سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشعراء إذا حجّوا.. عمر بن أبى ربيعة "يتغزل" فى ابنة أمير المؤمنين.. والفرزدق يتحدى "الخليفة الأموى" ويمدح "حفيد الرسول".. و"أبو نواس": "لبيك إن الحمد لك"
يعرف الحج شرعاً بأنه قصد مكةالمكرمة، والمشاعر المقدسة للنسك تعبدا لله عز وجل، وفى التفاصيل يبٍقى الكثير حول زمن القصد وماهية هذه المشاعر وأحكامها ومشروعيتها.. وغيرها مما مرجعه الفقهاء وكتب الفقه، لكن هل كان الشعراء ملتزمين بهذا التعريف وأداء الطقوس، أم كانوا كعادتهم للحج عندهم مذاهب أخرى وتمردوا على هذه الطقوس؟ كان لعمر بن أبى ربيعة فى الحج مآرب أخرى، فكان بالنسبة له الموسم الخصيب المترع بالمغامرات النسائية ونصب شباكه لهن، فما من حاجة مليحة ولا عذراء فاتنة يقع عليها مجهر عمر بن أبى ربيعة إلا وكانت لها من معجمه الشعرى نصيب، والطريف أنه صور نفسه دائما فى شعره وتشبيبه فى موضع المُهام به وليس الهائم، وبلغت الجرأة بعمر بن أبى ربيعة أن تغزل فى فاطمة ابنة عبد الملك بن مروان زوجة عمر بن العزيز لما قدمت إلى مكة حاجة، ولكنه لم يذكر اسمها لأن عبد الملك كتب إليه يحذره من ذكرها فى شعره، ولما ارتحلت قال فيها: كدت يوم الرحيل أقضى حياتى/ ليتنى مت قبل يوم الرحيل/ لا أطيق الكلام من شدة الخوف/ ودمعى يسيل كل مسيل/ ذرفت عينها وفاضت دموعى/ وكلانا يلقى بلبّ أصيل/ لو خلت خلتى أصبت نوالا/ أو حديثا يشفى من التنويل/ لظل الخلخال فوق الحشايا/ مثل أثناء حية مقتول/ فلقد قالت الحبيبة لولا/ كثرة الناس جدت بالتقبيل. أما مجنون ليلى فقد أخذه قومه إلى الحج عله يعافيه الله ويبرأ من حبها، ولكن قيس يجعل صلاته كلها ودعاءه بأن يغفر الله ذنوب ليلى وأن يسعدها وألا يعيش لحظة واحدة لا يحبها فيها، وهناك أنشد يقول فيها: (دعا المحرمون الله يستغفرونه/ بمكة شعثا كى تمحى ذنوبها وناديت يا رحمن أول سؤلتى/ لنفسى ليلى ثم أنت حسيبها/ وإن أعط ليلى فى حياتى لَمْ يَتُبْ/ إلى الله عبدٌ توبةً لا أتوبُها/ يقر بعينى قربها ويزيدنى/ بها عجباً من كان عندى يعيبها/ فيا نفسُ صبراً لست والله فاعلمى/ بأول نفس غاب عنها حبيبها). ولما قدم قدم هشام بن عبد الملك للحج، وقد كان برفقته الشاعر الفرزدق والبيت الحرام مكتظ بالحجيج فى تلك السنة، ولم يفسح له المجال للطواف، فانتظر دوره وعندما قدم على بن الحسين زين العابدين، انشقت له صفوف الناس حتى أدرك الحجر الأسود، فثارت حفيظة هشام بن عبد الملك، ولما سأل عن هوية ذلك الشخص، ارتجل الفرزدق قصيدة يعلى فيها من شأن على بن الحسين ويعدد محاسنه، وأنشد قصيدته الشهيرة التى مطلعها: (يا سائلى أين حل الجود والكرم/ عندى بيان إذا طلابه قدموا/هذا الذى تعرف البطحاء وطأته/ والبيت يعرفه والحل والحرم/ هذا ابن خير عباد الله كلهم/ هذا التقى النقى الطاهر العلم/ هذا الذى أحمد المختار والده/ صلى عليه إلهى ما جرى القلم......). وشاعر الخمريات أبو نواس تتغير أشعاره عند أستار الكعبة 180 درجة ويتبدل بأبياته الماجنة أبيات توبة ودعاء وتلبية لله سبحانه وتعالى طلبا للرحمة والمغفرة، فيقول عندما ذهب إلى الحج مبتهلا: (إلهنا ما أعدلك/ مليك كل من ملك/ لبيك قد لبيت لك/ لبيك أن الحمد لك/ والملك لا شريك لك/ ما خاب عبد سألك/ لبيك أن الحمد لك/ أنت له حيث سلك/ لولاك يا رب هلك/ لبيك أن الحمد لك/ والملك لا شريك لك/ والليل لما أن حلك/ والسابحات فى الفلك/ على مجارى المُنسلك/ كل نبى وملك/ وكل من أهلّ لك/ سبح أو صلى فلك/ لبيك أن الحمد لك/ والملك لا شريك لك/ يا مخطئا ما أغفلك/ عجل وبادر أملك/ واختم بخير عملك/ لبيك أن الحمد لك/ والملك لا شريك لك). والشاعر البرعى فى حجه الأخير، أُخِذَ محمولاً على جمل، فلما قطع الصحراء مع الحج الشامى، وأصبح على بعد خمسين ميلاً من المدينة، هبَّ النسيم رطبًا عليلاً معطرًا برائحة الأماكن المقدسة، فازداد شوقه للوصول؛ لكن المرض أعاقه، فأنشأ قصيدة لفظ مع آخر بيت منها نَفَسَه الأخير.. ومما قال فيها: (يا راحلين إلى منى بقيادى/ هيجتمو يوم الرحيل فؤادى/......... فإذا وصلتم سالمين فبلغوا منى السلام أهيل ذاك الوادى/ قولوا لهم عبدالرحيم متيم ومفارق الأحباب والأولاد/ صلى عليك الله يا علم الهدى/ ما سار ركب أو ترجل حادِ). موضوعات متعلقة.. - وزير الثقافة فى أول حواراته الصحفية: من يدعون أننى جئت وزيرا للثقافة لأنى بكيت فى افتتاح القناة "شوية أوباش".. عارضت التوريث ووقفت أمام مبارك حينما كان الإخوان يلعقون حذاءه