سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
من يقف وراء فبركات "ضباط البيجامة الميرى"؟.. مفبركات صبرى ياسين طالت حمدين صباحى وهو ما ينتقص من شرعية الدولة ويظهرها كأنها تخوض المعارك مع السياسيين بأساليب مشبوهة
أيام مرت على نشر التقرير الأول عن ذلك المزور صبرى ياسين الذى يدعى أنه عقيد متقاعد، وأنه يأتى بمستنداته المزورة من جهات سيادية تخصه وحده بها، مفتريًا بذلك النهج المخرب على رجال شرفاء فى مؤسسات الدولة، يجتهدون بقدر استطاعتهم من أجل حماية مصر، والعمل على استقرارها.. أيام مرت وتتحرك مؤسسات الدولة من أجل إيقاف الإساءة التى تتلقاها يوميًا من بقاء شخص كهذا يروج لهذه الأكاذيب، أكاذيب من يسمى نفسه «العقيد متقاعد صبرى ياسين»، ويحسب نفسه على الأجهزة الأمنية، وهو فى الحقيقة يزعزع الأمن بفبركاته، ويشعل الفتن السياسية والوطنية، ويرسخ لأن تصبح مصر مرتعًا للأحقاد والضغائن والكراهية والغش. بقاء حالة كهذه دون اقتلاع يؤكد أن هناك فى مؤسسات الدولة من يدعمها ويشجعها، بل ويستخدمها فى تحقيق أهدافه. ومن يتأمل هذه الحالة من التزوير العلنى سيتأكد أن هذه الشخصية تهدف فى الأساس إلى تشويه مصر كلها، فأكاذيب هذا المزور تطال الجميع، إعلاميين وسياسيين وشخصيات عامة ومسؤولين، تراه على صفحته الشخصية متقمصًا دور «الإله» الحاكم، متخيلًا أنه هو الذى يقيل المحافظين، ويعين مديرى الأمن، ويوجه الإدارة السياسية للدولة. وفى هذا السياق تصبح فبركات صبرى ياسين ممهورة بخاتم الدولة، وتصبح معاركه باسم الدولة أيضًا، ومن هنا تتخذ المزورات التى ينشرها «ياسين» لتشويه المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى أبعادًا أخرى، منها أن الدولة تنتقص من شرعيتها باللجوء إلى أساليب غير شرعية فى مواجهة طرف سياسى، ومنها أن مصر عادت إلى الوراء عشرات السنين حينما كان زبانية مبارك يكرسون كل مجهودهم لتجريف الحياة السياسية، وإصدار حكم بالإعدام السياسى على كل من يتطاول ويفكر فى الوصول إلى أعلى مراتب السلطة. «مزورات» مفضوحة لا تحتاج إلى تعب أو مجهود لإثبات أنها مزروة، وأن رائحة التزوير تفوح منها فتزكم الأنوف، لكن للأسف تنتشر هذه «المزورات» لعدة أسباب، أهما أن هناك صفحات منسوبة إلى جهات أمنية تروج لها، وأن هناك بعض القنوات الفضائية تتعامل مع هذه المزورات باعتبارها حقائق، ومن هنا تكتمل المأساة، ويكتسب التزوير شرعيته.. رجل محسوب على الجهات الأمنية يزور مستندات، صفحات منسوبة للشرطة المصرية تروج لها، وقنوات فضائية ووسائل إعلامية تتعامل مع هذه المزورات باعتبارها حقائق، وفى وضع كوضعنا، وفى بلد ترتفع فيه المستويات الأمنية إلى أكثر من %40، كما تنتشر فيه الأمية الثقافية بين أوساط المتعلمين بطريقة مرعبة، ووسط صمت من جهات البحث والتحقيق، ومراجعة البلاغات، فطبيعى أن تنتشر مثل هذه الأكاذيب مما قد يورط الدولة ورجالها فى معارك لا طائل منها، ولا مردود سوى المزيد من الاضطراب. هل سمعت فى يوم من الأيام أن المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى تلقى تمويلًا ماليًا بملايين الدولارات من إيران؟ هل سألت نفسك ما أصل هذه المعلومة؟ إليك القصة.. فقد حاول صبرى ياسين الذى يدعى أنه رئيس جمعية المحاربين فى أوروبا أن يمد بعض الفضائيات المشبوهة، والجرائد التافهة بمادة ثرية من الأكاذيب فى صورة «وثائق»، وللحق فقد بذل هذا الشخص مجهودًا كبيرًا للإيحاء بصدق أكاذيبه، لكن تظل الأكاذيب أكاذيب حتى لو كانت مختومة وموقعة. لو حسبت مجموع الأموال التى تلقاها حمدين صباحى وفقًا لهذه المستندات المزورة، لظننت أن حمدين قد أصبح من أغنى أغنياء مصر، فإحدى هذه المزورات تزعم أن صباحى تلقى 50 مليون دولار، أى حوالى 400 مليون جنيه، من بنك يسمى بنك صادرات إيران، موجهة إلى بنك آخر تحت اسم البنك السعودى الفرنسى، وقد نسى هذا المزور أن مبلغًا كهذا كفيل بأن يشعل كل المصابيح الحمراء فى غرف مراقبة الأموال فى