سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حيثيات تأييد حبس "أبو إسلام" 5 سنوات بتهمة حرق الإنجيل.. محكمة النقض ترسى مبدأ قانونياً يوضح حرية الاعتقاد.. وتؤكد: لا تبيح لمن يجادل فى أصول أى دين امتهان حرمته.. ومن يزدرى الأديان لا يحتمى بالحرية
تنفرد "اليوم السابع" بنشر حيثيات الحكم الصادر من دائرة الأحد "أ" جنائى بمحكمة النقض، برئاسة المستشار طه قاسم، برفض الطعن رقم 21602 لسنة 84 قضائية، وتأييد حبس الداعية السلفى أحمد محمد محمود عبد الله، الشهير ب" الشيخ أبو أسلام"، 5 سنوات لاتهامه بتمزيق الإنجيل وحرقه أمام السفارة الأمريكية، وازدراء الدين المسيحى، والقاعدة القانونية الجديدة التى أرستها محكمة النقض لشرح حرية الاعتقاد التى كفلها الدستور المصرى، والخطوط الحمراء لتناول الأديان. الوقائع تضمنت حيثيات حكم الإدانة فى القضية رقم 36800 لسنة 2012 جنح مدينة نصر، والمستأنفة برقم 11402 لسنة 2013 جنح مستأنف شرق القاهرة، أن النيابة العامة تلقت بلاغاً قدمه كل من المحامى ممدوح رمزى، وناصر العسقلانى، عضو المكتب التنفيذى للجنة الحريات بنقابة المحامين، يتهم الشيخ أبو إسلام بازدراء الديانة المسيحية، وإثارة الفتنة الطائفية. وذكرت الوقائع أن "أبو إسلام" أعلن فى وسائل الإعلام والصحف أنه قام بتمزيق الإنجيل أمام السفارة الأمريكية، وقال نصاً: "المرة المقبلة سأحضر حفيدى الصغير لكى يتبول عليه"، وقد تضمنت تصريحاته الصحفية ترويجاً لأفكار متطرفة زاعما أنها أحكام فى الشريعة الإسلامية. وزعم المتهم أن الإسلام يستوجب سب المسيحيين والاعتداء عليهم بالقول رداً على ما نسب لأقباط المهجر من إنتاج فيلم مسىء لرسول الله صلى الله عليه وسلم - ووجه دعوات تحريضية وإيثارية ضد الطوائف المنتمية للديانة المسيحى، واصفا إياهم بأنهم شركاء فى الإساءة للدين الإسلامى وهو ما يضر بالوحدة الوطنية وتكدير الأمن العام. وبناء على ما سبق انتهت التحقيقات إلى إدانة الشيخ أبو إسلام، لارتكابه جرائم استغلال الدين فى الترويج بالقول لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء أحد الأديان السماوية والطوائف المنتمية إليه، والإضرار بالوحدة الوطنية، بأن أساء الإشارة إلى الدين المسيحى من خلال الترويج لأفكار زعما نسبتها لأحكام الشريعة الإسلامية، وإتلاف وتدنيس رمزاً له حرمة عند أبناء ملة من الناس بأن مزق وأحرق كتاب الإنجيل، والتعدى بالقول والفعل بطريق العلانية على أحد الأديان التى تؤدى شعائرها علنا، بأن جهرا بالقول والنشر بجريده التحرير عبارات تزدرى الدين المسيحى وكتابه المقدس، وأتلف نسخة منه بالطريق العام أمام السفارة الأمريكية. وتداولت القضية بالجلسات وقضت الجنح بإدانته بالسجن 11 عاماً عن الاتهامات المنسوبة إليه، إلا أنه تقدم باستئناف على الحكم الذى أصدرت محكمة جنح مستأنف مدينة نصر حكماً بقبوله شكلاً وفى الموضوع بتعديل حكم حبسه لخمس سنوات فقط، مما دفع المتهم