فرض الفيس بوك وفنون الإنترنت نفسه على الأوساط السياسية والحقوقية فى مصر باعتباره وسيلة غير تقليدية لحرية التعبير اقتحمت ساحة التعبير فى مصر وتسببت فى حيرة وربكة سواء فى الأوساط الرسمية التى لم تجد بعد الوسائل التى تستطيع بها مواكبة هذا التطور أو مواجهته، أو فى الأوساط الشعبية التى وجدت فى هذا التطور متنفساً لها بعد سنوات طويلة من الصد والرد حول مفاهيم الحرية والديمقراطية. فى هذا الصدد نظمت جمعية ملتقى التنوير ندوة حول الفيس بوك وحرية التعبير بمركز هشام مبارك حضرها أحمد سميح مدير مركز الأندلس وحمدى الأسيوطى أمين لجنة الحريات بحزب التجمع وداليا زيادة مديرة مكتب منظمة المؤتمر الإسلامى الأمريكى فى مصر والمحامى أحمد سيف الإسلام والدكتورة سهير عثمان مدرس مساعد بكلية الإعلام جامعة القاهرة. أعرب حمدى الأسيوطى أمين لجنة الحريات بحزب التجمع عن استيائه الشديد من الحملة التى شنتها وسائل الإعلام ضد شباب الفيس بوك، والتى تؤكد من وجهة نظره على مدى تأثير هؤلاء الشباب على الأنظمة الفاسدة المستبدة التى ترتعش من أى فرد فى المجتمع يدلى برأيه. وأكد الأسيوطى على عدم وجود قوانين تحكم الإنترنت ووجود قوانين تحكم حرية الرأى والتعبير، قائلا "بما أن القانون يعتبر الفيس بوك منبرا ووسيلة علنية للتعبيرعن الرأى، فمن حقه التحكم فيه والسيطرة عليه من خلال كم كبير من المواد القانونية الموجودة فى عدة تشريعات منها قانون العقوبات وقانون المخابرات العسكرية وقانون الأحوال الشخصية ، فحتى مجرد الإمائة بالرأس مجرمة فى القانون". وصف أحمد سميح مدير مركز الأندلس موقف الحكومة من إضراب 6 أبريل قائلا " المشكلة الأساسية فى إضراب 6 أبريل أن الحكومة تعاملت مع الفنكوش، قاصداً موقع الفيس بوك، الذى يمثل للحكومة عدوا مجهولا". وقال مدير مركز الأندلس إن الحكومة تستخدم مع الشعب أسلوب المصادرة المادية والفكرية، مستشهدا بكتاب "علشان ماتضربش على قفاك " الذى صادرته الحكومة ومع ذلك قام الشباب بنشره على الإنترنت، بما فى ذلك من دلالة على أن "شباب هذا الجيل يرفض المصادرة وليس لديه أى استعداد لقبولها". وعن الإنترنت كوسيلة إعلامية أكدت الدكتورة سهير عثمان مدرس مساعد بكلية الإعلام جامعة القاهرة على أن الحكومة هى من فرضت هذه الوسيلة على الشعب ومنحته التسهيلات الممكنة ليصل لكل فئاته، قاصدة من وراء ذلك أن يكون وسيلة للإلهاء فقط ولكن ما فعلته انقلب ضدها، فالشباب وجد نفسه فى الإنترنت لأنه يشعر بالاغتراب داخل بلده واعتبره منبرا سياسيا واجتماعيا وثقافيا له، ولذلك فإن نسبة التمثيل السياسى للشباب داخل الأحزاب السياسية تمثل 1.7% طبقا لما نشرته صحيفة النيويورك تايمز. وعن الفيس بوك كموقع يحتل المركز الأول فى الاستخدام فى مصر بعد المحركات البحثية، قالت الدكتورة سهير" الفيس بوك جاءت فكرته من خلال شخص يدعى مارك طالب بجامعة هارفرد فى فبراير 2004 بهدف التواصل مع زملائه داخل الجامعة، ثم بدأ يتسع حتى وصل عدد المشاركين فيه إلى 70 مليون عضو حول العالم فى أقل من عامين". وأضافت الدكتورة أن الفيس بوك نجح فى عمل "وحدة إلكترونية " لكل الشباب وهى موازية لما فشل فيه العرب على مر السنين من عمل وحدة عربية أو حتى عملة عربية موحدة. وأعربت الدكتورة عن أسفها فى أن الحكومة بدأت تلتفت للإنترنت كمصدر يمثل خطرا كبيرا عليها وبدأت فى وضع تشريعات تقيد حريته وتمنت فى أن يظل الفيس بوك بنفس قوته حتى يستطيع فرض نفسه على مخططات الحكومة. أما داليا زيادة مديرة مكتب منظمة المؤتمر الإسلامى الأمريكى فى مصر فبدأت حديثها عن حركة التدوين فى مصر قائلة " إن الفيس بوك يعد امتدادا لحركة التدوين فى مصر بل إن لديه مساحة حرية أكبر من المدونات ومن قبضة الحكومة مما أفقدها السيطرة عليه وعلى أعضائه". وطلبت داليا مساندة الكبار للشباب بخبراتهم السابقة وتدريبهم على كيفية التواجد بشكل صحيح فى الشارع لأن الشباب يمثل نسبة 60 % من هذه الدولة. اختتم الندوة المحامى أحمد سيف الإسلام مؤكدا على نجاح دعوة الفيس بوك بشكل جزئى لإضراب 6 أبريل وإخفاق الدعوة لإضراب 4 مايو وذلك لعدة أسباب أهمها أنه لا يمكننا إقامة إضراب شهرى بالإضافة للتوقيت الخاطئ لوجود الامتحانات . وأوضح سيف الإسلام أن خطورة الفيس بوك كونه أخطر وسيلة إعلامية على الإطلاق لا يتوافر بها أى ضوابط أو وسائل منع للمعلومات كالصحف التى يتحكم بها رئيس التحرير، فالإنترنت صاحب القرار فيه هو الشخص نفسه بضغطة زر، ولذلك نجد أن الفيس بوك يشبه سوق عكاظ إلكترونى . وعن موقف الحكومة من الإضراب أكد سيف الإسلام أن الحكومة كانت "محتاسة " لأن مواجهة موقع على الإنترنت ظاهرة جديدة عليها. ووجه سيف الإسلام حديثه لمستخدمى الانترنت قائلا "أطالبكم بتسهيل مهمة الدفاع عنكم أمام القضاء باستخدام ألفاظ فى التعبير عن الرأى لا تضعكم تحت طائلة القانون، كما أطالبكم بالتخطيط لانتخابات موازية لانتخابات الحكومة من خلال الإنترنت للهروب من إبداع الحكومة فى عملية تزوير الانتخابات، وأخيرا أتمنى أن تكثفوا جهودكم لمواجهة ليس التشريعات الجديدة وإنما طريقة تعديلها التى تظل فى الظلام حت لحظة إقرارها".