العالم، وأن أى بنك سعودى، أو أى بنك على الأراضى السعودية لا يستطيع أن يقبل عملية كهذه، لأنها عملية ضخمة ذات أغراض سياسية تتعارض مع السياسة العامة للملكة العربية السعودية المعروفة بعدائها التاريخى لإيران، وأن السعودية ومصر كانتا فى حالة تنسيق دائم فيما يتعلق بالتحويلات النقدية، خاصة للشخصيات السياسية، وخلاف كل هذا نسى هذا المزور أنه لو كانت هذه الورقة المفبركة صحيحة لما نام حمدين صباحى يومًا فى بيته، لأن القوانين المصرية، ومنها قانون مكافحة غسل الأموال، تجرم حصول الشخصيات السياسية على أموال من الدول الأجنبية، فما بالك لو كانت هذه الدولة هى إيران؟! مفبركة أخرى من مفبركات صبرى ياسين يبدو أنه اجتهد كثيرًا فى صنعها وإتقانها، لكن لأن «الكدب ملوش رجلين» وقع الكذاب الأشر صبرى ياسين فى خطأ مفضوح عصف بتلك الورقة ومصداقيتها، ويدعى هذا المزور فى ورقته المفبركة أن بنك ليبيا المركزى أصدر قرارًا بتحويل مبلغ 473 ألف دولار لإحدى الشركات العقارية فى مصر، لتمكين «صباحى» من شراء عقارات على أرض مصر، وقد تجلى الخبل الحقيقى فى هذه الورقة المفبركة فى أمرين، الأول أنه لا يجوز أن يتم تحويل مبلغ كهذا من بنك خارج الأراضى المصرية إلى شركة تعمل على أرض مصر مباشرة، وأنه لابد أن يمر هذا التحويل الضخم على البنك المركزى المصرى، ثم إلى أى بنك مصرى آخر. ثانيًا، إنه من المستحيل أن يخاطب البنك المركزى الليبى حمدين صباحى واصفًا إياه ب«الأخ حمدين»، فلا وجود فى المعاملات المالية الرسمية لمثل هذه الصفات، وأولًا وأخيرًا فإن قوانين غسل الأموال تضع أى تحويلات مالية كبيرة تحت المراقبة، فكيف مر تحويل كهذا دون علم البنك المركزى المصرى؟ يمضى هذا المسمى بصبرى ياسين فى التشهير بصباحى وحملته الانتخابية بالعديد من التهم المدعومة بمستندات مفبركة على كل صنف ولون، لكن أكثرها تفجيرًا للضحك هى تلك الورقة التى تكاد تكون نسخة طبق الأصل من الورقة التى عرضناها فى الحلقة السابقة من هذه السلسلة، والخاصة باتهام الزميل خالد صلاح، رئيس تحرير «اليوم السابع»، بأنه عميل أمن دولة، وكأن من صنع هذه الورقة هى «أمن دولة صبرى ياسين فرع ليبيا»، وفيها كل الأكاذيب الموضوعة فى صورة بيانات، من أول تاريخ التعامل حتى الضابط المكلف بالتعامل وحتى تقدير درجة العمالة، وهى ورقة تدل على فقر الخيال وانعدام الرؤية. أما عن اتهام حمدين بالتعاون مع التنظيم الدولى للإخوان المسلمين فحدث ولا حرج، فقد تفتق ذهن صبرى ياسين عن ضرورة تزوير بضع أوراق فى هذا الشأن، فظهر فقر خياله، وضحالة رؤيته بشكل مضحك إلى حد البكاء، فلا يوجد فى العالم كله جاسوس بمثل هذا الخطل الذى يدلى بكل المعلومات وتاريخها ومستقبلها فى ورقة واحدة، فقد دأب صبرى ياسين على إيراد كل التهم فى كل خطاب يفبركه متهمًا حمدين بالتعاون مع التنظيم الدولى للإخوان، ولابد أن تحمل كل «مفبركة» تذكيرًا بضرورة التعاون مع الجماعة فى القاهرة، أو تذكيرًا بموعد ما، وهو ما يؤكد أن مثل هذه المستندات مزورة بطريقة فجة، وكذلك التى تتهمه بالتعاون مع حزب الله وإيران، والتى يطلب فيها مساعدات مالية أو زيادة مكافأة التخابر، وهى الطلبات التى ستجدها فى ذيل كل ورقة يفبركها، ومع كل خصومه السياسيين. ملايين تطير هنا وهناك، أوراق من كل الجهات، مرة العراق ومرة ليبيا ومرة حزب الله ومرة إيران ومرة قطر، وكأن هذا «الصبرى ياسين» جهاز مخابرات مستقل بذاته، يتفوق فى مقدرته على الإتيان بأثمن المعلومات والوثائق على المخابرات الأمريكية والروسية والإسرائيلية والمصرية والسعودية والإيرانيةوالقطرية والليبية والعراقية مجتمعة، فى حين أنه وفقًا للمتاح عنه من معلومات كان ضابطًا فاشلًا، أنهى خدمته قبل أن يبدأها، وخرج إلى المعاش وهو مازال برتبة مقدم، وحصل على ترقية المعاش ليحصل على لقب عقيد، لكن العيب ليس فى مثل هذه الشخصيات المخبولة، إنما فيمن يتركه هكذا يعبث باستقرار مصر وعلاقاتها مع أشقائها دون سجن أو مساءلة.