الفلسطينيون وإسرائيل يوافقون على مقترح مصرى بتهدئة 3 أيام.. وتل أبيب تنسحب من القطاع يبدو أن معاناة أهالى غزة فى طريقها إلى الانتهاء فى ظل المساعى المصرية المستمرة لوقف الحرب التى أكملت شهرًا، وتجاوز عدد ضحاياها أكثر من 1865 شهيدًا وأكثر من 9500 جريح. ووافقت الفصائل الفلسطينية وإسرائيل على مقترح مصرى يدعو لوقف النار فى غزة لمدة 72 ساعة، تبدأ فى الثامنة صباح أمس، وأعلن الناطق باسم حماس، سامى أبو زهرى أن «حركته أبلغت القاهرة موافقتها على تهدئة مع إسرائيل لمدة 72 ساعة اعتبارًا من صباح الثلاثاء»، كما قال زياد النخالة -نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامى- «نحن مقبلون على وقف لإطلاق النار خلال الساعات المقبلة». فى المقابل نقلت الإذاعة العبرية عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو قوله إن «الموافقة على المقترح المصرى جاءت بعد إطلاع أعضاء المجلس الوزارى المصغر للشؤون السياسية والأمنية خلال الساعات الماضية على التفاصيل المتعلقة بوقف إطلاق النار غير المشروط وفقا للمبادرة المصرية». وبدورها أعلنت أميرة أورون -المتحدثة باسم الخارجية الإسرائيلية- إن «بلادها سترسل وفدًا إلى القاهرة، خلال ساعات، للمشاركة فى مفاوضات التوصل لوقف دائم لإطلاق النار فى القطاع»، مضيفة أن ذلك «مرتبط بسريان الهدنة لوقف إطلاق النار فى غزة». الموافقة على التهدئة من الجانبين تزامنت مع إعلان الجيش الإسرائيلى انسحابه خارج أراضى قطاع غزة، موضحا على لسان المتحدث باسمه أفيخاى أدرعى أن «الجيش الإسرائيلى أتم إعادة انتشاره خارج حدود غزة، وأبقى القوات المقاتلة على الحدود، استعدادًا لأى تطورات على الأرض، خشية قيام حركة حماس بشن عمليات على جنوب إسرائيل بوسائل مختلفة». واعتبر أدرعى أن حرب عام 2014 هى «الحرب الأعنف، والأكثر قصفا من جانبنا، والأكثر قتالا من الجانبين، والأكثر خسائر فى الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى على صعيد الإصابات والقتلى»، وميدانيا استمرت الطواقم الطبية فى انتشال جثامين الشهداء من مناطق متفرقة فى القطاع منذ بدء سريان الهدنة، وأعلنت وزارة الصحة فى غزة دخول طواقمها الطبية للمناطق الشرقية لانتشال جثامين الشهداء. ورحب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمس بالتوصل إلى التهدئة داعيًا إلى احترامها، وشدد على ضرورة تطبيق المبادرة المصرية. هذا وقد زار وزير الخارجية الفلسطينى رياض المالكى مقر المحكمة الجنائية الدولية فى هولندا أمس لرفع دعوى ضد إسرائيل لارتكابها جرائم حرب بعد نحو شهر من المعارك فى قطاع غزة. وطلب المالكى من الأممالمتحدة الشهر الماضى وضع حد للحصانة الإسرائيلية وإفلات إسرائيل من العقاب، وقال إنها «يجب أن تحاسب على جرائمها». إعلام إسرائيل: مصر الرابح الأكبر من وقف النار احترام «حماس» للتهدئة سيثبت نجاح القاهرة فى ما فشلت فيه قطر بعنوان «الوسيط المصرى.. مع القوة تأتى المسؤولية»، قالت صحيفة «هآرتس» العبرية فى تقرير لها أمس إن «القاهرة أخذت على عاتقها مهمة الوسيط، وبهذا فهى مسؤولة أيضا عن ضمان تعهدات حماس بوقف النار وأى رصاصة سيتم إطلاقها من الحركة الفلسطينية أو أى فصيل فلسطينى آخر ستكون مصر مسؤولة عنه». وقالت الصحيفة «إن حركة حماس لديها اهتمام بتحسين منظومة العلاقات مع مصر، ليس فقط لأن الأخيرة تسيطر على معبر رفح، شريان الحياة بالنسبة إلى عزة، وإنما لأن القاهرة هى الجبهة الداخلية الاقتصادية للقطاع، فمن خلالها يمكن للفلسطينيين الخروج إلى العالم وتصدير بضائعهم واستيراد مواد البناء والغذاء والحصول على الكهرباء دون أن يكون هناك اعتماد طوال الوقت على تل أبيب، ويمكننا الافتراض أنه إذا انتهت المفاوضات باتفاق كل الأطراف على مشروع لتنمية وإعمار غزة، فسيدخل الجزء الأكبر من مواد تلك التنمية عبر مصر. ولفتت «هآرتس» إلى أن مصر لديها مصلحة فى الحفاظ على العلاقات مع حماس، طالما هى القوة المسيطرة على قطاع غزة، ولإبعاد قطر وتركيا وإيران من المنطقة، والإبقاء على الدور المصرى. وأضافت أن الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى