحر الأحمر: معدلات السياحة مرتفعة.. و150 شاشة بالمنشآت تنقل افتتاح المتحف الكبير    أخبار كفر الشيخ اليوم.. كشف لغز العثور على جثمان مقاول    قطر تدين الانتهاكات المروعة خلال هجوم الدعم السريع على الفاشر    مجلس الوزراء يطلق مشروعات طاقة متجددة في مختلف مناطق المملكة باستثمارات تتجاوز 9 مليارات ريال    إعصار ميليسا يضرب اليابسة في جامايكا كعاصفة من الفئة الخامسة    البرازيل تصعد لدور الثمانية في كأس العالم للناشئات بالمغرب    أحمد رمضان جاد يعلن انتهاء مهمته مع منتخب مصر للسيدات بعد مواجهتي غانا    لميس الحديدي: الخطيب أثبت أن الأهلي يدار بالخبرة والحوكمة    حبس عامل محل وإخلاء سبيل سائق في جريمة قتل أطفال الهرم    إحالة البلوجر أروى قاسم بتهمة سب وقذف طليقة المطرب مسلم للمحكمة الاقتصادية    فيديو.. محافظ القاهرة: ننسق لعرض حفل افتتاح المتحف المصري الكبير في مراكز الشباب    "الصحة": فحص أكثر من 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    بحضور وزير والرياضة، عمر هشام يعلن انطلاق بطولة مصر المفتوحة للجولف 2025 بملاعب مدينتي    "مطروح للنقاش" يناقش إعلان ترامب رغبته لقاء زعيم كوريا الشمالية    اسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الثلاثاء    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب بحر باندا بإندونيسيا    الذكاء العربى الجماعى.. من أجل ميلاد جديد للعمل العربى المشترك    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    الصين وأمريكا تتوصلان لتوافق مبدئي بشأن تمديد الهدنة التجارية    مرور مكثف على وحدات الرعاية الأساسية بالمنوفية ومتابعة جاهزية وحدة شوشاي للاعتماد    كورييري ديلو سبورت: إصابة دي بروين تبعده لمدة قد تصل إلى 4 أشهر    بعد قرار «الأهلي» برفع حدود الإيداع.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وال ATM    عنف التلامذة!    هل تواجه مصر فقاعة عقارية؟.. رجل أعمال يجيب    رئيس المؤسسة العلاجية في جوله تفقديه بمستشفي هليوبوليس    متحدث الوزراء: 40 رئيسا وملكا ورئيس حكومة يشاركون بافتتاح المتحف الكبير    فيديو.. سفير طوكيو لدى القاهرة: مساهمات اليابان في المتحف المصري الكبير تقوم على 3 ركائز    «صحح مفاهيمك».. أوقاف كفر الشيخ تنظّم فاعليات توعوية بالمدارس    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    التحالف الوطني يستمر فى تدفق شاحنات الدعم الإغاثى إلى قطاع غزة.. صور    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    شوبير ينفي تلقي داري عرضا من ليبيا ويكشف موقف الأهلي من مستقبله    غدًا.. انطلاق ملتقى التوظيف الأول لأسر الصحفيين بالتعاون مع «شغلني» بمشاركة 16 شركة    طرح أغنية كلكوا فلة ل بوسى والعسيلى من فيلم السادة الأفاضل    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    رسميًا مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 2026 بالخطوط الثلاثة    محمد عمر: الأهلي والزمالك لن يعترضا علي تأجيل مباريات بيراميدز    عون يؤكد ضرورة وقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة على لبنان    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    فوزي إبراهيم بعد حلقة الحاجة نبيلة مع عمرو أديب: «المؤلفون والملحنون شاربين المر ومحدش بيذكر أسماءهم»    قوافل جامعة قناة السويس تتوجه إلى قرية أم عزام لتقديم خدمات طبية    نجم اتحاد جدة السابق يضع روشتة حسم الكلاسيكو أمام النصر    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    ضبط 3 أطنان دقيق «مدعم وحر» في حملات تموينية على الأسواق بالمحافظات    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    بعد خسائر 130 دولارًا| ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الثلاثاء 28 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان والدور المصرى المفقود
نشر في اليوم السابع يوم 18 - 06 - 2008

السودان .. من منا لا يعرف السودان أو بالأحرى من منا يعرف السودان، هل أصبح لدى الشعب المصرى معلومات وافية عن هذا الجار الحيوى، هل مشاكله وأحزانه وأفراحه نشاركه فيها بالقدر الكافى، هل المشاكل التى تهدد بتقسيم السودان أصبحت تشغل حيزا مهما للمصريين؟ وفى النهاية، ماذا يمثل السودان من أهمية بالنسبة للسياسة المصرية، هل هناك دور مصرى مؤثر فى السودان؟ هل الإخوة السودانيون سواء أكانوا مسئولين أو من أفراد الشعب العادى لديهم أى إحساس بالمشاركة المصرية والتواجد المصرى معهم؟ هل الشقيق المصرى مازال له نفس القدر من الحب والاحترام فى قلوب السودانيين؟ تساؤلات كثيرة ومحيرة وأغلب الإجابات عنها للأسف بالنفى.
السودان يمثل لمصر قضية أمن قومى بمفهومها الواسع، وخطاً أحمر لا يمكن تجاوزه خاصة ما يتعلق بالمياه، حيث تأتى حصة مصر من المياه بالكامل عبر الأراضى السودانية من خلال النيلين الأبيض والأزرق، بالإضافة إلى أن السودان يعتبر بوابة العبور المصرى تجاه القارة الأفريقية، خاصة دول حوض النيل الثمانى غير مصر والسودان، فمصر تشهد حاليا حالة من الندرة المائية أدى إليها تزايد عدد السكان مع ثبات كمية المياه الواردة إلى مصر منذ اتفاقية 1959 (تقدر ب55 مليار متر مكعب سنويا)، وتعيش مصر الآن تحت خط الفقر المائى (مقدارهذا الخط ألف متر مكعب للفرد سنويا، فى حين يبلغ متوسط دخل الفرد المصرى من المياه 985 مترا مكعبا عام 2000، ويتوقع أن يصل إلى خمسمائة متر مكعب فقط عام 2020).
