حوار: مصطفي الغمري ذهبت إلي عصام رضوان نائب محافظ القاهرة لحوار عادي... قبل مكتبه مكاتب مكتظة بموظفين منشغلين بعملهم علي غير العادة الحكومية.. بعد لحظات من حواري مع المهندس عصام رضوان ايقنت اني أخطأت التخمين فهذا ليس موظفا ولكنه رجل دولة صاحب خبرة وهو أيضا منشغل بكل التفاصيل, حاورته عن الواقع الذي يعيشه أربعة ملايين مواطن في المنطقة الشمالية المكتظة بالمشاكل والمسئولة منه مباشرة, سألته عن الملفات الساخنة الموكلة إليه علي مستوي المحافظة, ولم يمر الحديث هادئا فقد كان الفساد علي رأس الأسئلة حاضرا بقوة.. تجربة العمل الحكومي هي الأولي لك كيف تقيمها بعد قرابة الثلاثة أشهر من العمل؟ إمكانيات الحكومة جيدة ولكن هناك حجم فساد لا يصدقه عقل والأموال المنهوبة والمخالفات بلا حدود علي مستوي المباني وإعلانات الطرق, ولا يوجد اهتمام بالإصلاح والبناء منذ فترة طويلة وهناك مستشفيات ومدارس وشبكات مرافق ليست علي المستوي المطلوب بالإضافة, لمشكلة العشوائيات. ما حجم خسائر الدولة من الفساد المتعلق بالأراضي؟ محافظة القاهرة ليس لديها حصر بأملاك الدولة وكأنهم يقولون لمن يريد أن يضع يده علي أرض أن يفعل ذلك سريعا, وأملاك الدولة متعدي عليها بنسبة90%, وهذا امر غير مقبول شكلا ولا موضوعا, فعندما تجد خطوط التنظيم بالمحافظة والتي تحدد الشوارع والأراضي يتم تغيرها طبقا لبعض الأهواء, تجد عمارة مبنية علي شارع ثم لا تجد اثرا للشارع في خطوط التنظيم أو الواقع وعند مراجعة الترخيص تجد الشارع موجودا ولكن المواطن وضع يده عليه واخفي معالمه, الناس وصلت الآن انها تبني في الشارع نفسه. نستطيع أن نقول إن هذا الفساد الصغير مؤثر ولكن هناك قضايا أخري كبيرة تفوق التعديات الصغيرة؟! اكتشفت ملفات فساد مقنن مثل قضية أراضي حكر أبو دومة التي اشتراها مجموعة من المستثمرين السعوديين ومصري وعند فتح هذا الملف قيل لي أنت بتدخل عش الدبابير, تلك الأراضي تم بيعها بأسعار بخسة لاستثمارها وتشغيل أيد عاملة ومكافحة البطالة وعمل منشآت سياحية بما يزيد علي2500 غرفة علي ساحل روض الفرج, تلك الأراضي تم تسليمها علي2005 وكان الحد الأقصي للانتهاء من المشروع وفق التعاقد48 شهرا أي تنتهي عام2009 وإذا لم ينته المشروع في تلك المدة يفسخ العقد من تلقاء نفسه دون إجراء قضائي, اليوم وبعد أكثر من سبع سنوات لم يتم أي شيء, ومازالت الأرض كما هي, وقد شكلنا لجنة واتخذنا أول إجراء بإلغاء وفسخ التعاقد مع كل المتعاقدين وفقا للعقود المبرمة ولكن وزير السياحة قام بدعوتنا مع مندوبي المستثمرين في القاهرة الذين قدموا حججا واهية عن أسباب التأخير في المقابل جهزنا ملفات كاملة لعرضها علي رئيس الوزراء لاتخاذ قرار نهائي وأنا أتصور أن القرار العادل سيكون سحب تلك الأراضي وانا لست ضد الاستثمار, ولكن ضد استغلال الأوضاع ونحن لا نطلب