رمضان هلالُهُ فى السَّماءِ و نورُه فى قلوب الصالحين ِوالمؤمنين ..رمضان نافذة القلوب إلى السماء يهل علينا كل عام بفيضه الإيمانى محركا فينا مزيدا من التفكر حول آيات الله ونعمه التى أسبغها علينا وعلى الكون من حولنا، يهل علينا شهر رمضان من كل عام وتتمازج فيه أجواء الروحانية والطمأنينة والانشراح وذكر الله بالليل والنهار .. ففيه تنسدل خيوط فجره محملة بالإشراقات ومصاحبة للتهليل والعبادة.. فهو شهر فضيل له طعم لايخفى على جميع المسلمين فى مختلف الأقطار ففيه تهل البهجة والسرور والفرح والانشراح كل ذلك يجعل من هذا الشهر شهراً متفرداً.. فهو أكبر عون على التقوى .. يأتى رمضان فيستيقظ له شعور كل مسلم، وينتشى به إحساس كل مؤمن، نستقبله جميعا كبارا وصغارا بالفرح والترحاب فهو ينشر فينا أحاسيس البر ويوقظ روافد الخير فى القلوب، ويعيد الروح إلى أفقها السامى، فتبرأ من أوزار الحياة، ويطهرها من صراعات الآثام، ويذودها من قوى الجمال والحق والخير، ويصبح من أعياد القلب والروح فى ثلاثين يوماً، فشهر رمضان تفيض أيامه بالسرور، وتشرق لياليه بالنور، وتعمر مجالسه بالخير والعطاء، ويغمر الصوَام فيض من الشعور الإيمانى اللطيف، يجعلهم بين نشوة الجسد وصحوة القلب هالات محلقة من النور والأشواق، شهر رمضان هو شهر القرآن فقد نزل القرآن فى رمضان كما كان النبى صلى الله عليه وآله وسلم يكثر من تلاوة القرآن فيه كما كان يتدارسه مع جبريل كل ليلة من ليالى الشهر الفضيل وكان يعرض القرآن عرضة كاملة عليه كل رمضان حتى إذا جاء آخر رمضان قبل موته صلى الله عليه وآله وسلم عرض القرآن على جبريل عرضتين، كما سن النبى صلى الله عليه وآله وسلم صلاة التراويح فى رمضان بما فيها من تلاوة قرآنية طويلة، ولما كان القرآن فيه شفاء للأمراض القلبية الدينية كالشهوات والشبهات فإن من شأن التركيز على تلاوة القرآن ودراسته وتفهمه طوال الشهر الفضيل أن يعالج ما لدى المسلم من شهوات محرمة أو شبهات خاطئة ويعطيه دفعة إيمانية قوية تدفعه طويلا بعد الشهر الكريم. .. رمضان يأتى ثم سرعان ما يمر سريعا تماما مثلما يمر العمر بسرعة فيربح من يربح ويخسر من يخسر، وكما أن عمر الإنسان يمر بمحطات متعددة يمكنه فى كل منها تدارك مافاته من قصور وتقصير فإن رمضان مثل العمر فى ذلك به محطات ففى أوله رحمة وفى أوسطه مغفرة وفى آخره عتق من النار فمن فاته أوله تعلق بأوسطه وسارع لئلا يقصر فيه كما قصر فى أوله، ومن قصر فى أوسطه سارع وصمم على تدارك كل ما فاته وذلك بالنشاط الدؤب فى التعبد والتهجد والتصدق فى الثلث الأخير من رمضان حيث العتق من النار و حيث الليالى العشر الأواخر وحيث ليلة القدر، لكن من فاته رمضان كله فلا يلومن إلا نفسه، ومن مات فى إحدى مراحله وهو مقصر فلا يلومن إلا نفسه، وهكذا يتجدد رمضان كل عام ليذكرنا أن العمر محطات و مراحل علينا أن نغتنمها قبل أن تفوت وقبل أن نموت.