دعونى فى البداية وقبل كل شىء أتوجه بخالص شكرى وتقديرى وعرفانى للشرطة المسئولة عن تنفيذ الأحكام فقد استطاعوا ببراعة فائقة وبقدرة منقطعة النظير ومهارة شديدة إلقاء القبض على سيدة فى عقر دارها وأمام جيرانها وأولادها ومعارفها وبالرغم من حملها طفلها الرضيع على كتفها استطاعوا ببسالة مذهلة وبروعة فى الأداء التمكن من السيطرة على هذه السيدة وأخذوها فى سيارة الشرطة وتوجهوا بها لقسم العمرانية وأودعوها بغرفة الحجز ولم يستطع أحد التدخل لإخراجها إلى أن يحين عرضها على هيئة النيابة الموقرة وكل هذا بسبب مبلغ 1000 عبارة عن وصل أمانة ولا حتى بأى ضمانات ممكنة، فماذا ستفيد الضمانات لو هربت مثلا وماذا سوف يحدث لها عندما تبيت فى وسط أخواتها هل ستكون نهاية المطاف؟ أخواتها فى الحجز ماذا بهن؟ ستات زى الفل يشرحوا القلب إشى آداب على سرقة على تسول على...... خليها تتسلى شوية بدل البيت وهم العيال. اعذرونى فقد انهمكت فى الكتابة ونسيت أن أخبركم لماذا حدث كل ذلك لهذه السيدة الفاضلة. لضيق الحال وقلة الدخل ومطالب الحياة كل هذا أدى بهذه السيدة أن تخرج إلى سوق العمل لتساعد زوجها المدرس البسيط ولتساهم فى زواج ابنتها الكبرى ولأسباب أخرى عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر الحوجة والعوزة. ذهبت السيدة إلى مصنع لتجارة الملابس الجاهزة واشترت منه بعض الملابس وذهبت لتعرضها على المعارف والأقارب والجيران لتبيع لهم وتكسب الربح الحلال البسيط لتسد أفواه أبنائها الجياع وتكسى أجسادهم العارية يعنى "نواية تسند الزير". ولأن هذه السيدة لا تريد سوى الحلال والكسب المشروع ولاتملك ثمن الإيجار لتؤجر محل فقد اختارت هذه الطريقة البسيطه للتجارة. وكم من مرة رأيتها بأم عينى فى عز الظهيرة ممسكة شنط وأكياس كبيرة مملوءة ملابس ومفروشات لتذهب إلى الموظفين والمدارس لتكسب قوت يومها بكل شرف وأمانة. وفى يوم من الأيام تعرضت هذه السيدة لعملية نصب من قبل سيدة أخرى طلبت منها بعض البضائع وأخذتها وهربت واضطرت السيدة لأن توقع على وصولات أمانة للمصنع لكى تتمكن من أخذ بضائع أخرى ومواصلة تسديد الوصولات، واستطاعت أن تقسط المبلغ وتسدده جزءا جزءا بانتظام وتستلف من اللى يسوى واللى مايسواش ولكن دائما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن. لم يتبق سوى وصل ب1000 جنيه وآخر ب7000 جنيه تأخرت عن موعد سدادهم ورفع المصنع الوصل للشرطة التى تحركت وبسرعة للقبض عليها. هذه السيدة ليست محتالة أو نصابة وتقوم بالدفع ورهنت كل شئ فماذا تفعل بعد ذلك، إنها لا تريد أن تتملص من الدفع وتعلم جيدا أن القانون لا يحمى مغفلين وتحاول أن تدفع بشتى الطرق وبأقصى قدر ممكن. أستحلفكم بالله لو هذه السيدة كانت أخت أحدكم أو أمه أو زوجته كان سيرضى بأن تبيت فى الحجز مع المجرمات والمتمرسات فى شتى أنواع الجرائم، فلماذا لم يتم حتى السماح لها بالبيات فى منزلها فى وسط أبنائها وبجوار زوجها وفى حضنها طفلها الرضيع إلى أن يتم عرضها على النيابة فى اليوم التالى؟ وهل أصبح السجن سهلا إلى هذه الدرجة؟ وازداد الإنسان رخصا ومهانة؟ أيها المسئول الذى طبقت نص القانون وبدقة منتهية النظير على هذه السيدة وتخليت عن روح القانون والرحمة التى هى أساس كل شىء. كيف استطعت النوم يا سيدى الفاضل؟ ألم تشعر ولو للحظة بوخز فى قلبك تجاه هذه المسكينة التى أخذتم منها طفلها الرضيع الذى لا يعرف طريق للغذاء سواها وسلمتموه إلى أبيه إمعانا فى قهرها وعذابها. ماذا لو كانت هذه السيدة مسئولة وليها ضهر كان حصل لها كل ده؟ فأين ياهيئة تنفيذ الأحكام الموقرة نواب القروض ورجال الأعمال الذين هربوا للخارج؟ هل لبسوا طاقية الإخفاء وهم يرحلون عنا، وكنتم فى وداعهم أم ركبوا الحلزونه وطاروا بعيدا أم أن هناك خيار وفاقوس. فمن أجل 1000 حجزت السيدة برضيعها فما بالكم بالملايين والمليارات إلى خرج بها الكبار اللى وكلينها والعة زى الشعرة من العجين. كفاية عجين.. كفاية هذه السيدة أخطأت فحاسبتوها حسابا شديدا وعذبتوها عذابا رهقا. كيف ثم كيف الخلاص من زمن لا يرحم الضعيف وينحنى أمام الظالم والمرتشى والسارق والهارب. لا أملك سوى أن أقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.