الأكاديمية العسكرية تحتفل بتخرج الدورة التدريبية الرابعة لأعضاء هيئة الرقابة الإدارية    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    رئيس جامعة القناة يتفقد امتحانات كلية الزراعة (صور)    الرقابة النووية: لا تغيير أو زيادة في الخلفية الإشعاعية داخل مصر    63 سيارة مجهزة.. إسعاف الشرقية يعلن الطوارئ لتأمين امتحانات الثانوية    شريف الشربيني يكشف تفاصيل مشروع توسعة وتطوير كورنيش الإسكندرية    بحث 81 شكوى في لقاءات خدمة المواطنين بقرى ومراكز الفيوم    رئيس الوزراء يتفقد مدرسة رزق درويش الابتدائية بزاوية صقر    طهران: لا مبرر لاستمرار المفاوضات النووية مع أمريكا    تل أبيب تلوّح بالهيمنة الجوية على طهران.. فهل تغيّر إيران معادلة الرد؟    خريطة MBC لمباراة الأهلي وإنتر ميامي في افتتاح المونديال    شرط جزائي بمليار يورو، ريال مدريد يحسم مصير مدافعه المتألق    رئيس منطقة الإسماعيلية يتابع سير امتحانات الثانوية بإدارة التل الكبير (صور)    باختيار الجمهور، السياحة تعلن القطع الأثرية لشهر يونيو بالمتاحف    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل بزاوية صقر    يسرى جبرى يرد على من يقولون إن فريضة الحج تعب ومشقة وزيارة حجارة    حصاد حملة "تأمين شامل.. لجيل آمن" بأسوان: تسجيل بيانات 10 آلاف ملف عائلي    رانيا المشاط: اختيار مصر ضمن 7 دول للاستفادة من برنامج صندوق الاستثمار في المناخ بقيمة مليار دولار    الضربة الإسرائيلية لإيران.. طهران تواجه صدمة استخباراتية عقب اغتيال قاداتها العسكريين.. انهيار شبه كامل لمنظومة الدفاع الجوي    فنانو المسرح يودعون المخرج سعيد عزام: «ربنا يعوضك في آخرتك عن دنياك»    باستخدام المنظار.. استئصال جذري لكلى مريض مصاب بورم خبيث في مستشفى المبرة بالمحلة    إزالة 654 حالة ضمن الموجة ال26 لإزالة التعديات ببنى سويف    مواطن لرئيس الوزراء: "بنتي اتعمت".. ومدبولي: "هنعمل اللازم فورًا"    تأجيل محاكمة " أنوسة كوتة" فى قضية سيرك طنطا إلى جلسة يوم 21 من الشهر الحالي    إجرام واستعلاء.. حزب النور يستنكر الهجمات الإسرائيلية على إيران    غدا..بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    القبض على شخص أطلق النيران على زوجتة بسبب رفضها العودة اليه بالمنيا    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    تحذير لطلاب الثانوية العامة: تجنبوا مشروبات السهر والتركيز لهذه الأسباب    ضبط 3 عاطلين وسيدة بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    وزير التموين: توافر كامل للسلع الأساسية ومدد الكفاية تفوق 6 أشهر    وزير الري يؤكد توفير الاحتياجات المائية بمرونة خلال ذروة الصيف    جوليانو سيميوني: جاهزون لمواجهة باريس سان جيرمان    بسبب الضربات الجوية.. تقارير: مهدي طارمي غير قادر على الالتحاق ببعثة إنتر في كأس العالم للأندية    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: مستشفيات تل أبيب استقبلت عشرات المصابين    إليسا وآدم على موعد مع جمهور لبنان 12 يوليو المقبل    "الحياة اليوم" يناقش آثار وتداعيات الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران    محافظ الشرقية يقرر عودة سوق اليوم الواحد بمراكز ومدن المحافظة    صحة غزة: 90 شهيدا و605 إصابات جراء العدوان آخر 48 ساعة    وكيل تعليم الإسماعيلية يجتمع برؤساء لجان الثانوية العامة    خبراء: مصر آمنة وبعيدة عن الأعاصير.. وما يحدث بمدن السواحل الشمالية مجرد منخفضات جوية    استعراض خطير على الطريق الدائري بالقاهرة.. والشرطة تتمكن من ضبط السائق    خاص| سلوى محمد علي: سميحة أيوب أيقونة فنية كبيرة    ريال مدريد يحصن مدافعه الشاب راؤول أسينسيو بعقد حتى 2031    عمليات جراحية دقيقة تنقذ حياة طفلة وشاب بالدقهلية    الطبيب الألماني يخطر أحمد حمدي بهذا الأمر    مدرب إنتر ميامي يراهن على تأثير ميسي أمام الأهلي    اليوم.. الحكم على متهمة بالانضمام لجماعة إرهابية بالهرم    «عمال الجيزة»: اتفاقية الحماية من المخاطر البيولوجية مكسب تاريخي    على غرار ياسين.. والدة طفل تتهم مدرب كاراتيه بهتك عرض نجلها بالفيوم    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    إعلام عبرى: ارتفاع عدد المصابين إلى 7 أشخاص جراء الهجوم الإيرانى    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



72 ساعة فى أسوان
نشر في اليوم السابع يوم 31 - 07 - 2015

"لما تيجى سيرة أسوان تلقى الجمال أشكال وألوان خدها من السباعية فى إدفو ولآخر النيل قبل السد وبعد الخزان".
