بالصور.. "مافيا" من نوع جديد.. الإعلانات المخالفة تغزو عشوائيات عزبة أبو حشيش بالقاهرة.. عرض البانرات أعلى المنازل القديمة وسعر الإعلان يصل ل350 ألف جنيه.. وغياب الأجهزة الرقابية فى المحافظة

أكوام من الأخشاب، وخيام لبيع ال"روبابيكيا"، تراكمات من الصاج والحديد، بيوت ومبانٍ متهالكة لا تقوى على حمل سكانها تغرق فى مياه الصرف السوداء، وأكوام القمامة تكسو مداخلها، هذا هو حال "عزبة أبو حشيش" بمجرد خروجك من محطة مترو غمرة، منظر عام يحكى مدى قسوة الحياة التى يعيشها أهل تلك المنطقة من فقر، فتلك العشوائية ستار استتر به عدد من أهالى العزبة للترويج إلى عمل ممنوع جعلت من تلك البيئة مناخاً ملائماً للقيام بمخالفات تُقدر قيمتها بالآلاف بل والملايين دون أن يشك أحد فيهم.
خلال مرورك أعلى كوبرى أكتوبر من ناحية غمرة، تقع عيناك على مجموعة من الإعلانات المُطلة على الكوبرى، تستند على مجموعة من البيوت القديمة المتهالكة، واستغل أصحاب هذه البيوت العشوائية موقعهم المتميز، وشكلوا "مافيا" من نوع جديد استغلت غياب الأجهزة الرقابية بمحافظة القاهرة وعرضوا مساحات إعلانية على منازلهم دون الحصول على تصريح أو إذن.
عندما ترى منازلهم وتتجول بالعزبة، تتعاطف مع أهلها، ولكن عندما تصطدم بالواقع تُصاب بالدهشة، حينما تسمع أنهم ليسوا فقراء بل من أصحاب الملايين، فقاطنو العزبة استطاعوا أن يحولوا "التراب" إلى ذهب، حيث استغلوا المكان الاستراتيجى للعزبة كونها تطل على أكبر وأهم كبارى القاهرة وجعلوا من بيوتهم ساحات إعلانية غير قانونية يتم تأجيرها بأغلى الأسعار سنوياً ليحققوا من عشوائياتهم مكاسب هائلة وثروات طائلة.
اقتحم "اليوم السابع" حياة مافيا الإعلانات المخالفة المُطلة على كوبرى أكتوبر والتى تقف قواعدها أعلى المنازل المتهالكة داخل عزبة أبو حشيش، استغرقت الجولة أكثر من ساعتين داخل حوارى العزبة، تنكر خلالها صحفى اليوم السابع من شخصيته الصحفية وتقمص شخصية أحد مندوبى الإعلانات، جاء للتعرف على أسعار الإعلانات الحقيقية.
فى البداية توجهنا إلى المنازل التى تقع فى الصف الثانى من الشريط الموازى للسكة الحديد، والتى تظهر واضحة من أعلى كوبرى أكتوبر، إلا الخالى منها يبحث صاحبها عن مُعلن ليحصل من ورائه على مبالغ طائلة.
استقبلنا "محمد إدريس" أحد أشقاء صاحب العقار داخل مكتب شقيقه بعد أن تأكد من أننا مندوبو إعلانات، نمثل إحدى الشركات الراغبة فى الإعلان، وقال إنه فسخ عقدا بينه وبين إحدى الشركات الكبيرة لبيع المنتجات الغذائية بسبب عدم التزامها بسداد الإيجار الشهرى، مشيراً إلى أن مساحة الإعلان تصل إلى 12 مترا عرض، والارتفاع يتم الاتفاق عليه مع الشركة الراغبة فى وضع إعلانها على المبنى.
تحدثنا مع محمد بشأن قيمة الإيجار سنوياً، فقال، "قيمة الإيجار السنوى 90 ألف جنيه غير قابلة للفصال مع وجود زيادة 5% كل عامين"، وعندما طلبنا تخفيض قيمة الإيجار أو تقليل قيمة ال5% التى سيتم زيادتها كل عامين قال، إنه لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يتم تقليل قيمة الإيجار أو النسبة، وأتعهد إليكم بعدم المساس بإعلان شركتكم نهائياً"، مؤكداً أن علاقتهم بالحى جيدة ولا يمكن أن يقوموا بإزالة أى إعلان موجود أعلى منزلهم، وأن جميع الإعلانات بالمنطقة غير مرخصة.
عندما انتقلنا إلى المنطقة الأمامية من العزبة، والمواجهة لكوبرى أكتوبر بشكل مباشر، وجدنا مجموعة من المنازل القديمة، فسألنا أحد أصحاب تلك المنازل: "خير.. عاوزين مين؟"، فأكدنا له أننا مندوبى أحد شركات ونريد وضع إعلان أعلى أسطح المنازل المُطلة على الكوبرى، فتوجه بنا إلى أحد أفراد عائلة "الأبيض" وهى من أكبر العائلات بالعزبة المشهورة بتجارة الإعلانات غير المرخصة، واتفقنا معه على وضع إعلان بأحد منازله، فأكد لنا أن قيمة الإيجار لا تقل عن 200 ألف جنيه، حسب موقع الإعلان.
بعد جولة استمرت ما يقرب من نصف ساعة بعدد من الحوارى مع أحد عناتيل الإعلانات بالعزبة، اخترنا أحد المنازل التى تأخذ موقعاً مميزاً مُطلاً على الكوبرى مباشرة، فطلب "الأبيض" 350 ألف جنيه مقابل وضع الإعلان أعلى منزله، حاولنا الفصال في قيمة الإيجار لكنه رفض قائلا، "محدش يتدخل فى رزقى أنا اللى بحددوا يا بيه لو سمحت"، فوافقنا بشكل مبدئى على طلبه، وسألناه عن التراخيص فقال، "مفيش إعلانات هنا ليها ترخيص، ده حتى فى بيوت هنا مالهاش ترخيص بناء".