لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن على هامش مشاركتهما فى الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك نهاية سبتمبر الماضى، تركز بالأساس على العدوان الإسرائيلى المستمر على الأراضى المحتلة وتحديداً المسجد الأقصى، لكن من بين ما شهده اللقاء استوقفنى ما أشار إليه البيان الرئاسى بأن اللقاء شهد «تباحثاً بشأن الأوضاع فى قطاع غزة، حيث أكد الرئيس السيسى على أهمية عودة السلطة الفلسطينية للقطاع وأن تتولى الإشراف على المعابر، منوهاً إلى أن هذا الأمر سيكون له أطيب الأثر فى انتظام فتح المعابر مع القطاع، مما سييسر معيشة الأشقاء الفلسطينيين المقيمين فى غزة، ويساهم بشكل أساسى فى توفير احتياجاتهم اليومية، فضلاً عن تنقلاتهم إلى الخارج، لمختلف الأغراض التى تشمل التعليم والعمل وتلقى العلاج». هذه الجزئية تحديداً تلخص الموقف المصرى من قطاع غزة، فمصر لن تستسلم لأى محاولة لتفتيت الأراضى الفلسطينية وإحداث الفرقة والتقسيم ما بين دولتين واحدة فى الضفة والثانية فى غزة، تحت أى مبرر، لأن التسليم بهذا الأمر هو إنهاء للقضية الفلسطينية من أساسها، وهى القضية التى تتمتع بأولوية فى السياسة الخارجية المصرية التى تؤكد على مساعدة الشعب الفلسطينى على إقامة دولته الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، لذلك فإن مصر على موقفها بأن التعامل مع فلسطين سواء فى غزة أو الضفة سيكون عبر ممثل وحيد ومعترف به وهو السلطة الفلسطينية، وأن أى فصيل يحاول إظهار عكس ذلك فهو خارج الحسابات المصرية، وأن القاهرة ستتعامل معه باعتباره فصيلا وليس قيادة، حتى وإن كانت بعض الدول تحاول تغيير الحقائق على الأرض. السيسى أكد أيضاً خلال اللقاء على أن الإجراءات التى تتخذها مصر من أجل تأمين حدودها الشرقية تتم بتنسيق كامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا يمكن أن تهدف إلى الإضرار بالأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة، وإنما تهدف إلى حماية الحدود المصرية والمساهمة فى الحفاظ على الأمن القومى المصرى والفلسطينى، وأن مصر ماضية فى طريقها نحو عملية إعادة إعمار قطاع غزة، خاصة بعد نجاح مؤتمر إعادة الإعمار الذى عقد فى القاهرة فى أكتوبر 2014 وشهد مساهمات مالية وعينية من الدول المانحة والمتقدمة، وهو بذلك يؤكد أن مصر رغم ما تعانيه من مشاكل آتية لها عبر القطاع الذى يخضع لسيطرة غير شرعية من جانب حركة حماس، إلا أنها لن تعامل الفلسطينيين بذنب اقترفته حماس، بل إنها ستتعامل معهم باعتبارهم فلسطينيين لهم حقوق وواجبات، لذلك كان القرار الأخير بفتح معبر رفح لأربعة أيام بشكل استثنائى لعبور الحجاج الفلسطينيين. هذه هى الرؤية المصرية والموقف المصرى الذى يجب أن تعيه حماس وبقية الفصائل، فالقاهرة لن تتعامل إلا مع الممثل الشرعى للفلسطينيين حتى وإن امتلك طرف القوة التى تمكنه من فرض سطوته وسيطرته، لأن العبرة بالشرعية.