ربما الكلمات الصغيرة السابقة هى ملخص سريع لحديث مطول عن تلك المحافظة الساحرة أنها أسوان، وأسوان ولمن لا يعلمها هى آخر محافظة فى الجمهورية من الناحية الجنوبية، السباعية هى أول قرية بمركز إدفو من ناحية الشمال ونهايتها خزان أسوان والسد العالى، وهى أكثر محافظة فى مصر تتعرض لذلك الارتفاع المميت من درجات الحرارة، وأيضا لأشياء أخرى سأذكرها تباعا.
فكما لتلك المحافظة بريق ساحر ورحيق أخاذ إذا ما استنشقته للوهلة الأولى، فكان غريبا جدا أن أتوجه إلى تلك المحافظة فى أصعب فصول السنة، وخاصة ونحن فى أعلى درجات الحرارة ارتفاعا، ورغم ذلك لم أشعر على الإطلاق أننا لا نزال فى فصل الصيف فأشياء أخرى كثيرة تغنيك عن الالتفات إلى حرارة الجو أو محاولة الهروب منها بإطفائها فى مياه الساحل الشمالى أو الإسكندرية.
دعنى أخبرك أولا عن ذلك المنظر الساحر، الذى تراه أمام عينيك وأنت تقف على كورنيش النيل فالمياه الزرقاء الصافية، والمراكب الشراعية، التى تأخذك إلى عالم آخر من السحر والجمال والمتعة والصفاء الذهنى، لايمكن أن تشعر بالوقت على الإطلاق وأنت تنظر إلى تلك الطبيعة، التى تحاط فيها زرقة المياه بصفار الجبال، التى تحيط النيل.
هدوء المدينة وحدائقها، تناغم وتناسق كل شىء طبيعة مفرطة تجعلك تشعر أنك تقف أمام لوحة فنان أبدع فى رسمها فأحسن تصويرها.
فمما لاشك فيه أن طبيعة المنطقة الجغرافية لها تأثير السحر على قاطنيها، سواء كان زحاما وضوضاء أو تلك الأبراج الشاهقة، التى تعتم الرؤية، أو العكس منطقة هادئة ومناظر طبيعية، ومنازل تعطيك مساحة أكبر لإمتاع النظر.
وهذه كانت بالنسبة لى أولى النقاط، التى وضعتها فى ملاحظاتى على مدينة السحر، فمحافظة تتمتع بكل هذه الطبيعة الخلابة والهدوء، الذى يجعلك تبحث عن مصدر واحد للضوضاء، ليس بالصعب عليها أبدًا أن تجد الابتسامة لاتفارق سكانها، أناسًا أقل ما يمكن أن يقال عنهم أنهم مثال للطيبة وللخلق الكريم.