هبات أو معونات ولكن علي الأقل قطعة ارض اشتراها هذا المستثمر السعودي بثلاثين مليونا وهو رقم بسيط جدا لتشجيع الاستثمار ثم تركها سبع سنوات أصبح ثمنها اليوم أكثر من300 مليون وأخل هو بشروط التعاقد التي أساسها الاستثمار وتشغيل الأيدي العاملة وليس تسقيع الأراضي, العقد الذي وقعه المستثمر ينص علي فسخ التعاقد بأن يتركوا لنا الأرض لنستثمرها ونخرج من أزمتنا. كانت المفاجأة كبيرة عندما انفرد الأهرام منذ شهور بصورة العقار المخالف الذي اغتصب سقف كوبري اكتوبر ثم سريعا بدأت الإزالة لهذا العقار كيف حدث هذا؟ في عزبة أبو حشيش عجلت بالمصالحة المجتمعية فتلك المنطقة بها مصانع لانتاج قنابل المولوتوف المستخدمة في المظاهرات, والشرطة مشغولة جدا ولا يوجد تعاون مناسب والحل الوحيد اليوم هو التعاون المجتمعي لحل المشاكل ففي مشكلة عقار مخالف بعزبة أبو حشيش ومطل علي كوبري6 اكتوبر أعترف ان الحي والشرطة خذلاني في حل هذه المشكلة ووجدت نفسي وحيدا وسط البلطجية ولكن بالتفاهم اقنعنا صاحب العقار بإزالة الادوار المخالفة وازالوها بأيديهم, وعموما عزبة أبو حشيش واحدة من الملفات الساخنة فتلك منطقة مدارسها مغلقة وكمية القمامة فيها مرعبة والتعديات علي أراضي الدولة بلا حدود وجاءني تحذيرات من دخول هذه العزبة لكني اجتمعت مع كبار المكان وجلسنا لوضع حلول مادية وعملية للمشكلات. تلك حلول جيدة ولكنها تظل حلولا جزئية مؤقتة والقاهرة تحتاج إلي حلول دائمة بعد ان غزت العشوائية كل مكان؟ وجدت عقبة رئيسية في بداية عملي أن مكتب نائب المحافظ لم يكن فيه ورقة بيضاء!!, اليوم لدينا خرائط لكل مكان وهناك قاعدة بيانات لي ولمن بعدي, كما اعددنا بالتعاون مع كلية التخطيط خرائط كاملة لإعادة تخطيط المنطقة الشمالية وهناك عزيمة لاعتماد التخطيط النهائي للقاهرة الكبري, وتلك ضرورة لأن هناك أوضاعا كثيرة خاطئة منها المصانع الملوثة للبيئة وضرورة نقلها خارج المناطق السكنية والتوسعات الأساسية في الشوارع والميادين والمرور والتوسع العمراني واستخدام الأراضي واهمية هذا المشروع استراتيجية لان وجود تخطيط مستقبلي واضح لكل القاهرة يحقق سهولة ودقة في العمل والتطوير. نحن نعرف هذا الفساد ونكتب عنه منذ سنوات ونعاني منه ولكن السؤال هو كيف ستعالجه؟ نحن نعمل علي عدة محاور أولها رفع دخول موظفي الأحياء فلا يمكن ان نطالب موظفا بالشرف والأمانة وراتبه800 جنيه وهو رب أسرة, المحافظ ونوابه اجتمعنا مع الدكتور محمد مرسي منذ شهر واللقاء استمر ساعتين تحدثت ساعة ونصف الساعة وقلت له إني أفكر في زيادة دخول موظفي الأحياء من مصادر متنوعة ووافق ووضعنا خطة متكاملة لزيادة الرواتب دون تحميل الدولة أعباء إضافية منها رفع عمولة الحي من حصيلة الإعلانات, وبالتوازي لابد من تشديد الرقابة وأكدت علي جميع الأحياء أن من سأجد عنده مخالفات سأتخذ معه