يبدو أن أحلام إسرائيل وأطماعها فى مياه نهر النيل على وشك التحقق فى ظل انسحاب الدور المصرى من دول المنابع لصالح الدولة العبرية.. خبراء الشؤون الأفريقية والإسرائيلية يؤكدون أن إسرائيل أصبحت موجودة فى دول المنابع، وبالتحديد فى أثيوبيا، بشكل يفوق الوجود المصرى، الذى ترك الساحة خالية لإسرائيل وغيرها من الدول الخارجية، بما فيها دول عربية لها مطامع فى مياه النيل، حسب إشارة البعض. إسرائيل وفرت لدول المنابع مشروعات تنموية كبيرة، وقامت بتدريب الحرس الجمهورى والحراس الشخصيين لرؤساء دول الحوض فى تل أبيب، بما يشير إلى توافق كامل بين وجهة النظر الإسرائيلية مع دول المنابع بالشكل الذى يخدم الأجندة الإسرائيلية فى تحقيق الحلم التوراتى بالحصول على مياه النيل، وهو ما أكده الموقف المتعنت من قبل وزراء رى دول المنابع فى اجتماعات شرم الشيخ، ومن قبلها الإسكندرية وكينشاسا، ثم التوقيع المنفرد على الاتفاقية الإطارية فى منتصف الشهر الماضى، ويبدو أننا مقبلون على مرحلة المقايضة، وهى قيام إسرائيل باستكمال مشروع قناة جونجلى جنوب السودان لتوفير 15 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، تحصل إسرائيل على نصفها وتوزع الكمية الباقية بين مصر والسودان، شرط أن توافق الدولتان على إمداد إسرائيل بهذه الكمية بمقابل مادى، وهو الأمر الذى يرسخ لمبدأ بيع المياه، باعتبارها ثروة طبيعية، مثل البترول، والسؤال الذى يخشى الجميع طرحه هو: هل دول المنابع تفاوض مصر بالنيابة عن إسرائيل، وهل سنصل فى النهاية إلى وضع المطالب الإسرائيلية موضع النقاش، عملاً بمبدأ الفائدة للجميع، طالما أننا فى حالة سلام مع إسرائيل، وبيننا اتفاقيات اقتصادية مثل الكويز وتصدير الغاز الطبيعى؟ الدكتور عماد جاد، الخبير فى الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية، قال إذا كانت دول منابع النيل وصلت إلى قناعة تامة بمنح إسرائيل حصة من مياه نهر النيل فهذا ممكن من خلال اتفاقية سرية بينها وبين دول الحوض مجتمعة، أو من خلال تفاهم ضمنى أو مبدئى، لأنه لا يصح من الناحية القانونية أن تحصل على هذه الحصة فى إطار اتفاقية دولية يتم إبرامها.