حقق قطاع الاتصالات المتنقلة فى أفريقيا نموا كبيرا، هذا ما أكده تقرير الاتحاد الدولى للاتصالات الصادر عن مؤتمر ومعرض " أفريكا تليكوم" والخاص بمؤشرات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى أفريقيا لعام 2008، والذى يعد مرجعا لا غنى عنه لإعلام وتوجيه مقررى السياسات والمستثمرين والمحللين وغيرهم من المراقبين فى عالم الاتصالات فى أفريقيا. ويتضمن التقرير استعراضا عاما وشاملا للتطورات الرئيسية فى هذا القطاع كما يتضمن عددا من التوصيات الهادفة إلى دعم وتعميق النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى المنطقة. وتضمن التقرير عدة نقاط عن أحوال قطاع الاتصالات خلال الفترة الماضية، بالإضافة لبعض التوصيات للارتقاء بهذا القطاع. ولا تزال أفريقيا هى المنطقة التى تحظى بأعلى معدل نمو سنوى فى عدد المشتركين للهواتف المحمولة وأضافت إليهم مالا يقل عن 65 مليون مشترك جديد خلال عام 2007. وفى أوائل عام 2008 كان هناك قرابة ربع مليار مشترك للهواتف المحمولة فى أنحاء القارة. وارتفع معدل تغلغل استخدام المحمول بنسبة 50:1 شخص فى بداية هذا القرن إلى أن أصبح يغطى قرابة ثلث سكان القارة الآن، كما أن هناك الآن حالة من التوزيع المتكافئ أكثر من ذى قبل للمشتركين. ففى عام 2000، مثلت جنوب أفريقيا ما يربو عن أكثر من نسبة النصف بالنسبة إلى عدد المشتركين لخطوط المحمول فى كل أنحاء القارة، فى حين أنه بحلول عام 2007 كان هناك قرابة 85% من المشتركين فى بلدان أخرى . وقد أدى النجاح الذى حققته تجارة المحمول إلى نشوء خدمات جديدة من قبيل إعادة تغذية الرصيد بمدفوعات صغيرة، والسعر الموحد للتجوال بين عدة مناطق، والتعامل مع طلبات التجارة عن طريق المحمول. فى الوقت الذى زادت فيه فرص النفاذ إلى خدمات المحمول بتكلفة ميسورة، لم تكن الحال على هذه الشاكلة عموما بالنسبة إلى الانترنت وتشير التقديرات إلى أن عدد مستعملى الإنترنت فى أفريقيا عام 2007 بلغ 50 مليون مستعمل، وهو عدد يمكن ترجمته إلى نسبة شخص واحد من بين كل عشرين شخصا. كما تشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف مستعملى الإنترنت فى المنطقة موجودون فى بلدان شمال أفريقيا. وفى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لا يستعمل الإنترنت سوى نسبة 3%من السكان، وهناك ارتفاع فى الأسعار بسبب ندرة عرض النطاق الدولى للإنترنت وانعدام نقاط تبادل الإنترنت، وأسعار الإنترنت فى أفريقيا، التى هى أفقر مناطق العالم. وأغلاها فى العالم و يبلغ المتوسط الشهرى للإنترنت فى أفريقيا نحو 50 دولارا أمريكيا ، أى ما يعادل قرابة 70 % من متوسط الدخل بالنسبة للفرد. وعلى الرغم من الارتفاع الشديد فى أسعار النطاق العريض بالمقارنة مع مستويات الدخول. فإن متوسط الأسعار بالنسبة لأفريقيا يخفى وراءه بعض التباينات الهامة، فالمغرب على سبيل المثال، لا يتمتع فقط بواحد من أعلى معدلات تغلغل النطاق العريض فى أفريقا، ولكن أيضا بأقل أسعار للنطاق العريض ، حيث تبلغ 18 دولارا أمريكيا فى الشهر لاتفاق شامل بسرعة 256 كيلو بايت/ثانية . وقد شاع استخدام النطاق العريض فى المغرب إلى حد أنه بحلول نهاية عام 2007 ، كان ما يربو على 95%من مشتركى الإنترنت يستخدمون وصلات السرعة العالية. أشار التقرير إلى أنه إذا كان لاستعمال النطاق العريض فى أفريقيا أن يسود بصورة أكبر، فإنه من المحتمل أن يتحقق ذلك عن طريق تكنولوجيات اللاسلكى من قبيل الاتصالات المتنقلة من الجيل الثالث وتكنولوجيا الواى ماكس. وفى موريشيوس وجنوب أفريقيا، يفوق الآن بالفعل عدد مشتركى الجيل الثالث عدد