فصغيرهم قبل كبيرهم مستعد لتقديم أى خدمة فى أى وقت، وليس عليك إلا أن تقول إنك ضيف ولا أنصحك إطلاقا أن تفصح بأنك تحل ضيفا على المدينة، فواجب الضيافة لديهم له اعتبارات أخرى تختلف عن أى محافظة أخرى، فهم يقدمون واجب الضيافة بشكل إجبارى وليس لديك فرصة للتردد أو الرفض والاختيار، ليس عليك بعد الاستجابة والخضوع للأمر الواقع لتلقى واجبك كضيف لديهم إلا أن تصرخ بأعلى صوت لديك وتقول أغيثونى فلم يتبق لدى مساحة لتتلقى معدتى أى أنواع أخرى من المشروبات والأطعمة.
يقدم أهالى أسوان وجبات مختلفة ولها طعمها المميز وأسماؤها الخاصة فأكثر ما لفت نظرى مشروب الأباريق وهو فى حقيقة الأمر مشروب صعب الوصف، نظرا لطعمه الرائع وقيمته الغذائية، وهناك مشروبات عديدة يتميز بها أهالى أسوان مختلفة الأسماء والطعم منها الكركديه، والدوم، والخروب، والتمر الهندى الثمر، تقدم تلك المشروبات بشكل مختلف عما عاهدناه وبمذاق رائع.
وكما أنهم يقدمون المشروبات بشكل مميز فهم لهم لمساتهم الخاصة فى تقديم أنواع مختلفة من الأطعمة ذات الرائحة المميزة والطعم المدهش بدون أى إضافات صناعية فكل مكونات أطعمتهم من الطبيعة، والطبيعة فقط بدون إضافات أخرى لتخرج الأطعمة فى أجمل صورة وأشهى طعم وخاصة الدوكة، الكشنة، الأسماك النيلية الطازجة بكل أنواعها، الأسماك المملحة بكل أنواعها، السخينة، وغيرها من الأطعمة، التى لايمكن أن تتذوقها إلا على أيدى النوبيين أو أهل أسوان.
الطيبة وخفة الظل والروح المرحة أهم ما يميز هؤلاء الأشخاص، بعيدون كل البعد عن تلك المهاترات، والضجيج والصخب تجدهم على مدار اليوم لا يشغل تفكيرهم سوى السعى وراء لقمة العيش كلٍ فى عمله أو فى محل تجارته، أو فى مهنته أيًا كانت يتحدثون فى السياسة فى وقت فراغهم، الأحداث الضخمة والهامة فقط هى ما يستمعون إليها على المقاهى والكافتيرات، وفى نشرات الأخبار، لا يشغل بالهم الحديث عن أى تيار حزبى أو سياسى، يعملون بكل شىء دون خجل أو تعالى فالتواضع سمة غالبة على أخلاقهم خلقوا من التراب وإليه عائدون ولذلك فإنه حتى قبورهم هى القبور الشرعية فى الأرض، لأنهم يؤمنون بأن تلك هى النهاية الطبيعية للإنسان، فلا وقت يضيع فى الضجر والضيق، ولذلك الابتسامة لا تفارق وجوههم ولا وقت يضيع فى اللهو فأنا رأيت التدين والإيمان فى معاملاتهم فى أبهى صورة، كما علمنا الرسول الكريم صلوات الله عليه، من حسن ضيافة وكرم أخلاق، وحسن معاملة واستقبال، وتواضع، وتبسم، ومصداقية، فلم أصادف مستغل فى وسيلة مواصلات أو فى أحد المحلات الأمر لديهم أمانة حتى وإن كنت ضيفا لا تعرف الكثير عنهم نعم إنها أسوان.
عبق الروائح التى تمر من بينها وأنت تمر بالشواربى فى مدينة أسوان، أو القيصارية فى مركز كوم إمبو تشعرك وكأنك فى عالم آخر، فروائح البهارات، والزيوت العطرية، المختلطة بالبخور السودانى والعطور السودانية الرائعة، تأخذك بعيدا جدا إلى راحة نفسية متناهية وشعور غير طبيعى بالسعادة، تغيير كلى يحدث فى حالتك النفسية وتفاعل مدهش يحدث داخلك بمجرد استنشاقك لتلك الروائح.