للطعن أمام محكمة النقض لإلغاء الحكم وهو ما رفضته محكمة النقض وأيدت حبسه 5 سنوات. أدلة إدانة "أبو إسلام" وذكرت الحيثيات أنه بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً، تبين أن واقعة الدعوى يتحقق بها كافة العناصر القانونية للجرائم التى تدين الداعية السلفى "أبو إسلام"، وثبوتها فى حقه بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. وأعتمدت المحكمة فى إدانة المتهم إلى الأدلة المستقاة من أقوال الشهود، واعتراف الشيخ أبو إسلام، ومقاطع الصوت والفيديو، والمداخلات التلفزيونية، والأحاديث الصحفية، وكل هذه أدلة سائغة وكافية لإدانته بارتكاب الجرائم المنسوبة إليه. وجاءت الأدلة كالتالى: مقطع يحمل عنوان (أحمد عبد الله يعلن عن حرقه للإنجيل أمام السفارة)، يتضمن ظهور سيارة متوقفة بالطريق العام يستقلها شاب ذو لحية كثيفة يضع نظارة وممسكاُ بمكبر صوت يخرج من نافذة سيارة يحيط بها أشخاص، قائلا: "كما أحرقوا القرآن فى كل ثكناتهم العسكرية"، ثم يظهر على الشاشة أن الجالس على المقعد المجاور لقائد السيارة يترجل منها وتبين أنه المتهم الأول الشيخ أحمد محمد محمود عبد الله، الشهير ب"أبو إسلام"، مرتدياُ جلباب أبيض ويقوم بإلقاء السلام على المحيطين بالسيارة. وقال قائد السيارة: "أبو إسلام أحرق أمام بوابة السفارة الأمريكية كتاب المسيحيين الباطل كما أحرقوا القرآن فى كل ثكناتهم العسكرية، العين بالعين السن بالسن إذا أحرقوا مسلما أحرقناهم، وإذا أحرقوا كتابنا أحرقنا كتبهم وفى عقر ديارهم، لعنة الله على الكلاب"، ومن ثم أخذ أبو إسلام مكبر الصوت وقال: "المرة القادمة سوف نتبول عليه المرة القادمة سوف نتبول عليه. ومقطع آخر يحمل عنوان "غوغاء وشيوخ سلفيون يحرقون الإنجيل فى مصر"، ويظهر فى هذا المقطع العديد من الأشخاص المتجمهرين بالطريق العام ويقف أمامهم على مكان مرتفع "أبو أسلام" مرتدى جلبابا أبيض بجانبه بعض الأشخاص، ثم يتحدث عبر مكبر صوت وهو يمسك فى يده كتاباُ يفهم من سياق الحديث أنه المصحف الشريف، قائلا: "هذا هو الكتاب ومكانه فوق الرؤوس لأنه الوحى على خير الناس". تمزيق الإنجيل ثم وضع المصحف وأمسك بكتاب آخر قائلاً: "هذا الكتاب هو الكتاب المسيحى باللغة العربية سنكون أكثر احتراماُ وأدبا معهم، لن نفعل مثل وقاحتهم مع كتاب ربنا، رسالة إلى المسيحيين المصريين نكرمكم اليوم وسوف نقول إننا سنحترمه مؤقتاُ، سنحترم هذا الكتاب الذى باللغة العربية"، ثم يضع المتهم نسخة الإنجيل التى كانت بحوزته ثم يمسك بكتاب أخر، ويصيح قائلاُ: "وهذا الكتاب هو الكتاب الذى يعتقد به جون تيرى الكلب ومن معه من الكلاب المسيحيين المصريين فى أمريكا، لا نملك اليوم إلا أن نحرقه"، وحينئذ يقوم بتمزيقه يلقى الأوراق الممزقة على المتجمهرون الذين يكبرون ويهتفون. ثم يعاود المتهم الحديث قائلاً: "إنذار إلى عبدة الصليب فى كل أنحاء العالم، لن نسكت اليوم فقط مزقناه"، وعلى أثر ذلك يظهر