وعلى المستوى الاقتصادى أظهرت أزمة الغذاء الأخيرة مدى أهمية السودان لمصر، حيث يمتلك السود ان أراضى زراعية شاسعة تعادل 48% من جملة الأراضى الزراعية فى الوطن العربى، أى ما يعادل حوالى مائة مليون هكتار، بالإضافة إلى المراعى الطبيعية الخصبة التى تصل مساحتها إلى 130 مليون هكتار، فى ظل وجود ثروة حيوانية هائلة تصل إلى 135 مليون رأس مع وفرة المياه العذبة من الأنهار والأمطار والمياه الجوفية، وتنبهت دول العالم إلى أهمية السودان، وسارعت سواء عن طريق حكوماتها أو مستثمريها إلى السودان للاستفادة من هذا الكنز الضخم من سلة الغذاء التى تستطيع بأقل مجهود تلبية احتياجات عدد كبير من سكان العالم ... كل هذا يحدث على مقربة منا وتحت بصرنا وسمعنا، ولكننا مازلنا نتعامل مع السودان بنفس المفاهيم السابقة.
مرة أخرى نعود إلى مفهوم الأمن القومى ببساطة ودون الدخول فى جدل نظرى فهو يعنى "الحفاظ على مقدرات وإمكانات البلاد من الأخطار"، سواء أكانت أخطاراً سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، ومن هذا المنطلق نرى فى السودان " قدراً" لا يمكن التنصل منه بل يزداد أهميته بالنسبة لنا، ويزداد خطأ فصله عن الإقليم المصرى إلا أن علينا أن نصلح الآن ما يمكن إصلاحه، فالدور المصرى الحقيقى غائب تماما عن السودان أو بالمعنى الأصح لا يرضى الطموح المصرى أو حتى تأمين الأخطار، التى من الممكن أن تهب علينا من هناك ولا يمكن الاكتفاء فقط بالشعارات .. وحدة المصير ووحدة الدم والعرق/ بكسر العين/ والأنساب والتاريخ كل هذه الشعارات أصبح يملها المصرى والسودانى، لابد من ترجمة حقيقية لها ولابد من إيجاد مصالح مشتركة تعمق وحدة الدم والمصير، ولابد للإنسان فى شطرى وادى النيل أن يحس بها، لابد من مراجعة كتب التاريخ والجغرافيا والتركيز بشكل كبير على هذا الإقليم الحيوى والمصيرى حتى نمحى الأمية المصرية تجاه السودان، ويتعرف الشعب المصرى على ما يجرى فى السودان كمعرفته على ما يجرى فى مصر، وعلى الأحزاب السودانية والمشاكل، التى تعترض الجنوب والغرب فى دارفور وحركات التحرر وأسباب الصراعات هناك لابد من إيجاد ثقافة شاملة عن السودان.
حقيقة الشعب السودانى يعرف كل كبيرة وصغيرة عن مصر وعما يجرى فى مصر وعن التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى الرياضية فالشعب السودانى ينتمى إلى الأهلى والزمالك مثل انتماء المصريين، والشعب السودانى مولع بالإعلام والثقافة المصرية وجميع الكتب والإصدارات المصرية تقرأ فى السودان أكثر منها فى مصر، فالشعب السودانى مولع بكل ما هو مصرى، ولكن علينا أن نولع نحن أيضا بكل ما هو سودانى.
السودان حقيقة تاريخية وجغرافية لا يمكن التخلى عنها، وعدم الاستقرار السياسى فى السودان قد تكون له آثار اقتصادية وسياسية سيئة على مصر، ولذلك لابد للدور المصرى أن يكون أكثر فاعلية فى السودان بل ومتفهما للحساسية التى لدى الإخوة السودانيين فى تعامل مصر مع قضاياهم، ولعل من المفيد فى هذا الشأن أن نذكر الانعكاسات الاجتماعية والأمنية السيئة لمشكلة اللاجئين السودانيين فى ميدان المهندسين قبل ثلاثة أعوام تقريبا، واعتصام هؤلاء فى هذا الميدان بسبب رفض مفوضية اللاجئين منحهم حق صفة لاجئ، مما اضطر السلطات الأمنية المصرية إلى تفريق هذا التجمع بالقوة. وهو ما أثر بالسلب على العلاقة بين البلدين، وتلك المشاكل العارضة تترك أثارا كبيرة وعميقة، ولكن المصالح المشتركة أفضل طريق لمحو أى آثار.
حان الوقت أن نعمل سويا فى مصر والسودان على إيجاد واقع جديد يخدم المصالح المشتركة لشعبى وادى النيل، ونزيل ترسبات الماضى التى حاول الأعداء زرعها وتعميقها فى نفوسنا، وعلى الإخوة فى السودان أن يفتحوا قلوبهم وعقولهم للمصريين، وعلى المصريين تفعيل مبدأ "الجار أولى بالشفعة" والدخول إلى السودان من خلال جميع الأبواب التعليم والصحة والاستثمار والتصنيع والزراعة، ولنتكاتف سويا من أجل دحض المؤامرات وإفشاء السلام والحفاظ على وحدتنا جميعا وإطعام ليس شعبى وادى النيل فقط ، بل والفقراء من شعوب المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.