العطارة بأسوان لها شكل خاص، فالأسماء التى توجد بمحلات العطارة صعبة الحفظ والفهم ولابد وأنت تقصد محل إن تكن تعلم جيدا ماذا تريد لأنك وإن قررت الدخول للفضول ليس أكثر فأمامك خياران لا ثالث لهما أما إنك ستقم بصرف آخر جنيه تمتلكه أو أنك تدخل محلات العطارة تلك بدون نقود لأنك وبمنتهى البساطة، ستجد ما تتوقعه وما لم تتوقعه فمحلات العطارة فى أسوان هى صيدليات الأعشاب والعلاج الطبيعى فلديهم دواء لكل داء، ولكل مشكلة من الطبيعة أسماء غريبة ومختلفة للأعشاب، وزيوت كثيرة لا عد لها ولاحصر يقصدها الذاهب والآيب لكل منها استخدامه فى الحياة اليومية أو فى العلاج.
لم أسمع وأنا أمر فى شوارعها سوى الكينج محمد منير، فهو المطرب الأول لديهم حتى أن صورة تغرق المحلات فقلما تجد محلا لم يتصدر مدخله صورة أو اثنتان للكينج، وتفرض الأغانى النوبية وأغانى الكف أيضًا نفسها على الشوارع ووسائل المواصلات، والتوك توك الذى يستخدم فى أماكن معينة فقط وخاصة المراكز.
الغريب فى الأمر أننى لم أسمع طوال تجولى فى المحافظة أغنية من المهرجانات مثلا أو الأغانى الشعبية، التى نسمعها طوال اليوم فى الشوارع لدينا ووسائل المواصلات، ولذلك فإن أعصابهم دائما هادئة ومتزنة ففنهم الشعبى المختلف يزيدهم هدوءا وصفاء نفسيا، إنها أسوان.
أسوان كمحافظة سياحية بها كل المميزات السابقة، بها أيضًا العديد من المشكلات فمحافظة تمتلك كل هذا السحر ويمر سكانها بظروف اقتصادية صعبة أمر مثير للضيق، فالسياحة هى مصدر الدخل الأول لسكان تلك المحافظة المقيمين فيها والنازحين إليها، فعلى الرغم من منظر النيل الأخاذ إذا ما نظرت إليه إلا أنك تجد المراكب الشراعية تقف وكأنها حزينة فى وسط النيل فقص لى أحد المراكبية حالهم منذ عدة سنوات، بعد أن كانت تلك المراكب لاتتوقف عن العمل نهارًا أو ليلا وتتجول بفرح وسط النيل من وإلى جزيرة النباتات أو معبد فيلة أو من وإلى مركز كوم إمبو ذهابا وعودة والدفع إليهم بالدولار وانتعاش المحافظة الاقتصادى وحالهم الآن بعد أن أصبحوا يقفون فى مرسى النيل بالأشهر دون عمل ودون مصدر دخل، بل ورضاهم بأقل القليل حتى يكون هناك أى دخل.
المحافظة بها أماكن سياحية تغنيك عن السياحة خارج مصر، منها جزيرة النباتات الوحيدة من نوعها بقارة إفريقيا، والتى يوجد بها أنواع فريدة ونادرة من النباتات، ومعبد أبو سمبل، ومعبد فيله، والمتحف النوبى، ورمز الصداقة، ويعتبر السد العالى من الأماكن السياحية بالمحافظة أيضًا، وهناك العديد من الجزر مثل جزيرة البرابرة، وجزيرة هيصة، والقرية النوبية، وحديقة فريال المعلقة، ومتحف أسوان، وأبو الهوى، ومعبد إدفو، ومسجد الطابية، وغرب سهيل، وشارع الشواربى، ومعبد كلابشة، وجزيرة فيلة، وعلى الرغم من أن الأماكن سالفة الذكر هى ثروة سياحية هائلة يمكن جنيها من السائحين الأجانب، وإن كانت قد تضاءلت جدا بسبب الظروف، التى تمر بها الدولة إلا أنه حتى السياحة الداخلية فيها شبه متوقفة، فيجب على شركات السياحة تنظيم رحلات داخلية لتلك الأماكن لتنشيط السياحة بها حتى تستقر الأمور تدريجيا وتعود إلى طبيعتها فى الأمن والأمان، ويستمتع الجميع من داخل مصر وخارجها بمدينة السحر أسوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.