إجراءات حاسمة وسأرسله إلي ما يعرفونه هنا بثلاجة المحافظة وهو اللا مكان واللا عمل! وبالفعل جاء لي كمية كبيرة لم تكن متوقعة من المخالفات مطلوب إزالتها. والمحور الثاني هو إحلال القيادات ونعمل في هذا المحور بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية وبالطبع اصطدمنا بالروتين الحكومي الذي يعتبر رئيس الحي من القادة ويتم تعيينه من خلال مسابقات, فقمت بالاختيار من بين رؤساء الأحياء والقيادات الحالية كفاءات. وعشوائية إعلانات الطرق علي مستوي محافظة القاهرة كيف ستتعامل معها؟ إعلانات الطرق لها شقان احدهما فني وحضاري وشق آخر مالي وإداري, وهذه الإعلانات بالنسبة للمحافظة مهمة للغاية حيث انها من مصادر الدخل الأساسية للمحافظة والتي تمثل حوالي45 مليون جنيه سنويا من ميزانية المحافظة وهذا الرقم هزيل للغاية, فالطرق المحاسبية لهذه الإعلانات قديمة للغاية وتعود إلي عام1956, ولم تفكر القوي السياسية في تغيير هذه التشريعات البالية كما أن النظام المحاسبي لا يعتد بالأهمية الجغرافية للإعلان والتي تمثل فوارق شاسعة في الأسعار, ونحن نبيع الإعلان بعشرين ألف جنيه في السنة بينما صاحب الإعلان يبيعه ب15 مليون في السنة, وبعد الثورة انتشرت الإعلانات بطريقة عشوائية جدا فهناك17500 إعلان مرخص يجاورها20 ألف إعلان غير مرخص, وجلست مع كل الأطراف وتحدثنا عن زيادة رسوم الدولة وبالطبع كانت ردود الفعل متباينة في التهديد والوعيد ولجأت للائحة الجيزة التي تحاسب المعلن بأضعاف ما تحاسب به محافظة القاهرة, واستعنا بالطبع ببيوت خبرة ووصلنا إلي حلول عملية علي المدي الطويل, وبالطبع فإن جميع اللوحات الإعلانية التي خرجت دون ترخيص سيتم إزالتها مع تقنين اوضاع باقي المخالفات بعد سداد أي متأخرات مالية, هذا مع إعادة تشغيل الإعلانات الموقوفة لبعض الشركات المرخصة, وطرح اماكن مقبول فيها الإعلان لمناقصات ومزايدات عالمية, مع مراعاة الشكل الحضاري والجمالي, وعموما من المتوقع ان تؤدي هذه الإجراءات الجديدة إلي مضاعفة موارد المحافظة وإعادة استخدام تلك الموارد في خدمات حقيقية للمواطن. وماذا عن مواقف السيارات؟ مواقف السيارات يمكن ان تدر دخلا كبيرا جدا وهي تواجه ازمة كبيرة مثلا في موقف عبود من له ترخيص تحميل تضاعف ثمن الرخصة ليصل إلي200 ألف جنيه حاليا وذلك بسبب محدودية الموقف, الحل كان موجودا منذ عام2008 ولكنه توقف حيث كان هناك مشروع لعمل دور ثاني بموقف عبود وكانت تكلفة المشروع في ذلك الوقت14 مليونا, وهذا الدور سيحقق سيولة وسهولة ومن الممكن عمل مشروعات كثيرة علي محيط الموقف, اجتمعت بشركة المقاولين العرب وتحمسوا لتنفيذ المشروع بنفس القيمة المتفق عليها في2008 ولكن قلة موارد المحافظة عطلت المشروع حاليا, لكن هناك الموارد الإضافية التي تحدثنا عنها من الإعلانات سنخصص بعضها لهذا المشروع.