المشتركين فى النطاق العريض الثابت. وفى سبتمبر 2007 بلغ عدد المشتركين فى شبكات الجيل الثالث فى جنوب أفريقيا 1,8 مليون مشترك ، بالمقارنة مع 335000 مشترك فى الخط الرقمى اللا تناظرى للمشترك(ADSL). وأفادت شركة فوداكوم فى جنوب أفريقيا بأن أكثر من 10% من مشتركى الجيل الثالث لديها يستخدمون بطاقات البيانات لإقامة وصلات فى الحواسب المحمولة، الأمر الذى يعكس مدى ذيوع تكنولوجيا الجيل الثالث كطريقة للنفاذ إلى النطاق العريض. وانتقلت الآن تكنولوجيا الواى ماكس من مرحلة الاختبار التجريبية إلى مرحلة الانتشار التجارى فى عدد من البلدان الأفريقية. سيؤدى انتشار تكنولوجيات اللاسلكى عالية السرعة إلى تكثيف المنافسة فى مجال النطاق العريض فى أفريقيا. وهناك من الدلائل ما يشير إلى خدمات النطاق العريض فى أفريقيا أقل سعرا فى البلدان التى قامت بنشر تكنولوجيا النطاق العريض الثابت واللاسلكى على السواء. وأصبح توفير المهاتفة الصوتية عن طريق الهواتف العمومية المدفوعة التكلفة أمرا سائدا فى بعض البلدان الأفريقية. وأدى تحرير القيود التنظيمية على أسواق الهواتف العمومية تلك إلى حدوث طفرة فى أعداد أصحاب المشاريع الحرة الذين يقومون بإعادة بيع الخدمات الهاتفية وأدى أيضا ازدهار الهواتف المتنقلة إلى إيجاد سوق ضخمة غير رسمية لإعادة بيع وقت الإرسال المخصص للمحمول. وهذا النوع من النفاذ العام يتعين تكثيفه فيما يتعلق بالنفاذ إلى الإنترنت. ذلك أن مستويات تملك الحواسيب المنزلية والاشتراك فى الإنترنت متدنية للغاية فى أفريقيا وستظل كذلك لأعوام كثيرة مقبلة. ولن يتحقق الارتفاع فى مستويات النفاذ إلى التكنولوجيات المعلومات والاتصالات إلا من خلال توفير مرافق عامة مثل مقاهى الإنترنت والمدارس. ويلزم تنفيذ برامج عملية لتنشيط النفاذ بصورة هائلة عبر المرافق العامة، بما فى ذلك التحرير التام لإجراءات الترخيص الخاصة بانفاذ العام من أجل تيسير إنشاء مرافق يتولى تشغيلها أصحاب المشاريع الحرة وينبغى أن يرتبط ذلك ببرنامج الحكومة الإلكترونية بما يكفل ضمان تفاعل المواطنين الكترونيا مع حكوماتهم . وأكد التقرير أن الافتقار إلى الطاقة الكهروبائية يشكل أحد العوائق الخطيرة التى تعترض سبيل نمو أسواق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى أفريقيا. وتؤدى حالات النقص فى الطاقة وانقطاع الكهرباء إلى ارتفاع التكاليف، إذ يتعين على شركات التشغيل مواصلة تشغيل مولداتها الكهربائية الخاصة بها. ومع اقتراب نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة تقف أفريقيا عند مفترق طرق، حيث يواجه مقررو السياسات فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات خيارات هامة. وفى الوقت الذى حقق فيه قطاع الاتصالات المتنقلة نمواهائلا ، فإن مواصلة قوة الدفع وتوسيع نطاق النفاذ فى المجالات التى تتخلف فيها أفريقيا عن الركب ، مثل الإنترنت والنطاق العريض لن يكونا بالأمر اليسير. واكتساب المزيد من المستخدمين إنما يعنى استهداف الشرائح المنخفضة الدخل من السكان. وهؤلاء العملاء المحتملون عرضة للتأثر الشديد بالأسعار ويمكن لأى فروق بسيطة أن يكون لها تأثير كبير عليهم. وسيكون تخفيض الأسعار أحد العوامل الرئيسية لتوسيع فرص النفاذ أمام المزيد من الأفارقة. ويمكن للحكومات أن تشارك بنصيبها فى ذلك عن طريق تخفيض الضرائب وأسعار التوصيل البينى والتكاليف التنظيمية . زيادة تعميق التحرر من القيود التنظيمية عن طريق اتخاذ إجراءات من قبيل إلغاء الحالات المتبقية من الاستئثار بدخول السوق وتخفيض رسوم منح الترخيص وتوخى التبسيط والشفافية فى إجراءات الترخيص.