مشهد لنجل أبو إسلام بجانب والده يقوم بالإمساك بالنسخة الممزقة على مرأى بين المتجمهرين صائحاُ "ولاعة.. ولاعة"، ثم يشعل النار بها وعقب ذلك يغادر المتهم أحمد محمد عبد الله الشهير بأبو أسلام موقعه بعد إلقاء السلام على المتجمهرين الذين أخذوا يهتفون: "قادم قادم يا إسلام حاكم حاكم يا قرآن.. الشعب بيقول إلا الرسول". والمقطع المعنون ب"لقاء نارى بين أبو إسلام ممزق الإنجيل وممدوح رمزى"، ويتضمن حلقة لبرنامج "الشعب يريد" المذاع على قناة التحرير الذى تقدمه المذيعة دينا عبد الفتاح، ويظهر فيه المتهم "أبو إسلام" يتحدث حول الكتاب المقدس لدى المسيحيين، ويعرض عدة نسخ للإنجيل ليدلل على عدم وجود نسخة واحدة للكتاب المقدس وبأنه لا يوجد إنجيل على وجه الأرض، وأن الإنجيل مختلف فى جميع دول العالم ولا يوجد طبعة متفقة مع آخرى، ويرد عليه ممدوح رمزى بأن الإنجيل مترجم لكل اللغات وأن الإنجيل فى كل دول العالم واحد، وأنا كمسيحى ليس من حقى أخلاقيا وأدبيا أن أتحدث فى القرآن الكريم، وقال "لكم دينكم ولى دين"، ثم تسأله المذيعة فيما يتعلق بتمزيقه للإنجيل قطعت الإنجيل، فيجيب أبو إسلام: "قطعت الإنجيل". حيثيات النقض وقالت المحكمة: ثبت أن المتهم قام بالترويج لأفكار متطرفة زاعما أنها أحكام شرعية، مبناها وجوب سب المسيحيين والاعتداء عليهم بالقول، ردا على ما نسب لبعض أقباط المهجر من إنتاج فيلم مسىء لرسول الله صلى الله عليه وسلم – حيث صرح المتهم بأن سب من سبنا هو واجب شرعى، واستطرد مقرا بتمزيقه الإنجيل بإعتباره الكتاب المقدس للمسيحيين. كما أستخدم ألفاظ مشينة نحو مقدسات الدين المسيحى ومعتقداته، مصرحا هذه المرة مزقت كتابهم المقدس والمرة المقبلة سأحضر حفيدى الصغير لكى يتبول عليه أمام الكاتدرائية إن لم يرتدعوا، كما وجه دعوات تحريضية وإيثارية ضد الطوائف المسيحية، مما يهدد الأمن العام والسلم الاجتماعى. وأوضحت الحيثيات، أن دفاع "أبو إسلام" دفع أمام محكمة النقض بأن موكله أستاذاً أكاديمياً متخصصا فى علم مقارنة الأديان، له مؤلفات مسجلة بمكتبة الكونجرس الأمريكية، وأنه لا يجوز توقيع عقوبة الحبس ضده بوصفه إعلامياً وصحفياً، وأن ما تناوله خاص بحرية العقيدة التى كفلها الدستور والقوانين والمواثيق العالمية. جريمة السخرية من الأديان وفندت محكمة النقض هذه الجزئية بإرساء مبدأ قانونى جديد، أرست محكمة النقض، مبدأ قانونياً جديداً يقضى بأن حرية الاعتقاد واعتناق الأديان، لا تبيح لمن يجادل فى أصول أى دين من الأديان امتهان حرمته، أو الحط من قدره، أو ازدرائه عن عمد، وتضع مرتكب تلك الجريمة تحت طائلة القانون. وقالت إن كانت حرية الاعتقاد مكفولة بمقتضى الدستور إلا أن هذا لا يبيح لمن يجادل فى أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره إو يزدريه عن عمد منه، فإذا ما تبين أنه كان يبتغى بالجدل الذى أثاره المساس بحرمة الدين السخرية منه فليس له أن يحتمى من ذلك بحرية الاعتقاد.