الذى دعم وما زال يدعم المصالحة الفلسطينية بين حركتى فتح وحماس اقترح على الأخيرة حتى قبل الحرب نافذة من الفرص لتحسين العلاقات مع القاهرة إذا تغير سلوكها بمعنى أن تخضع الحركة الفلسطينية نفسها لرام الله وتنفصل عن الحركة الأم، «الإخوان المسمون» وهناك شك فى أن هذا هو الاتجاه الذى ستسير فيه حماس، لكن إذا اتضح أن الأخيرة ستفضل فى المستقبل الهوية الفلسطينية على هويتها الأيديولوجية الإخوانية، سيكون هذا إنجازًا مهما لمصر. الحرب فى غزة تضرب اتفاقية أوسلو فى مقتل العملية العسكرية الإسرائيلية تمثل سقوطًا سياسيًّا لحل الدولتين تطور العملية العسكرية الإسرائيلية على الأراضى الفلسطينية فى قطاع غزة، من قذف جوى ومدفعى إلى عملية برية واسعة النطاق على المناطق الحدودية فى الشجاعية وخان يونس، هو ما رفع عدد الشهداء إلى أكثر من 1800 شهيد و10 آلاف جريح، إضافة إلى 250 ألف لاجئ، وتدمير 50% من البنية التحتية للقطاع. ولكن فى الجزء الأكبر من الأراضى الفلسطينية، حيث الضفة الغربية، لم تشهد نقطة الغليان تجاه أحداث غزة، حيث اقتصر الأمر على مسيرة تجاه معبر قلنديا العسكرى الإسرائيلى، وانتهت بوقوع قتيلين برصاص الجيش الإسرائيلى. العملية العسكرية الإسرائيلية الحالية، تمثل سقوطا سياسيا لحل الدولتين الذى تمت صياغته فى اتفاقيه أوسلو، ثم الخطوات الشكلية المتمثلة فى اتفاق غزة - أريحا فى عام 1994، حيث حكم ذاتى فلسطينى محدود فى الضفة الغربية وقطاع غزة، عندما قرر شارون الانسحاب الأحادى من داخل قطاع غزة فى عام 2005، متحديا الرأى العام الإسرائيلى فى ذلك الوقت، لاقتناعه بفداحة استمرار إسرائيل فى موضع المسؤولية كمحتل على قطاع غزة، للخسائر المادية والبشرية. الجديد أن هناك حالة تتكون فى الأوساط الفلسطينية الداعمة لخيار السلام وإنشاء دولة فلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية، تعدل عن موقفها لتعلن فشل خيار السلام مع إسرائيل لاستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية على غزة فى السنوات العشر السابقة، وتعمد إسرائيل إسقاط حكومة الوحدة الفلسطينية بين فتح وحماس، وعدم وجود تقدم على صعيد إنشاء الدولة الفلسطينية منذ عودة ياسر عرفات للأراضى الفلسطينية. تلك الحالة تتجسد فى تصريحات طارق عباس نجل الرئيس الفلسطينى محمود عباس، بحل السلطة الفلسطينية وأن يسلم والده مسؤولية الضفة الغربية إلى الاحتلال الإسرائيلى، ووقف المفاوضات معه، وتبنى حل الدولة الواحدة، وذلك فى مقابلة مع «نيويورك تايمز». ما يربو إليه طارق عباس والكثير من الفلسطينيين، هو أن يتحمل الإسرائيليون كلفة الاحتلال بدون أى حاجز بينهم وبين الفلسطينيين تمثله السلطة الفلسطينية، والتعامل مع القضية باعتبارها قضية تفريق عنصرى ضد الفلسطينيين، الذين يجب أن يحصلوا على حقوقهم السياسية الكاملة داخل الدولة الواحدة، ولكن من المؤكد على المستوى الرسمى الفلسطينى، استبعاد انخراط السلطة الفلسطينية فى مفاوضات سلام مع الإسرائيليين برعاية أمريكية، حتى بعد زوال العدوان على غزة. أيضا من تداعيات العملية الإسرائيلية على غزة، هو زيادة تماسك الأطراف الفلسطينية فى الضفة الغربيةوغزة بحكومة الوحدة الوطنية، حيث دعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لجموع الشعب الفلسطينى بالتماسك والوحدة عشية بدء العدوان. وبيانات كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكرى لحركه فتح، الداعمة لعمليات المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلى، والموقف الدبلوماسى الموحد من مفاوضات وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية فى غزة وإسرائيل تحت الرعاية المصرية والأمريكية. وهو ما يتزامن مع تعليقات القيادة السياسية لحركة حماس، بأن الهدف من العملية الإسرائيلية على قطاع غزة، هو تقويض سكان غزة من الحصول على ميزتين أساسيتين، وهما دفع مرتبات نحو 43 ألف موظف يعملون لدى حكومة حماس فى القطاع، والحد من إغلاق الحدود الموجودة مع مصر، وهو ما تم ذكره فى صحيفة «نيويورك تايمز» مع بدء العنوان الإسرائيلى أيضا.