أكد د.مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية خلال الندوة القضائية المشتركة التى عقدت بين محكمة النقض المصرية والمجلس الأعلى بالمملكة المغربية بعنوان "مواجهة تحديات الأحكام الدولية فى مجال مكافحة جرائم الاتجار بالبشر"، أن ظاهرة الاتجار بالبشر تعد الوجه المعاصر للعبودية التى عانى منها المجتمع الإنسانى منذ قديم الأزل، مشيراً إلى أنها تصنف كثالث أكبر تجارة غير مشروعة فى العالم بعد تهريب السلاح والاتجار فى المخدرات، حيث تحقق أرباحاً هائلة على حساب أكثر فئات المجتمع عرضة للاستغلال وهما الأطفال والنساء، كما أنها أحد أشكال الجريمة المنظمة عابرة الحدود ولهذه التجارة ثلاثة أنواع الاستغلال الجنسى السخرة أو العمل الإجبارى تجارة الأعضاء البشرية. وقال د.شهاب، إنه وفقاً للتقرير السنوى للخارجية الأمريكية الذى صدر أواخر العام الماضى أن الأزمة الاقتصادية العالمية أدت إلى زيادة حركة الاتجار بالبشر حول العالم والتى يقدر ضحاياها سنوياً ب12 مليون شخص من بالغين وأطفال يستعبدون للعمل قسرياً وينتهى المطاف بالعديد منهم فى الشرق الأوسط، كما أشار إلى أن هناك على الأقل 27 مليون نسمة فى العالم تتم المتاجرة بهم كسلع رخيصة فى الوقت التى لا تعطى غالبية الدول أرقاماً حقيقية لحجم الظاهرة بها. وأوضح د.شهاب، أنه فى ظل تفاقم الظاهرة كان على المجتمع الدولى التحرك لمواجهة تلك الظاهرة الخطيرة، فتم إبرام بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر المكمل لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الذى أقره مؤتمر باليرمو الدبلوماسى ووافقت عليه مصر 2003 الذى عنى باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الاتجار بالبشر ومعاقبة المتجرين وحماية الضحايا بعدة وسائل منها حماية حقوقهم الانسانية المعترف بها دولياً وتعزيز التعاون بين الدول الأطراف وتشمل أيضاً ملاحقة مرتكبى تلك الجرائم إذا ما وقعت الجريمة فى نطاق أكثر من دولة واتخاذ التدابير اللازمة لحماية الضحايا والعمل على إعادتهم إلى أوطانهم فى أسرع وقت ممكن وتبادل المعلومات والاستفادة من خبرات الدول المتوقعة على الاتفاقية فى سبيل مكافحة تلك الجريمة. وأكد د.شهاب، أنه انطلاقا من حرص مصر على حماية حقوق مواطنيها، سواء داخل أراضيها أو خارجها ووفاء لالتزاماتها الدولية فقد صدر منذ أيام القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر والذى يعد خطوة هامة لمواجهة الظاهرة، حيث يشتمل على مواد هامة منها إنشاء صندوق يتولى تقديم مساعدات مالية للضحايا الذين لحقت بهم أضرار بالغة وتشديد عقوبة مرتكبى تلك الجرائم التى تصل إلى السجن المشدد أو المؤبد إذا نتج عن الجريمة وفاة الضحية أو الإصابة بعاهة مستديمة أو إذا ارتكبت الجريمة جماعة إجرامية منظمة. وأضاف د.شهاب، أن القانون يتضمن أيضاً نفى المسئولية الجنائية عن الضحية فى حال حدوث جريمة مرتبطة بالاتجار، كما تضمن التزام الدولة بحماية الضحية فى جميع مراحل الاستدلال والتحقيق والمحاكمة وتوفير الأماكن المناسبة لاستضافتهم وتمكينهم من استقبال ذويهم وتيسير سبل عودة الضحايا غير المصريين إلى أوطانهم والتزام وزارة الخارجية من خلال البعثات الدبوماسية والقنصلية بتقديم كافة المساعدات الممكنة للضحايا من المصريين فى الخارج والعمل على إعادتهم لمصر فى أسرع وقت ممكن، كما أوضح أنه قد روعى فى القانون أن يكون متسقاً بالالتزامات الدولية التى وافقت عليها مصر، مشيراً أن القانون يصلح أن يكون نموذجاً تحتذى به الدول العربية. وشدد شهاب، أن مكافحة تلك الظاهرة يستلزم تضافر جهود الحكومة ومنظمات المجتمع المدنى التى يجب أن تساهم فى التوعية للحيلولة دون انتشار تلك الظاهرة إلى جانب تقديم برامج لرعاية وإعادة تأهيل ضحايا هذه الجرائم.